أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنبأنا محمد بن أحمد بن الحارث أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي أنبأنا عبد الله بن محمود أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال أنبأنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد حدثني عمرو بن الحارث عن دراج بن أبي السمح عن أبي الهيثم بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: " سرادق النار أربعة جدر كثف كل جدار مثل مسيرة أربعين سنة ". قال ابن عباس: هو حائط من نار. وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن. وقال الكلبي: هو عنق يخرج من النار فيحيط بالكفار كالحظيرة. وقيل: هو دخان يحيط بالكفار وهو الذي ذكره الله تعالى: " انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب " ( المرسلات - 30). ( وإن يستغيثوا) من شدة العطش ( يغاثوا بماء كالمهل) أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنبأنا محمد بن أحمد بن الحارث أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي أنبأنا عبد الله بن محمود أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال حدثنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد حدثنا عمرو بن الحارث عن دراج بن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ( بماء كالمهل) قال كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه فيه ".
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة الكهف - قوله تعالى وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر - الجزء رقم21
(يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) وهو كل من حكم بغير شرع الله فهو طاغوت، والحال أنهم (قد أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) فكيف يجتمع هذا والإيمان؟ فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه في كل أمر من الأمور، فمَنْ زعم أنه مؤمن واختار حكم الطاغوت على حكم الله، فهو كاذب في ذلك، وهذا من إضلال الشيطان إياهم. (وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) أي: أن الشيطان يريد أن يصد هؤلاء المتحاكمين إلى الطاغوت عن سبيل الحق والهدى، فيضلهم عنها ضلالاً بعيداً يعني: فيجور بهم عنها جوراً شديداً. • الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، والمراد بالطاغوت هنا: كل ما خالف الشرع. • قوله تعالى (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) هذا محل التعجب. • قوله تعالى (بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) وهو القرآن. القرآن الكريم - تفسير البغوي - تفسير سورة الكهف - الآية 29. • والطاغوت: ما تجاوز به العبد حده من متبوع أو معبود أو مطاع، كما ذكره ابن القيم، ويدخل في ذلك التحاكم إلى الهيئات والمنظمات التي تحكم بغير شرع الله، وكذلك التحاكم إلى القوانين الوضعية. (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ) الضمير يعود إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إلى الرسول وهم المنافقون من أهل الكتاب.
القرآن الكريم - تفسير البغوي - تفسير سورة الكهف - الآية 29
وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) قول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا محمد للناس: هذا الذي جئتكم به من ربكم هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هذا من باب التهديد والوعيد الشديد ؛ ولهذا قال: ( إنا أعتدنا) أي: أرصدنا) للظالمين) وهم الكافرون بالله ورسوله وكتابه ( نارا أحاط بهم سرادقها) أي: سورها. قال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لسرادق النار أربعة جدر ، كثافة كل جدار مسافة أربعين سنة ". وأخرجه الترمذي في " صفة النار " وابن جرير في تفسيره ، من حديث دراج أبي السمح به [ وقال ابن جريج: قال ابن عباس: ( أحاط بهم سرادقها) قال: حائط من نار] وقال ابن جرير: حدثني الحسين بن نصر والعباس بن محمد قالا: حدثنا أبو عاصم ، عن عبد الله بن أمية ، حدثني محمد بن حيي بن يعلى ، عن صفوان بن يعلى ، عن يعلى بن أمية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البحر هو جهنم " قال: فقيل له: [ كيف ذلك ؟] فتلا هذه الآية - أو: قرأ هذه الآية -: ( نارا أحاط بهم سرادقها) ثم قال: " والله لا أدخلها أبدا أو: ما دمت حيا - ولا تصيبني منها قطرة ".
وجملة إنا أعتدنا للظالمين نارا مستأنفة استئنافا بيانيا; لأن ما دل عليه الكلام من إيكال الإيمان والكفر إلى أنفسهم وما يفيده من الوعيد ، كلاهما [ ص: 308] يثير في النفوس أن يقول قائل: فماذا يلاقي من شاء فاستمر على الكفر ، فيجاب بأن الكفر وخيم العاقبة عليهم. والمراد بالظالمين: المشركون قال تعالى إن الشرك لظلم عظيم. وتنوين نارا للتهويل والتعظيم. والسرادق بضم السين قيل: هو الفسطاط ، أي الخيمة ، وقيل: السرادق: الحجزة بضم الحاء وسكون الزاي ، أي الحاجز الذي يكون محيطا بالخيمة يمنع الوصول إليها ، فقد يكون من جنس الفسطاط أديما أو ثوبا ، وقد يكون غير ذلك كالخندق ، وهو كلمة معربة من الفارسية ، أصلها ( سراطاق) قالوا: ليس في كلام العرب اسم مفرد ثالثه ألف ، وبعده حرفان ، والسرادق: هنا تخييل لاستعارة مكنية بتشبيه النار بالدار ، وأثبت لها سرادق مبالغة في إحاطة دار العذاب بهم ، وشأن السرادق يكون في بيوت أهل الترف ، فإثباته لدار العذاب استعارة تهكمية. والاستغاثة: طلب الغوث ، وهو الإنقاذ من شدة ، وبتخفيف الألم ، وشمل يستغيثوا الاستغاثة من حر النار يطلبون شيئا يبرد عليهم ، بأن يصبوا على وجوههم ماء مثلا ، كما في آية الأعراف ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء ، والاستغاثة من شدة العطش الناشئ عن الحر فيسألون الشراب ، وقد أومأ إلى شمول الأمرين ذكر وصفين لهذا الماء بقوله يشوي الوجوه بئس الشراب.