وقال أبو الوليد الباجي رحمه الله تعالى:
" قوله صلى الله عليه وسلم: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ المُنْكَرَاتِ): يقتضي أن فعل الخيرات وترك المنكرات: إنما هو بفضل الله وتوفيقه وعصمته " انتهى من "المنتقى" (1 / 361). وهذا شبيه بما يدعو به المسلم في كل صلاة أثناء قراءته لسورة الفاتحة، لقوله تعالى:
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ الفاتحة/6 – 7. دعاء اللهم اعني ولا تعن علي التوزيع. وقوله صلى الله عليه وسلم: ( وَحُبَّ المَسَاكِينِ) وهو الدعاء بأن يوفقه ، وييسر له حبّ المساكين.
" والمسكين ها هنا المتواضع كله، الذي لا جبروت فيه ولا كبر، الهين اللين السهل القريب، وليس بالسائل؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد كره السؤال ونهى عنه وحرمه على من يجد ما يغديه ويعشيه. وقد أوضحنا ذلك في التمهيد وإنما المعنى في المسكين ها هنا المتواضع الذي لا جبروت فيه ولا نحوه، ولا كبر ولا بطر ولا تجبر ولا أشر " انتهى من "الاستذكار" (8 / 171). والمعنى في ذلك: أن حبّ هؤلاء المساكين، يدل على أن حب المسلم للمسلمين، هو حب خالص لوجه الله تعالى، وليس لغرض دنيوي.
- دعاء اللهم اعني ولا تعن علي التوزيع
دعاء اللهم اعني ولا تعن علي التوزيع
كما أن حب هؤلاء المساكين والعطف والرحمة بهم: كل هذا يستجلب رحمة الله تعالى لهذا المسلم، المحب لإخوانه المساكين؛ لأن الجزاء من جنس العمل. اجمل الادعية الدينية - موضوع. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ رواه الترمذي (1924) وغيره، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ". كما أن محبة هؤلاء المساكين ومجالستهم تزهّد المسلم في الدنيا. قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
" والمقصود أن حب المساكين أصل الحب في الله تعالى؛ لأن المساكين ليس عندهم من الدنيا ما يوجب محبتهم لأجله، فلا يحبون إلا لله عز وجل و ( الحب في الله من أوثق عرى الإيمان)، و ( من علامات ذوي حلاوة الإيمان)، وهو ( صريح الإيمان)، وهو ( أفضل الإيمان)، وهذا كله مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وصف به الحب في الله تعالى " انتهى من "اختيار الأولى" (ص 94).
عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يدعو: «ربِّ أَعِنِّي ولا تُعِن عليَّ، وانصرني ولا تنصر عليَّ، وامكر لي ولا تمكر عليَّ، واهدني ويسِّر هُدايَ إليَّ، وانصرني على مَن بغى عليَّ، اللهم اجعلني لك شاكرًا، لك ذاكرًا، لك راهبًا، لك مِطواعًا، إليك مُخْبِتًا، أو مُنِيبا، رب تقبَّل توبتي، واغسل حَوْبتي، وأجب دعوتي، وثبِّت حُجَّتي، واهدِ قلبي، وسدِّد لساني، واسْلُلْ سَخِيمةَ قلبي». [ صحيح. شرح دعاء "اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة" - الكلم الطيب. ] - [رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد. ]