عربى - التفسير الميسر: كم ترك فرعون وقومه بعد مهلكهم واغراق الله اياهم من بساتين وجنات ناضره وعيون من الماء جاريه وزروع ومنازل جميله وعيشه كانوا فيها متنعمين مترفين
كم تركوا من جنات وعيون
وتركوا ما متعوا به من الحياة الدنيا وأورثه الله بني إسرائيل الذين كانوا مستعبدين لهم ولهذا قال: { كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ}
مقام إبراهيم المعاني المهجورة - جريدة الوطن السعودية
وفي موضعٍ آخر قال: ﴿ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الشعراء: 59]، وبنو إسرائيل لم يَرِثوا مُلكَ فرعون بالذات، ولكنهم ورثوا مُلكًا مثله في الأرض الأخرى، فالمقصودُ إذًا هو نوعُ الملك والنعمة، الذي زال عن فرعونَ ومَلَئِه، وورثه بنو إسرائيل! ثم ماذا؟ ثم ذهب هؤلاءِ الطغاةُ الذين كانوا ملء الأعين والنفوس في هذه الأرض، ذهبوا فلم يأسَ على ذَهابهم أحدٌ، ولم تشعرْ بهم سماءٌ ولا أرضٌ، ولم يُنْظَروا أو يُؤَجَّلوا عندما حَلَّ الميعاد: ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴾ [الدخان: 29]. مقام إبراهيم المعاني المهجورة - جريدة الوطن السعودية. وهو تعبيرٌ يُلقي ظلالَ الهوان، كما يُلقي ظلال الجفاء، فهؤلاءِ الطغاةُ المتعالون لم يشعرْ بهم أحدٌ في أرضٍ ولا سماء، ولم يأسَفْ عليهم أحدٌ في أرضٍ ولا سماء، وذهبوا ذهاب النِّمال، وهم كانوا جبَّارين في الأرض، يطَؤُون الناسَ بالنِّعال! وذهبوا غير مأسوفٍ عليهم، فهذا الكونُ يَمْقُتُهم لانفصالهم عنه، وهو مؤمنٌ بربه، وهم به كافرون! وهم أرواحٌ خبيثةٌ شريرةٌ منبوذة مِن هذا الوجود وهي تعيش فيه! ولو أحَسَّ الجبَّارون في الأرض ما في هذه الكلمات مِن إيحاءٍ؛ لأدْركوا هوانهم على الله، وعلى هذا الوجود كله، ولأدركوا أنهم يعيشون في الكونِ مَنبوذين منه، مَقْطوعين عنه، لا تربطهم به آصِرَةٌ، وقد قطعتْ آصرة الإيمان".
هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features