الفوائد: مصارف الزكاة. حددت هذه الآية الأصناف الثمانية الذين تجب لهم الزكاة وهم: 1- الفقراء. 2- المساكين: وهم المحتاجون الذين لا يفي دخلهم بحاجتهم، ثم اختلف العلماء في الفرق بين الفقير والمسكين، فقال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة والزهري: الفقير الذي لا يسأل والمسكين السائل، وقال الشافعي: الفقير من لا مال له ولا حرفة، والمسكين من له مال أو حرفة، ولكن لا تقع منه موقعا لكفايته. وقال الفقهاء الفقير من كان مورده أقل من نصف حاجته، والمسكين من كان مورده أكثر من نصف حاجته. 3- الْعامِلِينَ عَلَيْها: وهم السعاة الذين يتولون جباية الصدقات وقبضها من أهلها ووضعها في جهتها، فيعطون من مال الصدقات بقدر أجور أعمالهم، سواء كانوا فقراء أم أغنياء. انما الصدقات للفقراء و المساكين. وهذا قول ابن عمر، وبه قال الشافعي. 4- الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ: وهم قسمان: مسلمون وكفار، فالمسلمون قسمان: قسم من أشراف العرب ووجوه القبائل كان صلى اللّه عليه وسلم يعطيهم ليتألف قلوبهم، وكان إسلامهم ضعيفا وقوم أسلموا وكان إسلامهم قويا، لكن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يعطيهم تألفا لقومهم. وأما القسم الثاني، فهم المسلمون البعيدون عن إخوانهم، والمتاخمون للكفار، وهم ضعفاء، فيعطون ليبقى إيمانهم قويا، وكي لا يغرّر بهم الكفار، وأما المؤلفة من الكفار فهم قوم يخشى شرهم ويرجى إسلامهم.
إنما الصدقات للفقراء و
[٥]
أنواع الصدقات
تنقسم الصدقة إلى نوعين رئيسيّين، وهما صدقة النافلة، والصدقة المفروضة وهي الزكاة الواجبة، ويمكن القول إن صدقة النافلة تشمل أوجه الإحسان إلى الفقراء والمساكين من أموال غير الزكاة، أما الزكاة المفروضة فلها شروط خاصة، ومصارف معيّنة شرعاً، كما في قول الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ) ، [٦] وفيما يأتي بيان كل نوعٍ على حذة. [٧]
صدقة النافلة
حثّ الإسلام على البذل والعطاء، وقد وردت الكثير من النصوص الشرعية التي تشجّع على ذلك، ومنها ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الصَّدقةُ تُطفئُ غضَبَ الرَّبِّ وتدفَعُ مِيتةَ السُّوءِ) ، [٨] ومن الجدير بالذكر أن صدقة التطوع لا تقتصر على نوعٍ واحدٍ من أعمال الخير ، وإنما تشمل الكثير من الأعمال، فكل معروفٍ صدقة، مصداقاً لما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (كلُّ معروفٍ صدقةٌ وإنَّ منَ المعروفِ أن تلقَى أخاكَ بوجْهٍ طَلقٍ وأن تُفرِغَ مِن دلْوِكَ في إناءِ أخيكَ).
إنما الصدقات للفقراء مكتوبة
يسخطون) قال: هم أكثر من ثلثي الناس. أقول: ورواه العياشي في تفسيره و الحسين بن سعيد في كتاب الزهد عن إسحاق عنه عليه السلام. وفي الدر المنثور أخرج البخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: بينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقسم قسما إذ جاءه ذو الخويصرة التميمي فقال: اعدل. يا رسول الله فقال: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل. انما الصدقات للفقراء – لاينز. فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعه فان له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فينظر في قذذه فلا يوجد فيه شئ، ثم ينظر في نضيه فلا يرى فيه شئ ثم ينظر في رصافه فلا يرى فيه شئ، ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شئ، قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل اسود إحدى ثديه - أو قال: ثدييه - مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدر در يخرجون على حين فرقة من الناس قال: فنزلت فيهم: (ومنهم من يلمزك في الصدقات) الآية. قال أبو سعيد: اشهد انى سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأشهد ان عليا حين قتلهم وانا معه جئ بالرجل على النعت الذي نعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
بل يعد الزواج أحد الحاجات الأساسية، وقد نص عليه المالكية قديما. ويعطى الفقير والمسكين على قدر الحاجة والضرورة، والضرورة: ما لا بدَّ منه في قيام مصالحِ الدِّين والدنيا. وهي مشقة غير محتملة، بخلاف الحاجة، فهي مشقة محتملة. الحد الفاصل بين الفقر والغنى:
و اختلف الفقهاء في الحد الفاصل بين الفقر والغنى ، ويترتب عليه حق إعطاء الإنسان الزكاة من عدمه، وذلك على النحو التالي:
المذهب الأول: ذهب جمهور الفقهاء على أن الحد الفاصل بين الفقر والغنى هو الكفاية، فمن كان عنده ما يكفيه؛ فلا يستحق الزكاة، وإن كان الإنسان لا يملك ما يكفيه ولو بلغ نصاب الزكاة؛ فهو مستحق للزكاة، فالعبرة عندهم بتحقق الكفاية. انما الصدقات للفقراء - الطير الأبابيل. المذهب الثاني: وهو مذهب الأحناف، أن الحد الفاصل بين الفقر والغنى هو ملك نصاب الزكاة، أي ما يعادل 85 جراما من الذهب، حتى وإن لم يكن يكفيه. واستدلوا بحديث ابن عباس – رضي الله عنهما- عند البخاري:" فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم". توقيفية التعريف
لابد من التفريق بين ما هو منصوص عليه ومجمع عليه أيضا، وبين ما هو محل اجتهاد في المسألة نفسها، فالنص على أن الفقراء والمساكين من مصارف الزكاة، وهذه محل إجماع بين الفقهاء بنص القرآن، لكن تحديد من هو الفقير ومن هو المسكين، وتحديد الضرورات والحاجات التي من خلالها يمكن صرف الزكاة له بناء على ذلك هي محل اجتهاد، وهو ما يعرف عند الفقهاء بـ( تحقيق المناط)، ولا شك أن استخراج تحقيق المناط من مسائل الاجتهاد وليس من المسائل التوقيفية.