يقول تعالى: (كَلا إِنَّ كِتَابَ الأبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) (المطففين/ 18-21). فئات البشر يوم القيامة:
يقسم القرآن البشر يوم القيامة إلى فئات: أصحاب الميمنة: وهم السعداء، وأصحاب المشأمة: وهم الأشقياء، والسابقون: وهم الذين نالوا القرب الإلهي. يقول تعالى: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ* وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ* وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (الواقعة/ 7-12). القرب من الله. الإيمان والقرب:
إنّ المعرفة والإيمان بالله تعالى هما أساس التكامل والقرب الإلهي، فإن من لا يعرف هدفه والمصير الذي يؤول إليه ولا يؤمن بهما فإنّه لن يسعى للتزكية والقرب من الله تعالى، وبالتالي فإنّه لن يقطع مسافة على الصراط المستقيم؛ وبما أنّه في الدنيا لم يطوِ الطريق فإنّه في الآخرة لن يجوز الصراط. يقول تعالى: (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ) (المؤمنون/ 74). إنّ من لا يعرف الآخرة ولا يؤمن بها فإنّه لن يسعى لقطع المسافة على الصراط المستقيم بل سيضل عنه، ومن يضلّ عنه في الدنيا فإنّه لن يتجاوزه في الآخرة.
أهمية القرب من الله
وسائل التقرب إلى الله عزّ وجل • كيف تكُن أعبد الناس ؟ || الدكتور محمد راتب النابلسي - YouTube
وهذا معنى القول يسمع به وينطق، من دون أن يقع نظر العبد على المنظور إليه إلا بقلبه موحداً، وكذلك بلطائف أسرار حكمته ومواقع قدرته. فيشهد بعين التدبير وتحقيق التقدير وتصديق التصوير. وقديماً قال الشاعر الإسلامي: وفي كل شيء له شاهد يدل على أنه واحد المغفرة جزاء الإحسان فتقرب العبد وإتيان ربه، يكون عادة بالإحسان، أما تقرب الحق وإتيان عبده، فيتم بالامتنان. والمراد في ذلك كله أن اللّه سبحانه وتعالى هو الذي أدنى عبده منه لامتنانه من أعماله الصالحة وطاعاته وعباداته وأداء فرائضه. إذ تقرب العبد وإتيانه ربه عز وجل، إنما يتم بالتوبة والإثابة. القرب من الله الألوكة. أما تقرب الباري إليه، فيكون بالرحمة والمغفرة. وإذا تقرب العبد إليه بالسؤال، تقرب إليه اللّه عز وجل بالنوال. وإذا كان تقرب العبد من اللّه بالسر، فإن تقرب اللّه من عبده يكون بالبشر. في هذا المعنى، يقول العلماء والفقهاء الأجلاء، إن اللّه عز وجل جعل تقرب العبد منه، بما أمره به من عبادات. وعلى العبد أن يدرك أن تقربه من ربه، إنما يكون بشهادته بوحدانيته. والكلام عن طريق القرب والإتيان إنما يكون عن طريق القلوب، بحسب ما يجده العابدون من أخبار دنو من يدنو منه سبحانه وتعالى أو قرب من يتقرب إليه أو اتيان من يأتيه عز وجل.
ذ. أحمد المتوكل / النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ذ. أحمد المتوكل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أُعَلِّمُكُم))1، وفي رواية لابن ماجة: ((مِثْلُ الوالد)) ومن خلال توجيهاته صلى الله عليه وسلم وتعاملاته ورحمته وعطفه ورعايته واهتمامه مع الصحابة رضي الله عنهم ظهر منه صلى الله عليه وسلم حُنُوُّ الوالد وحرصُه على النفع ووفاؤه وأمانته وتفانيه، وما كل والدٍ بحريص على منافع أولاده الدينية والدنيوية كرسول الله، بل هو صلى الله عليه وسلم أفضل وأحرص من كل والد. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأحزاب - الآية 6. رأفةٌ ورحمةٌ واهتمامٌ وحِرْص وحُنُوٌ وحَدَبٌ وإحسان، ولا إحسانَ أفضلَ وأتَمَّ من إحسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من مؤمن إلا وأنا أَوْلَى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرءوا إن شئتم: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}2، فأيما مؤمن ترك مالا فليرثْه عَصَبَتُه مَنْ كانوا، فإن ترك دَيْنا أو ضَياعا فليأتني فأنا مولاه))3. وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنا أَوْلَى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دَيْنا أو ضَياعا فإلَيَّ وعَليَّ))4، أي أنا أحق بكل مؤمن من نفسه.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأحزاب - الآية 6
قال القرطبي: "هذه الآية أزال الله تعالى بها أحكاما كانت في صدر الإسلام، منها: أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على ميت عليه ديْن، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: ( أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلّي قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته)"..
وقال بعض العلماء: النبي أولى بهم من أنفسهم؛ لأن أنفسهم تدعوهم إلى الهلاك، وهو يدعوهم إلى النجاة.. ويؤيد هذا ما أخرجه مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إنما مثلي ومثل أمتي، كمثل رجل استوقد نارا، فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه، وأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقحمون فيه). وقيل: أولى بهم، أي أنه إذا أمر بشيء ودعت النفس إلى غيره، كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم أولى.. وقيل: أولى بهم، أي هو أولى بأن يحكم على المؤمنين فينفذ حكمه في أنفسهم، أي فيما يحكمون به لأنفسهم مما يخالف حكمه. قال الشوكاني: "فيجب عليهم أن يؤثروه بما أراده من أموالهم، وإن كانوا محتاجين إليها، ويجب عليهم أن يحبوه زيادة على حبهم أنفسهم، ويجب عليهم أن يقدموا حكمه عليهم على حكمهم لأنفسهم. وبالجملة فإذا دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم لشيء ودعتهم أنفسهم إلى غيره، وجب عليهم أن يقدموا ما دعاهم إليه ويؤخروا ما دعتهم أنفسهم إليه، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم، ويقدموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم وتطلبه خواطرهم".
قال ابن عطية: وقال بعض العلماء العارفين: هو أولى بهم من أنفسهم; لأن أنفسهم تدعوهم إلى الهلاك ، وهو يدعوهم إلى النجاة. قال ابن عطية: ويؤيد هذا قوله عليه الصلاة والسلام: أنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها تقحم الفراش. قلت: هذا قول حسن في معنى الآية وتفسيرها ، والحديث الذي ذكر أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه وأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقحمون فيه. وعن جابر مثله; وقال: وأنتم تفلتون من يدي. قال العلماء: الحجزة للسراويل ، والمعقد للإزار; فإذا أراد الرجل إمساك من يخاف سقوطه أخذ بذلك الموضع منه. وهذا مثل لاجتهاد نبينا عليه الصلاة والسلام في نجاتنا ، وحرصه على تخلصنا من الهلكات التي بين أيدينا; فهو أولى بنا من أنفسنا; ولجهلنا بقدر ذلك وغلبة شهواتنا علينا وظفر عدونا اللعين بنا صرنا أحقر من الفراش وأذل من الفراش ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! وقيل: أولى بهم أي أنه إذا أمر بشيء ودعت النفس إلى غيره كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم أولى. وقيل أولى بهم أي هو أولى بأن يحكم على المؤمنين فينفذ حكمه في أنفسهم; أي فيما يحكمون به لأنفسهم مما يخالف حكمه.