ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب العريش وهو يثب فى الدرع ويقول: { سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [ القمر: 45]،ثم أخذ حَفْنَةً من الحَصْبَاء، فاستقبل بها قريشًا وقال: ( شاهت الوجوه) ورمى بها فى وجوههم، فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه من تلك القبضة، وفى ذلك أنزل الله: { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى} [ الأنفال: 17]. إبليس ينسحب عن ميدان القتال
ولما رأى إبليس ـ وكان قد جاء فى صورة سراقة بن مالك بن جُعْشُم المدلجى كما ذكرنا، ولم يكن فارقهم منذ ذلك الوقت ـ فلما رأى ما يفعل الملائكة بالمشركين فر ونكص على عقبيه، وتشبث به الحارث بن هشام ـ وهو يظنه سراقة ـ فوكز فى صدر الحارث فألقاه، ثم خرج هاربًا، وقال له المشركون: إلى أين يا سراقة ؟ ألم تكن قلت: إنك جار لنا، لا تفارقنا ؟ فقال: { إِنِّى أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّى أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [ الأنفال: 48]، ثم فر حتى ألقى نفسه فى البحر. الهزيمة الساحقة
وبدأت أمارات الفشل والاضطراب فى صفوف المشركين، وجعلت تتهدم أمام حملات المسلمين العنيفة، واقتربت المعركة من نهايتها، وأخذت جموع المشركين فى الفرار والانسحاب المبدد، وركب المسلمون ظهورهم يأسرون ويقتلون، حتى تمت عليهم الهزيمة.
- هل ابليس من الملائكه ام من الجن
- ابليس من الجن ام الملائكة
هل ابليس من الملائكه ام من الجن
واستثناء إبليس من الملائكة في مثل قول الله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ {سورة البقرة:}، هذا ليس معناه أنه من جنسهم، وإنما كان يتعبد معهم، فأطلق عليه اسمهم، كالحليف يطلق على اسم القبيلة. كيف دخل ابليس الجنة – تريند الساعة – تريند الساعة. وقد دلت السنة على أن الملائكة خلقها الله تعالى من النور، كما في الحديث: خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ. رواه مسلم. وما دام أن إبليس من الجن، كما في نص القرآن، فإنه مخلوق من مارج من نار، وليس من النور؛ فإذن ليس هو من الملائكة. والله أعلم.
ابليس من الجن ام الملائكة
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) يقول تعالى منبها بني آدم على عداوة إبليس لهم ولأبيهم من قبلهم ، ومقرعا لمن اتبعه منهم وخالف خالقه ومولاه ، الذي أنشأه وابتداه ، وبألطاف رزقه وغذاه ، ثم بعد هذا كله والى إبليس وعادى الله ، فقال تعالى: ( وإذ قلنا للملائكة) أي: لجميع الملائكة ، كما تقدم تقريره في أول سورة " البقرة ". ( اسجدوا لآدم) أي: سجود تشريف وتكريم وتعظيم ، كما قال تعالى: ( وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) [ الحجر: 29 ، 28] وقوله ( فسجدوا إلا إبليس كان من الجن) أي: خانه أصله ؛ فإنه خلق من مارج من نار ، وأصل خلق الملائكة من نور ، كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: " خلقت الملائكة من نور ، وخلق إبليس من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم ". فعند الحاجة نضح كل وعاء بما فيه ، وخانه الطبع عند الحاجة ، وذلك أنه كان قد توسم بأفعال الملائكة وتشبه بهم ، وتعبد وتنسك ، فلهذا دخل في خطابهم ، وعصى بالمخالفة.
قالوا: أكِِفَّاء كرام، ما لنا بكم حاجة، وإنما نريد بنى عمنا، ثم نادى مناديهم: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا على)، فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا: من أنتم ؟ فأخبروهم، فقالوا: أنتم أكفاء كرام، فبارز عبيدة ـ وكان أسن القوم ـ عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة شيبة، وبارز على الوليد. فأما حمزة وعلى فلم يمهلا قرنيهما أن قتلاهما، وأما عبيدة فاختلف بينه وبين قرنه ضربتان، فأثخن كل واحد منهما صاحبه، ثم كَرَّ على وحمزة على عتبة فقتلاه، واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله، فلم يزل ضَمِنًا حتى مات بالصفراء، بعد أربعة أو خمسة أيام من وقعة بدر، حينما كان المسلمون فى طريقهم إلى المدينة. وكان على يقسم بالله أن هذه الآية نزلت فيهم: { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَبِّهِمْ} الآية [ الحج: 19]. ابليس من الجن ام الملائكة. الهجوم العام
وكانت نهاية هذه المبارزة بداية سيئة بالنسبة للمشركين؛ إذ فقدوا ثلاثة من خيرة فرسانهم وقادتهم دفعة واحدة، فاستشاطوا غضبًا، وكروا على المسلمين كرة رجل واحد. وأما المسلمون فبعد أن استنصروا ربهم واستغاثوه وأخلصوا له وتضرعوا إليه تلقوا هجمات المشركين المتتالية، وهم مرابطون فى مواقعهم، واقفون موقف الدفاع، وقد ألحقوا بالمشركين خسائر فادحة، وهم يقولون: أحَد أحَد.