2019-04-21, 02:47 AM #1 وكونوا عباد الله إخواناً جعل الله تعالى المؤمنين إخوة متحابين، لا ينبغي أن تكون بينهم عداوة ولا بغضاء ولا شحناء ولا تقاتل، ومما يترتب على هذه الأخوة الإيمانية: المحبة والمودة والتعاون والوحدة..
وإذا حدث خلاف أو إراقة دماء؛ فإن هذا استثناء يجب أن يُردَّ إلى الأصل فور وقوعه: (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) الحجرات/49. شرح حديث لا تباغضوا - موضوع. فمن الواجب المترتب على الأخوة الإيمانية الإصلاح بين المختلفين، وهذا ما تمليه أخوة الإيمان، ولا يجوز أن تترك الفرقة تدبُّ، والبغضاء تعمل عملها. قال صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخْوَاناً) متفق عليه. والمؤمنون بتكاتفهم وتعاضدهم ووحدتهم يصبح مثلهم مثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وهذا تأكيد على أهمية المحبة ولزوم الأخوة. ويتحتم على المؤمنين التعاون مع ولي الأمر عند وقوع الفتن حتى لا تتشعب المحن وتزداد الإحن؛ فإنه لا يوجد سبب يبلغ من ضخامته أن يفرق ما بين المسلم والمسلم من وشيجة الأخوة والمودة والمحبة؛ لذا يجب على كل مخلص لدينه ولوطنه ولأمته أن يسعى لإطفاء نار الفتنة، وإغلاق منابعها كلها، قال تعالى: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) البقرة/191.
شرح حديث لا تباغضوا - موضوع
((ولا يخذله)) في مقام يحب أن ينتصر فيه. ((ولا يَكْذِبه))؛ أي: لا يخبره بأمر على خلاف ما هو عليه؛ لأنه غش وخيانة. ((ولا يحقره))؛ أي: لا يستهين به، ولا يستصغره وينظر إليه بعين الاحتقار. ((التقوى)) اجتناب غضب الله وعقابه؛ بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وهو الميزان الذي يتفاضل به الناس عند الله تعالى؛ قال الله جل وعلا: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]. وكونوا عباد الله إخوانا - موقع د. علي بن يحيى الحدادي : موقع د. علي بن يحيى الحدادي. ((ها هنا - ويشير إلى صدره - ثلاث مراتٍ))؛ لأنه محل القلب الذي هو بمنزلة الملك للجسد، إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله، كما مر، وتكرار الإشارة للدلالة على عِظَم المشار إليه في الحقيقة، وهو القلب. ((بحَسْب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)) يعني: يكفيه من الشر احتقاره أخاه المسلم؛ فإنه إنما يحقر أخاه المسلم لتكبره عليه، والكِبْر من أعظم خصال الشر؛ ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يدخل الجنة مَن في قلبه مثقال حبةٍ من كبر)). ((كل المسلم على المسلم حرامٌ: دمُه))؛ أي: لا يجوز أن يتعدى عليه بقتل أو فيما دونه، ((وماله))؛ أي: أخذه بغير وجه حق؛ بسرقة أو نهب أو غير ذلك، ((وعِرضه))؛ أي: هتكه وذمه والوقوع فيه بالغيبة ونحوها.
وكونوا عباد الله إخوانا - موقع د. علي بن يحيى الحدادي : موقع د. علي بن يحيى الحدادي
الفوائد من الحديث:
1- أن الإسلام ليس عقيدة وعبادة فحسب، بل هو أخلاق ومعاملة أيضًا. 2- تحريم الحسد، والتناجش، والتباغض، والتدابر، وبيع المسلم على بيع أخيه، وشرائِه على شرائه. 3- وجوب تنمية الأخوة الإيمانية؛ لقوله: (وكونوا - عباد الله - إخوانًا). 4- الأخلاق المذمومة في شريعة الإسلام جريمة ممقوتة. 5- النية والعمل هما المقياس الدقيق الذي يزن الله به عباده، ويحكم عليهم بمقتضاه. 6- القلبُ هو منبع خشية الله والخوف منه. [1] الوافي (283). حديث «لا تحاسدوا ولا تناجشوا..» (1-3) - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت. [2] فتح المبين (227). [3] الجواهر اللؤلؤية شرح الأربعين النووية (328). [4] المجالس السنية (220). [5] الأذكار للنووي (426). [6] أخرجه أبو داود (3/ 224 ح 3256) البيان والتعريف (3/ 251 ح 1609) أسباب ورود الحديث للسيوطي (269 ح 70). [7] أخرجه أبو داود (4/ 220 ح 4681) عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه. [8] رواه البخاري (4/ 105 ح 6077). [9] الوافي (289).
حديث «لا تحاسدوا ولا تناجشوا..» (1-3) - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
شرح حديث
(لا تحاسَدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحاسَدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبِعْ بعضكم على بيع بعضٍ، وكونوا - عباد الله - إخوانًا، المسلم أخو المسلم: لا يظلِمه، ولا يخذُله، ولا يكذِبه، ولا يحقِره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مراتٍ - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرامٌ: دمُه ومالُه وعِرضه))؛ رواه مسلم. منزلة الحديث:
◙ هذا الحديث اشتمل على أحكام كثيرة وفوائد عظيمة لبلوغ هذه الغاية الإسلامية النبيلة، وحمايتها من كل عيب أو خلل، حتى لا تصبح الأخوة كلامًا يهتف به الناس، وخيالًا يحلمون به ولا يلمسون له في واقع حياتهم أي أثر [1]. ◙ قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: هو حديث كثير الفوائد، مشير إلى جل المبادئ والمقاصد، بل هو عند تأمل معناه وفهم مغزاه حاوٍ لجميع أحكام الإسلام منطوقًا ومفهومًا، ومشتمل على جميع الآداب أيضًا إيماءً وتحقيقًا [2]. ◙ قال الجرداني رحمه الله: هذا حديث عظيم الفوائد، ومن جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم [3]. ◙ قال الفشني رحمه الله: إن هذا الحديث عظيم الفوائد، كثير العوائد [4].
السلام عليكم فضيلة الشيخ علي بن يحيى الحدادي الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: فإن المؤمنين الموحدين لله رب العالمين هم إخوة في دين الله عز وجل وإن اختلفت ألوانهم وألسنتهم وبلدانهم، وإن تباعدت أوقاتهم وأزمانهم، كما قال تعالى ( إنما المؤمنون إخوة) وهذه الأخوة ليست كلمة تلاك باللسان دون أن يكون لها أثر على القلب أو على اللسان أو على الجوارح، بل هي أخوة حقيقية لها حقوقها وواجباتها. وحقوق الأخوة الإيمانية كثيرة يضيق المقام عن استيعابها لذا سأقتصر على شيء منها فمن حقوقها: 1- المحبة: وهذه المحبة محبة دينية الباعث عليها أن هذا العبد عبد مؤمن مسلم من أهل التوحيد فأنا أحبه لذلك لا لشيء من الدنيا ومطامعها، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) متفق عليه وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: ( أي عرى الإيمان أظنه قال أوثق؟ قال: الله ورسوله أعلم.