قوله: قلما كان رسول الله ﷺ يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات ، يؤخذ منه: مشروعية الدعاء بهذا في المجالس. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا سكر. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ، اقسم لنا يعني: أعطنا، وقدر لنا، من خشيتك أي: من خوفك المصحوب بالعلم، فهذه هي الخشية، "ما تحول به بيننا وبين معاصيك" يعني: ما يحجزنا عن المعصية، فإن الخوف من الله -تبارك وتعالى- إذا قل في القلب فإن ذلك يكون سببًا لجرأة العبد على ربه -تبارك وتعالى. ومن طاعتك يعني: اقسم لنا من طاعتك، ما تبلغنا به جنتك يعني: ما يكون سببًا لذلك، وهذا لا يعارض قول النبي ﷺ: لن يدخل أحدكم الجنة بعمله ، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته [2] ، فهذا لا يعارض هذا، وكذا ما جاء في قوله -تعالى- عن دخول أهل الجنة الجنة، وعن نعيمهم، جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأحقاف:14]، فالباء للسببية، فيقال: العمل سبب، ولكنه لا يستقل بمفرده، لابدّ معه من رحمة الله -تبارك وتعالى-؛ لأن الإنسان مهما عمل فإنه لا يستطيع أن يؤدي حق الله -تبارك وتعالى- عليه، ولا في نعمة واحدة، فلابدّ من رحمة الله، ولطفه بالعبد. قال: ومن اليقين يعني: اقسم لنا من اليقين، واليقين هو: العلم الجازم الراسخ المستقر في القلب الذي لا يقبل التشكيك، نحن نعلم أن هناك جنة، ونارًا، ويومًا آخِرًا، ومع ذلك تجد الإنسان قد يقصر في حق الله ، قد ينام عن الصلاة، ويفرط، قد يأخذ ما لا يحل له من المكاسب، والحساب غدًا فكيف؟ اليقين ضعيف، والله أمر بالصدقة في سبيله، ووعد عليها بالأضعاف المضاعفة، ومع ذلك النفس تضن بما عندها، والسبب: ضعف اليقين.
- ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا سكر
ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا سكر
رواه الترمذين، وقال حديث حسن
لاحظ هنا أمران: ذكر الله، والصلاة على النبي ﷺ. إلا كان عليهم تِرَة يعني: نقصًا. فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم ، ولا يعذبهم إلا على ترك الواجب، رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. وذكر حديثًا أيضًا:
عن أبي هريرة: أن النبي ﷺ قال: من قعد مقعدا لم يذكر الله تعالى فيه، كانت عليه من الله تعالى ترة، ومن اضطجع مضجعا لا يذكر الله تعالى فيه، كانت عليه من الله ترة ، وفي رواية: ومن مشى في طريق لم يذكر الله -تعالى- فيه، ومن اضطجع مضجعًا لا يذكر الله -تعالى- فيه [3]. ملتقى تفسير - ملتقى أهل التفسير. ثلاثة أشياء: جلس مجلسًا، مشى في طريق، اضطجع في مكان، لم يذكر الله -تعالى- فيه، كانت عليه من الله تِرَة ، أي: نقص، فهو ذكر هنا الاضطجاع، قال: ومن اضطجع مضجعًا لا يذكر الله -تعالى- فيه، كانت عليه من الله تِرَة رواه أبو داود، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه. أخرجه الترمذي، أبواب الدعوات عن رسول الله ﷺ، رقم: (3502)، وقال: هذا حديث حسن غريب، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: (1/ 272)، رقم: (1268). أخرجه البخاري، كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت، رقم: (5673)، ومسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى، رقم: (2816).
اللهم احفظني بالإسلام قائما، واحفظني بالإسلام قاعدا، واحفظني بالإسلام راقدا، ولا تشمت بي عدوا ولا حاسدا. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا السبع. اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك". اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم. اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر [ما استعاذ بك] [منه] عبدك ونبيك. اللهم إني أسألك الجنة، وماقرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي، وترحمني، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون،وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ونعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك محمد صلى الله عليهوسلم، وأنت المستعان، وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة إلا بالله".