۞ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) يقول تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ} من لم تفد فيهم الآيات والنذر، وهم {الصُّمُّ} عن استماع الحق {الْبُكْمُ} عن النطق به. {الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} ما ينفعهم، ويؤثرونه على ما يضرهم، فهؤلاء شر عند اللّه من جميع الدواب، لأن اللّه أعطاهم أسماعا وأبصارا وأفئدة، ليستعملوها في طاعة اللّه، فاستعملوها في معاصيه وعدموا ـ بذلك ـ الخير الكثير، فإنهم كانوا بصدد أن يكونوا من خيار البرية. فأبوا هذا الطريق، واختاروا لأنفسهم أن يكونوا من شر البرية،والسمع الذي نفاه اللّه عنهم، سمع المعنى المؤثر في القلب، وأما سمع الحجة، فقد قامت حجة اللّه تعالى عليهم بما سمعوه من آياته،وإنما لم يسمعهم السماع النافع، لأنه لم يعلم فيهم خيرا يصلحون به لسماع آياته.
- ان شر الدواب الصم البكم
ان شر الدواب الصم البكم
اهـ. وقال ابن عثيمين في تفسيره: {أولئك هم شر البرية} أي شر الخليقة؛ لأن البرية هي الخليقة؛ وعلى هذا فيكون الكفار من بني آدم من (اليهود، والنصارى، والمشركين) شر البرية (شر الخلائق) وقد بين الله ذلك تمامًا في قوله: {إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون} [الأنفال: 55] ، وقال تعالى: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون، ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون} [الأنفال: 22-23] فهؤلاء الكفار من اليهود، والنصارى، والمشركين هم شر البرية عند الله عز وجل. اهـ. ثم نشير إلى اختلاف أهل العلم في حمل الآية على عموم البشرية، قال القرطبي في تفسيره: قوله {شر البرية} أي شر الخليقة، فقيل: يحتمل أن يكون على التعميم، وقال قوم: أي هم شر البرية الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: {وأني فضلتكم على العالمين}[البقرة: 47] أي على عالمي زمانكم، ولا يبعد أن يكون في كفار الأمم قبل هذا من هو شر منهم، مثل فرعون، وعاقر ناقة صالح. ان شر الدواب عند الله الذين كفروا. اهـ. والله أعلم.
۞ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) ثم أخبر تعالى أن هذا الضرب من بني آدم شر الخلق والخليقة ، فقال: ( إن شر الدواب عند الله الصم) أي: عن سماع الحق ( البكم) عن فهمه ؛ ولهذا قال: ( الذين لا يعقلون) فهؤلاء شر البرية ؛ لأن كل دابة مما سواهم مطيعة لله [ عز وجل] فيما خلقها له ، وهؤلاء خلقوا للعبادة فكفروا ؛ ولهذا شبههم بالأنعام في قوله: ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء [ صم بكم عمي فهم لا يعقلون]) [ البقرة: 171]. وقال في الآية الأخرى: ( أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) [ الأعراف: 179]. وقيل: المراد بهؤلاء المذكورين نفر من بني عبد الدار من قريش. القران الكريم |إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ. روي عن ابن عباس ومجاهد ، واختاره ابن جرير ، وقال محمد بن إسحاق: هم المنافقون. قلت: ولا منافاة بين المشركين والمنافقين في هذا ؛ لأن كلا منهم مسلوب الفهم الصحيح ، والقصد إلى العمل الصالح.