تفسير سورة العاديات
وهي مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ( 1)
فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ( 2)
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ( 3) فَأَثَرْنَ
بِهِ نَقْعًا ( 4)
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ( 5)
إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ( 6)
وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ( 7)
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ( 8)
أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ( 9). تفسير سورة الإسراء تفسير السعدي - القران للجميع. أقسم الله تبارك وتعالى بالخيل، لما فيها من آيات الله
الباهرة، ونعمه الظاهرة، ما هو معلوم للخلق. وأقسم [ تعالى] بها في الحال التي لا يشاركها [ فيه] غيرها
من أنواع الحيوانات، فقال: ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) أي:
العاديات عدوًا بليغًا قويًا، يصدر عنه الضبح، وهو صوت نفسها في صدرها، عند اشتداد
العدو. (
فَالْمُورِيَاتِ) بحوافرهن ما يطأن عليه من
الأحجار ( قَدْحًا) أي: تقدح النار من صلابة
حوافرهن [ وقوتهن] إذا عدون، ( فَالْمُغِيرَاتِ) على
الأعداء ( صُبْحًا) وهذا أمر أغلبي، أن الغارة
تكون صباحًا، ( فَأَثَرْنَ بِهِ) أي:
بعدوهن وغارتهن ( نَقْعًا) أي:
غبارًا، ( فَوَسَطْنَ بِهِ) أي:
براكبهن ( جَمْعًا) أي: توسطن به جموع الأعداء،
الذين أغار عليهم.
تفسير سورة الإسراء الآية 3 تفسير السعدي - القران للجميع
تفسير السعدي تفسير الصفحة 282 من المصحف
تفسير سورة بني إسرائيل وهي مكية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ( 1). ينزه تعالى نفسه المقدسة ويعظمها لأن له الأفعال العظيمة والمنن الجسيمة التي من جملتها أن ( أَسْرَى بِعَبْدِهِ) ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ( مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) الذي هو أجل المساجد على الإطلاق ( إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى) الذي هو من المساجد الفاضلة وهو محل الأنبياء. فأسري به في ليلة واحدة إلى مسافة بعيدة جدا ورجع في ليلته، وأراه الله من آياته ما ازداد به هدى وبصيرة وثباتا وفرقانا، وهذا من اعتنائه تعالى به ولطفه حيث يسره لليسرى في جميع أموره وخوله نعما فاق بها الأولين والآخرين، وظاهر الآية أن الإسراء كان في أول الليل وأنه من نفس المسجد الحرام، لكن ثبت في الصحيح أنه أسري به من بيت أم هانئ، فعلى هذا تكون الفضيلة في المسجد الحرام لسائر الحرم، فكله تضاعف فيه العبادة كتضاعفها في نفس المسجد، وأن الإسراء بروحه وجسده معا وإلا لم يكن في ذلك آية كبرى ومنقبة عظيمة.
سورة الإسراء تفسير السعدي الآية 58
وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ( 58). أي: ما من قرية من القرى المكذبة للرسل إلا لا بد أن يصيبهم هلاك قبل يوم القيامة أو عذاب شديد. كتاب كتبه الله وقضاء أبرمه، لا بد من وقوعه، فليبادر المكذبون بالإنابة إلى الله وتصديق رسله قبل أن تتم عليهم كلمة العذاب، ويحق عليهم القول.
تفسير سورة الإسراء تفسير السعدي - القران للجميع
والمقسم عليه، قوله: ( إِنَّ
الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) أي: لمنوع للخير الذي عليه
لربه. فطبيعة [ الإنسان] وجبلته، أن نفسه لا تسمح بما عليه من
الحقوق، فتؤديها كاملة موفرة، بل طبيعتها الكسل والمنع لما عليه من الحقوق المالية
والبدنية، إلا من هداه الله وخرج عن هذا الوصف إلى وصف السماح بأداء الحقوق، (
وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ) أي: إن
الإنسان على ما يعرف من نفسه من المنع والكند لشاهد بذلك، لا يجحده ولا ينكره، لأن
ذلك أمر بين واضح. تفسير سورة الإسراء الآية 3 تفسير السعدي - القران للجميع. ويحتمل أن الضمير عائد إلى الله تعالى أي: إن العبد لربه لكنود،
والله شهيد على ذلك، ففيه الوعيد، والتهديد الشديد، لمن هو لربه كنود، بأن الله
عليه شهيد. ( وَإِنَّهُ) أي:
الإنسان ( لِحُبِّ الْخَيْرِ) أي:
المال ( لَشَدِيدٌ) أي:
كثير الحب للمال. وحبه لذلك، هو الذي أوجب له ترك الحقوق الواجبة عليه، قدم
شهوة نفسه على حق ربه، وكل هذا لأنه قصر نظره على هذه الدار، وغفل عن الآخرة،
ولهذا قال حاثًا له على خوف يوم الوعيد:
( أَفَلا يَعْلَمُ) أي:
هلا يعلم هذا المغتر ( إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي
الْقُبُورِ) أي: أخرج الله الأموات من قبورهم، لحشرهم ونشورهم. وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ
( 10)
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ( 11).
تفسير سورة الإسراء كاملة من كتاب تفسير السعدي - Youtube
فإذا كان تعالى قد فضل بعضهم على بعض وآتى بعضهم كتبا فلم ينكر المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم ما أنزله الله عليه وما فضله به من النبوة والكتاب. قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلا ( 56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ( 57). يقول تعالى: ( قُلْ) للمشركين بالله الذين اتخذوا من دونه أندادا يعبدونهم كما يعبدون الله ويدعونهم كما يدعونه ملزما لهم بتصحيح ما زعموه واعتقدوه إن كانوا صادقين: ( ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) آلهة من دون الله فانظروا هل ينفعونكم أو يدفعون عنكم الضر، فإنهم لا ( يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ) من مرض أو فقر أو شدة ونحو ذلك فلا يدفعونه بالكلية، ( وَلا) يملكون أيضا تحويله من شخص إلى آخر من شدة إلى ما دونها. فإذا كانوا بهذه الصفة فلأي شيء تدعونهم من دون الله؟ فإنهم لا كمال لهم ولا فعال نافعة، فاتخاذهم آلهة نقص في الدين والعقل وسفه في الرأي. ومن العجب أن السفه عند الاعتياد والممارسة وتلقيه عن الآباء الضالين بالقبول يراه صاحبه هو الرأي السديد والعقل المفيد.
أسماء السورة:
تُسَمَّى هذه السُّورةُ سُورةَ (بني إسرائيلَ) [1] وجهُ تَسميتِها بذلك أنَّه ذُكِرَ فيها مِن أحوالِ بني إسرائيلَ ما لم يُذكَرْ في غَيرِها، ولِقَولِه فيها: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ [الإسراء: 4]. يُنظر: ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/288)، ((تفسير ابن عاشور)) (15/5). ، ومما يدلُّ على ذلك: 1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَنامُ على فِراشِه، حتى يقرأَ كُلَّ لَيلةٍ بـ «بني إسرائيلَ» و«الزُّمَر»)) [2] أخرجه الترمذي (2920) واللفظ له، وأحمد (24433)، والنَّسائي في ((السنن الكبرى)) (11444). قال الترمذي: (حسنٌ غريبٌ)، ووثَّق رجالَه الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) (2/275)، وحسَّنه ابنُ حجر -كما في ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (3/157)-، وجوَّد إسنادَه ووثَّقَ رجالَه ابنُ باز في ((النكت على التقريب)) (172)، وصَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (2920).. 2- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال: (سُورةُ «بني إسرائيلَ» و«الكَهفِ» و«مَريمَ» و«طه» و«الأنبياءِ»: هُنَّ مِن العِتاقِ الأُوَلِ [3] العتاق الأُوَل: أي: السُّور التي أُنزِلَت أوَّلًا بمكَّةَ.