لكن حتى هذه الجوانب التي تبدو ضارة في وسائل الاتصالات الحديثة لا تخلو من نفع فيما يبدو لي، بل يمكن أن يُسْتغَل كثير منها استغلالاً حسناً لمصلحة الدعوة إلى الإسلام، وأرجو أن أبين هذا في مقال قادم بإذن الله وتوفيقه.
التربية الإسلامية: الأولى إعدادي - آلوسكول
وقد سمعت عن أناس ورأيت أناساً هداهم الله تعالى عن طريق هذه الوسيلة. التربية الإسلامية: الأولى إعدادي - آلوسكول. وقد كان المسلمون في البلاد الغربية يشكون من أن الصحف والمجلات لا تفتح لهم مجالاً للنشر فيها حتى عندما يكون المقال رداً على افتراء على الإسلام، فإذا هم اليوم يكتبون ما يشاؤون على صفحات هذه الشبكة. لكنني ما زلت أرجو أن يزداد اهتمامنا بها واستفادتنا منها، وأرجو أن يأتي يوم قريب تكون فيه كل المراجع الإسلامية متيسرة فيها، وأرجو أن أرى فيها مقررات في شتى الفنون الإسلامية تأخذ بيد الراغب من المستوى الابتدائي وتتدرج به حتى توصله إلى المستوى الجامعي. وأرجو أن يأتي يوم تتحول فيه جامعتنا الأمريكية المفتوحة، وأختها كلية لندن المفتوحة، إلى جامعة إسلامية عالمية تضاهي الجامعات المفتوحة الكبرى كالجامعة البريطانية التي يبلغ عدد طلابها أكثر من مئتي ألف، أرجو أن يدرك المحسنون، وأن تدرك المنظمات الإسلامية في عالمنا الإسلامي أهمية مثل هذا التعليم الذي يسمى بـ (التعليم عن بعد)، والذي يصفه بعض رجال التربية الغربيين بأنه نظام المستقبل، فيولونه عنايتهم ودعمهم حتى تكون الدراسة في جامعته مجاناً، وحتى يوفر العلم الشرعي للراغبين فيه أنَّى كانوا على وجه الكرة الأرضية.
الكتابة والحوار عن طريق الإنترنت إن شبكة الإنترنت مكان خصب للرد على مزاعم أعداء الإسلام وشبهاتهم، وهي من الوسائل المعاصرة التي ظهرت في زماننا بقوة، لكن على الداعي أن يركّز على مجال الدعوة فيها من غير أن يبدّد طاقاته في أمور جانبية لا تعود عليه بالنفع. الجهاد ويُقصد بالجهاد؛ الجهاد بمفهومه الشامل، فهو سيد الوسائل وذروة سنامها، ويبدأ من داخل النفس البشرية، فيقوم بإصلاحها ويجاهدها من أجل تعلم العلم الصحيح والعمل به والدعوة إليه، وبعد ذلك يجاهد الشيطان ويحمي نفسه من مداخله؛ وهي الشبهات والشهوات، ثم جهاد الأعداء والمنافقين، فالجهاد سيد الوسائل كلها.
فأنزل الله تعالى: ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى). فليس الأمر كما زعمه المبطلون ، بل من آتاه الله العلم فقد أراد به خيرا كثيرا ، كما ثبت في الصحيحين ، عن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ". ما معنى: {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}؟. وما أحسن الحديث الذي رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني في ذلك حيث قال:حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا العلاء بن سالم ، حدثنا إبراهيم الطالقاني ، حدثنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن ثعلبة بن الحكم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله تعالى للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده: إني لم أجعل علمي وحكمتي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ، ولا أبالي ". إسناده جيد وثعلبة بن الحكم هذا هو الليثي ذكره أبو عمر في استيعابه ، وقال: نزل البصرة ، ثم تحول إلى الكوفة ، وروى عنه سماك بن حرب. وقال مجاهد في قوله: ( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى): هي كقوله: ( فاقرءوا ما تيسر من) [ المزمل: 20] وكانوا يعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة. وقال قتادة: ( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى): لا والله ما جعله شقاء ، ولكن جعله رحمة ونورا ، ودليلا إلى الجنة.
ما معنى: {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}؟
الله المسيطر المطلق على الكون
{لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} ولعل هذه الآية تُفصِّل امتداد هذه السلطة المطلقة وسعتها وعمقها، فإذا كان الله يملك كل الموجودات الحية والجامدة في السماوات والأرض وفيما بينهما، وفي أعماق الثرى، فإن ذلك يعني سيطرته المطلقة على ذلك كله، ويفرض على الخلق الذين حمّلهم المسؤولية، أن يعيشوا الخضوع لسيطرته فيطيعوه في ما أمرهم به، وينتهوا عمّا نهاهم عنه. {وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} وهكذا يتمثل حضور سلطته الإلهية المطلقة في كل موقع من مواقع وجود خلقه، بحيث يشرف عليه إشرافاً مباشراً من دون أن يغيب عنه شيء من أمورهم، في ما يفعلون ويتكلمون، فليس هناك شيء أقرب إليه من شيء، لأن الأشياء تتساوى لديه في جميع شؤونها. وهذا ما يجعل مسألة الجهر بالقول أو الإسرار به، واحدة في علمه، لأنه يعلم السر وأخفى ويسمع وساوس الصدور، ولا يفوته شيء من كلام عباده مهما كان خفياً في مواقع السر العميقة الهامسة. {اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ} فهو وحده الإله الذي يملك الأمر كله، فلا أمر في حركة الوجود إلا أمره، وهو الذي يملك الكون كله، فليس هناك أحد إلاّ هو مملوك ومربوب ومخلوق له.. وتلك هي النتيجة الطبيعية لما تقدمت به الآيات السابقة من شمول القدرة والملك، والربوبية المطلقة.
3- ومن معانيها: أن هذه السورة من أوائل ما نزل بمكة، وفي ذلك الوقت كان عليه السلام مقهورًا بسبب أعدائه، فكأنه سبحانه قال له: لا تظن أنك تبقى على هذه الحالة أبدًا، بل سيعلو أمرك ويظهر قدرك، فإنا ما أنزلنا عليك مثل هذا القرآن لتبقى شقيًّا فيما بينهم، بل تصير معظمًا مكرمًا. 4- أوضح سبحانه أولئك المتعنتين من المشركين أن القرآن لم يُنزل ليكون سببًا في الشقاء، بل أُنزل ليكون تذكرة، فقال تعالى: ﴿ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴾ [طه: 3]؛ أي: أنزلناه من أجل أن يكون تَذْكِرَةً؛ أي موعظة تلين لها قلوب من يخشى عقابنا، ويخاف عذابنا، ويرجو ثوابنا، وما دام الأمر كذلك فامضِ في طريقك، وبلِّغ رسالة ربك، ثم بعد ذلك لا تتعب نفسك بسبب كفر الكافرين، فإنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء؛ ووجه كون القرآن تذكرة أنه عليه السلام كان يعظهم به وببيانه، فيدخل تحت قوله: (لمن يخشى) الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه في الخشية والتذكرة بالقرآن كان فوق الكل. 5- ختم الله تعالى الرد على من زعم أن القرآن سبب في الشقاء أن الأمر ليس كذلك، بل القرآن مصدر للسعادة، فقال: ﴿ تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى ﴾ [طه: 4]؛ أي: نزل هذا القرآن تنزيلًا ممن خلق الأرض التي تعيشون عليها، وممن خلق السموات العلى.