إنّ ذلكمُ الفتحَ الربانيَّ المباركَ قد نال من عنايةِ الشرعِ ووصيةِ السلفِ الصالحِ وتصديقِ تجاربِ العقلاءِ ما جعلَه محلَّ وصيةٍ بالملازمةِ والمثابرةِ وعدمِ المبارحةِ؛ لغدقِ عطائه، وحسنِ عاقبتِه، وهناءِ عيشِه، وسهولةِ مراسِهِ، ومواءمتِه سنةَ تيسيرِ اللهِ خلْقَه لما خُلِقوا له. ما حكم من يفتح بكر الصديق. يقولُ النبي ُّ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ أَصَابَ مِنْ شَيْءٍ؛ فَلْيَلْزَمْهُ » ( رواه ابنُ ماجه وحسَّنه العراقيُّ). وقال عمرُ بنُ الخطابِ –رضي اللهُ عنه-: مَن كان له رزقٌ في شيءٍ؛ فليلزمْه، وقال بعضُ السلفِ: مَن بورك له في شيءٍ؛ فليلزمْه، وقال آخرُ: إذا فُتح لأحدِكم رزقٌ من بابٍ؛ فليلزمْه حتى يتغيرَ أو يتنكَّرَ، وقال بعضُهم: أيُّ موضعٍ رأيتَ فيه وَفْقًَا؛ فأقمْ، وقال بعضُهم: مَن خُضِّرَ له في شيءٍ؛ فليلزمْه، وقال إبراهيمُ النخعيُّ: كان يُكره للرجلِ إذا رُزِقَ في شيءٍ أنْ يرغبَ عنه، وقال القاضي أبو يعلى: ويُستحب إذا وجدَ الخيرَ في نوعٍ من التجارةِ أنْ يلزمَه، وقال أحدُ الحكماءِ: مِن علامةِ إقامةِ الحقِّ –سبحانه- لك في الشيءِ إدامتُه إياك فيه مع حصولِ النتائجِ. عبادَ اللهِ! إنّ من حكمةِ اللهِ ورحمتِه بعبادِه أنْ فاوتَ بينهم في القدراتِ والاهتماماتِ والفتوحِ والأرزاقِ؛ تحقيقًا لسنَّةِ تسخيرِهم لبعضٍ وتكميلِهم بعضًا، كما قال تعالى: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُون} [الزخرف: 32]، وإظهارًا لمزيةِ الاصطفاءِ والاجتباءِ إنْ كان الفتحُ في بابِ طاعةٍ يحبُّ اللهُ إقامةَ عبدِه في رحابِها وملازمةِ عتَبَتِها.
ما حكم من يفتح بكر رضي الله عنه
وقد أدركَ أهلُ العلم ِ تلك الحكمةَ الربانيةَ والسنةَ الإلهيةَ؛ فكان إدراكُهم لما فتحَ اللهُ عليهم به من أبوابِ الخيرِ، وملازمتُهم له من خصائصِ بركتِهم واتساعِ نفعِهم وبقائه ونمائه. يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ »، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي -يَا رَسُولَ اللَّهِ-! مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: « نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ »؛ (رواه البخاري ُّ ومسلمٌ). حكم المفاضلة بين أبي بكر وابن القيم بالعلم. قال ابنُ عبدِالبَرِّ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ وَالْفَضَائِلِ... أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ لَا يُفْتَحُ فِي الْأَغْلَبِ لِلْإِنْسَانِ الواحدِ في جميعِها، وَأَنَّ مَنْ فُتِحَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حُرِمَ غيرَها في الأغلبِ، وأنَّه قد تُفتح في جميعِها لِلْقَلِيلِ مِنَ النَّاسِ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ.
ما حكم من يفتح بكر يمني
كَتَبَ عبدُاللهِ العُمَرِيُّ العابدُ إلى الإمامِ مَالِكٍ يَحُضُّهُ إِلَى الِانْفِرَادِ وَالْعَمَلِ، وَيَرْغَبُ بِهِ عَنِ الِاجْتِمَاعِ إِلَيْهِ فِي الْعِلْمِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ: إنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَسَّمَ الْأَعْمَالَ كَمَا قَسَّمَ الْأَرْزَاقَ؛ فَرُبَّ رَجُلٍ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصِّيَامِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الْجِهَادِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّلَاةِ. ما حكم من يفتح بكر يمني. وَنَشْرُ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمُهُ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ، وَقَدْ رَضِيتُ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ لِي فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا أَظُنُّ مَا أَنَا فِيهِ بِدُونِ مَا أَنْتَ فِيهِ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ كِلَانَا عَلَى خَيْرٍ، وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنْ يَرْضَى بِمَا قُسِّمَ لَهُ. وَالسَّلَامُ. قال ابنُ السبكيِّ: وهكذا رأينا مَن لزمَ بابًا من الخيرِ؛ فُتحَ عليه –غالبًا- منه؛ ولذلك يقولُ أهلُ الطريقِ: إنّ مَن فُتح عليه في ذِكرٍ ينبغي أنْ يلزمَه؛ فإنَّ منه يتوالى عليه الخيرُ. قِيلَ لِعَبْدِاللَّهِ بنِ مسعودٍ –رضي اللهُ عنه-: إِنَّكَ لَتُقِلُّ الصَّوْمَ؟ قَالَ: «إِنَّهُ يُضْعِفُنِي عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ».
ولما نزل الوحى على النبى علية الصلاة والسلام كان أول من صدقه. وآمن به هو أبو بكر الصديق رضوان الله عليه دون تردد أو شك. وهذا ما كان سببًا في لقبه الصديق وكان أول من آمن بالنبي عليه الصلاة والسلام من الرجال. ما هي صفات شكل ابو بكر الصديق:-
مقالات قد تعجبك:
كان رضى الله تعالى عنه نحيف الجسم أبيض اللون وكانت له ساقين دقيقتين. كما ان كانت لديه لحية مخضبة بالحناء عليها. وكان رضى الله تعالى عنه لديه انحناء في ظهره وخفيف العارضين. شاهد أيضًا: ماذا يعنى الإحتراق الذاتي النفسي في الإسلام
الأخلاق التي تمتع بها أبو بكر الصديق:-
كان أبو بكر فى الاصل من قبيلة قريش وقد كان ثريًا أحد أعيان قريش، كما كان يعمل كساقى للحجاج. أخطأت مع فتاة - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام. وكان الناس كلهم يحبونه فقد كانوا قبل الإسلام يقصدون أبو بكر في المصائب ليعينهم على ما هم فيه. فقد كان سخى اليدين ينفق بكرم شديد على كل من يحتاج ولهذا كان من الناس كل من لديه اية مصيبة. او مؤلمه او اى امر يتوجه الى ابو بكر رضى الله تعالى عنه وأرضاه. كما أن أبا بكر كان قد حرم على نفسه شرب الخمر حتى قبل أن ينزل القرآن على نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم. ولم يسمح لنفسه ابدًا بالسجود الى اى صنم كان، فقد كان عقله فطنًا واعيًا وهذا ما دفعه إلى عدم السجود إلى أي صنم قط.
تضمنت هذه الدعوة المباركة جملاً من الفوائد منها: أن الشكوى إلى اللَّه تعالى لا تنافي الصبر، بل من كمال الإيمان باللَّه تعالى، والرضا بقدره. يقول بن عطاء الله السكندري: "قال: إني لما أنزلت إلي من خير فقير"، ولم يقل إني إلى الخير فقير، وفي ذلك من الفائدة: أنه لو قال: إني "إلى خيرك، أو إلى الخير الفقير"، لم يتضمن أنه قد أنزل رزقه ولم يهمل أمره.
دعاء أول يوم رمضان
اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السموات والأرض، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه. دعاء رمضان قصير.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين.
وقال ابن كثير رحمه الله: " قَدْ يَكُونُ السُّؤَالُ بِالْإِخْبَارِ عَنْ حَالِ السَّائِلِ وَاحْتِيَاجِهِ، كَمَا قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) " انتهى من " تفسير ابن كثير " (1/ 136) وهذا إنما يكون من تضرع العبد ، وإظهار ذله ومسكنته بين يدي ربه ، يعلم أنه فقير إليه ، وأنه هو القادر على أن يغنيه بفضله عمن سواه ، فيتوسل إليه بفقره إليه ، وكمال غنى ربه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وَصْفُ الْحَاجَةِ وَالِافْتِقَارِ: هُوَ سُؤَالٌ بِالْحَالِ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ جِهَةِ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ. دعاء أول يوم رمضان. وَذَلِكَ [أي: السؤال بالمقال] أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (10/ 246). ولا بأس أن يدعو العبد المسلم بذلك في قضاء حاجاته ؛ لأنه توسل إلى الله تعالى بالفقر إليه ، وهو وصف ذاتي للعبد ، وبغنى ربه ، وهو وصف ذاتي للرب ، فهذا التوسل يناسب الرغبة فيما عند الله من الخير والبركة.