و جاء في جامع البيان - إبن جرير الطبري - ج 8 - الصفحة 190 وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن آدم وحواء فيما أجاباه به، واعترافهما على أنفسهما بالذنب، ومسألتهما إياه المغفرة منه والرحمة، خلاف جواب اللعين إبليس إياه. ومعنى قوله: قالا ربنا ظلمنا أنفسنا قال: آدم وحواء لربهما: يا ربنا فعلنا بأنفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك وخلاف أمرك وبطاعتنا عدونا وعدوك، فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه من أكل الشجرة التي نهيتنا عن أكلها. تفسير( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا...). وإن لم تغفر لنا يقول: وإن أنت لم تستر علينا ذنبنا فتغطيه علينا، وتترك فضيحتنا به بعقوبتك إيانا عليه، وترحمنا بتعطفك علينا، وتركك أخذنا به لنكونن من الخاسرين يعني: لنكونن من الهالكين. وقد بينا معنى الخاسر فيما مضى بشواهده والرواية فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر،عن قتادة، قال: قال آدم عليه السلام: يا رب، أرأيت إن تبت واستغفرتك؟ قال: إذا أدخلك الجنة وأما إبليس فلم يسأله التوبة، وسأل النظرة، فأعطى كل واحد منهما ما سأل. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا... الآية، قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه.
- ربَّنَا ظلمنا أنفسَنا، وإن لم تغفرْ لنا وترحمْنا لنكونَنَّ من الخاسرين. - YouTube
- تفسير( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا...)
- الأعراف الآية ٢٣Al-A'raf:23 | 7:23 - Quran O
ربَّنَا ظلمنا أنفسَنا، وإن لم تغفرْ لنا وترحمْنا لنكونَنَّ من الخاسرين. - Youtube
وأما إبليس فلم يساله التوبة، وسال النظرة، فاعطى كل واحد منهما ما سأل. حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله: " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا" ، الأية، قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه. "قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" قالا ربنا نداء مضاف. والأصل يا ربنا. وقيل: إن في حذف يا معنى التعظيم. الأعراف الآية ٢٣Al-A'raf:23 | 7:23 - Quran O. فاعترفا بالخطيئة وتابا صلى الله عليهما وسلم وقد مضى في البقرة. قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أبي بن كعب رضي الله عنه, قال: كان آدم رجلاً طوالاً كأنه نخلة سحوق, كثير شعر الرأس, فلما وقع فيما وقع به من الخطيئة, بدت له عورته عند ذلك وكان لا يراها, فانطلق هارباً في الجنة فتعلقت برأسه شجرة من شجر الجنة, فقال لها: أرسليني. فقالت: إني غير مرسلتك, فناداه ربه عز وجل: يا آدم أمني تفر؟ قال يا رب إني استحييتك, وقد رواه ابن جرير وابن مردويه من طرق, عن الحسن عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً, والموقوف أصح إسناداً.
ولمَّا أكل سيدنا آدم عليه السلام من تلك الشجرة التي نهاه الله عن الأكل منها قال له الله تعالى:" لِمَ أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها؟ فردَّ عليه سيدنا آدم: حواء قد أمرتني بذلك، فردَّ عليه الله وقال: فإنّي قد أعقبتها أن لا تحمل إلّا كُرها، ولا تضع إلّا كُرهاً، فقال سيدنا آدم لله تعالى: فرنت عند ذلك حواء، فقيل لها: الرنة عليه وعلى ولدك" وهذا على حسب ما جاء به تفسير ابن كثير وهذا منقولاً من ابن جرير عن ابن عبّاس. وقول سيدنا آدم ودعاءه المذكور في القرآن الكريم حينما قال الله تعالى:" قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين"، على حسب تفسير الطبري رحمه الله أنَّ هذا هو عبارة عن خبر من الله سبحانه وتعالى وهذا عن سيدنا آدم عليه السلام وزوجته. وهذا فيما يخص اعترافهما بالمعصية والذنب التي قد اقترفاها في الجنة حينما أكلا من الشجرة التي نهاهما الله تعالى عن الأكل منها، وفي ذلك دُعاء لكي يغفر لهما الله تعالى ويطلبا من الله الرحمة كذلك، وهذا خِلاف جواب إبليس لعنة الله عليه، ودعوتهما الله تعالى بمغفرة مخالفة أمر الله تعالى وطاعتنا لعدوك وعدونا ألا وهو إبليس، وإن لم يغفر لهما الله تعالى معصيتهما واتباعهما لإبليس لعنة الله عليه ليكون كل منهما من الخاسرين والهالكين.
تفسير( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا...)
[الأعراف: 23] قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
الجلالين
الطبري
ابن كثير
القرطبي
البيضاوي
البغوي
فتح القدير
السيوطي
En1
En2
23 - (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا) بمعصيتنا (وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن ادم وحواء فيما أجاباه به ، واعترافهما على أنفسهما بالذنب ، ومسالتهما اياه المغفرة منه والرحمة، خلاف جواب اللعين إبليس إياه. ومعنى قوله: " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا" ، قال آدم وحواء لربهما: يا ربنا، فعلنا بانفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك وخلاف أمرك ، وبطاعتنا عدونا وعدوك فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه ، من أكل الشجرة التى نهيتنا عن أكلها، " وإن لم تغفر لنا" ، يقول:وإن لم تستر علينا ذنبنا فتغطيه علينا، وتترك فضيحتنا به بعقوبتك إيانا عليه ، " وترحمنا" ، بتعطفك علينا، وتركك أخذنا به ، " لنكونن من الخاسرين " ، يعني: لنكونن من الهالكين. وقد بينا معنى الخاسر فيما مضى بشواهده ، والرواية فيه ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة قال: قال آدم عليه السلام: يا رب ، أرأيت إن تبت واستغفرتك ؟ قال: إذاً أدخلك الجنة.
قال ابن كثير رحمه اللَّه: ((وهذا اعتراف، ورجوع، وإنابة، وتذلل، وخضوع، واستكانة، وافتقار إليه تعالى، وهذا السرّ ما سرى في أحد من ذرّيته إلا كانت عاقبته إلى خير في دنياه وأخراه))( [9]). ((فمن أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم، والإقلاع، إذا صدرت منه الذنوب، اجتباه ربّه وهداه، ومن أشبه إبليس إذا صدر منه الذنب، لا يزال يزداد من المعاصي؛ فإنه لا يزداد من اللَّه تعالى إلاّ بُعداً))( [10]). وفي تقديم طلب المغفرة على الرحمة دلالة دقيقة على أن الرحمة لا تنال إلا بالمغفرة، وهذا التعبير ظاهر في أغلب سياقات الدعاء في القرآن( [11]). الفوائد المستنبطة من الدعاء: 1- إن تقديم الاعتراف بالخطأ، وظلم النفس قبل طلب المغفرة هو أرجى في قبول المغفرة والإجابة. 2- أهميّة التوسّل بربوبية اللَّه تعالى حال الدعاء، كما في تصدير دعائهم بـ( ربّنا) الذي يدلّ على التربية، والعناية، والإصلاح، ومن ذلك إجابة دعائهم. 3- جمع هذا الدعاء المبارك ((أربعة أنواع من التوسّل: الأول: التوسّل بالربوبية ( ربنا). الثاني: التوسّل بحال العبد: ( ظلمنا أنفسنا). الثالث: تفويض الأمر إلى اللَّه جلّ وعلا:] وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا [.
الأعراف الآية ٢٣Al-A'raf:23 | 7:23 - Quran O
وظاهر إسناد النّداء إلى الله أنّ الله ناداهما بكلام بدون واسطة مَلك مرسل ، مثللِ الكلام الذي كلّم الله به موسى ، وهذا واقع قبل الهبوط إلى الأرض ، فلا ينافي ما ورد من أن موسى هو أوّل نبيء كلّمه الله تعالى بلا واسطة ، ويجوز أن يكون نداءُ آدم بواسطة أحد الملائكة. وجملة: { ألم أنهاكما} في موضع البيان لجملة ( ناداهما) ، ولهذا فصلت الجملة عن التي قبلها. والاستفهام في { ألم أنهاكما} للتّقرير والتّوبيخ ، وأُولِيَ حرفَ النّفي زيادة في التّقرير ، لأنّ نهي الله إياهما واقع فانتفاؤه منتفا ، فإذا أدخلت أداة التّقرير وأقرّ المقرَّر بضد النّفي كان إقرارُه أقوى في المؤاخذة بموجَبه ، لأنّه قد هُييء له سبيل الإنكار ، لو كان يستطيع إنكاراً ، كما تقدّم عند قوله تعالى: { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم} الآية في سورة الأنعام ( 130) ، ولذلك اعترفا بأنّهما ظلما أنفسهما. وعطف جملة: وأقل لكما} على جملة: { أنهكما} للمبالغة في التّوبيخ ، لأنّ النّهي كان مشفوعاً بالتّحذير من الشّيطان الذي هو المغري لهما بالأكل من الشّجرة ، فهما قد أضاعا وصيتين. والمقصود من حكاية هذا القول هنا تذكير الأمّة بعداوة الشيطان لأصل نوع البشر ، فيعلموا أنّها عداوة بين النّوعين ، فيحذروا من كلّ ما هو منسوب إلى الشّيطان ومعدود من وسوسته ، فإنّه لما جُبل على الخبث والخري كان يدعو إلى ذلك بطبعه وكان لا يهنأ له بال ما دام عدوّهُ ومحسودُه في حالة حسنة.
وقد تأخّر نداء الربّ إياهما إلى أن بدت لهما سوآتهما ، وتحيَّلا لستر عوراتهما ليكون للتّوبيخ وقْعٌ مكين من نفوسهما ، حين يقع بعد أن تظهر لهما مفاسد عصيانهما ، فيعلما أنّ الخير في طاعة الله ، وأنّ في عصيانه ضرّاً. والنّداء حقيقته ارتفاع الصّوت وهو مشتق من النَّدى بفتح النّون والقصر وهو بُعد الصّوت ، قال مدثار بن شيبان النمري: فَقُلتُ ادعِي وأدْعُوا إنّ أندى... لِصَوْتتٍ أن يُنادِيَ داعيان وهو مجاز مشهور في الكلام الذي يراد به طلب إقبال أحد إليك ، وله حروف معروفة في العربيّة: تدلّ على طلب الإقبال ، وقد شاع إطلاق النّداء على هذا حتّى صار من الحقيقة ، وتفرّع عنه طلب الإصغاء وإقبال الذّهن من القريب منك ، وهو إقبال مجازي. { وناداهما ربهما} مستعملٌ في المعنى المشهور: وهو طلب الإقبال ، على أنّ الإقبال مجازي لا محالة فيكون كقوله تعالى: { وزكرياء إذا نادى ربه} [ الأنبياء: 89] وهو كثير في الكلام. ويجوز أن يكون مستعملاً في الكلام بصوت مرتفع كقوله تعالى: { كمَثَل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً} [ البقرة: 171] وقوله: { ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها} [ الأعراف: 43] وقول بشّار: نَادَيْت إنّ الحبّ أشْعَرني... قَتْلاً وما أحدثتُ من ذَنْب ورفع الصّوت يكون لأغراض ، ومحمله هنا على أنّه صوت غضب وتوبيخ.