وقد جاء في هذا الحديث أن يحيى عليه السلام قام خطيباً في بني إسرائيل ممتثلاً ما أمره الله به فقال: (وآمركم بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعاً في أثره، فأتى على حصن حصين فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى). وصح عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه أمر بعض الصحابة رضي الله عنه فقال له: (اعبد الله ولا تشرك به شيئاً، واعمل لله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، واذكر الله تعالى عند كل حجر وكل شجر، وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة، السر بالسر، والعلانية بالعلانية). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله عز وجل: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه)، وهذه هي المعية الخاصة، وهي غير معية الله عز وجل العامة لكل الخلق بالسمع والبصر والاطلاع على كل أحوالهم، فالمعية الخاصة هي التي جاءت في مثل قوله عز وجل: {قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46] وقوله: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:40]، وقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:19]، فهذه المعية الخاصة تكون بالنصرة والتأييد والحفظ والكلاءة.
وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ - ملتقى الخطباء
وقوله تعالى: { وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} القنوت هو الطاعة في سكون، قال تعالى: { أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا} [سورة الزمر: 9].
وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ - ملتقى الخطباء. وقال تعالى: { كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [البقرة:116] فالإسلام بعده مرتبة يرتقي إليها وهو "الإيمان" ثم القنوت ناشئ عنهما { وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ} هذا في الأقوال فإن الصدق خصلة محمودة، وهو علامة على الإيمان كما أن الكذب أمارة على النفاق؛ ومن صدق نجا « عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر » الحديث. { وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ} هذه سجية الأثبات، وهي الصبر على المصائب، والعلم أن المقدر كائن لا محالة، وتلقي ذلك بالصبر والثبات وإنما الصبر عند الصدمة الأولى، أي أصابه في أول وهلة ثم ما بعده أسهل منه وهو صدق السجية وثباتها. { وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ} الخشوع هو السكون والطمأنينة والتؤدة والوقار والتواضع، والحامل عليه الخوف من الله تعالى ومراقبته كما في الحديث: « اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك » { وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ} الصدقة هي الإحسان إلى الناس المحاويج الضعفاء الذين لا كسب لهم، وقد ثبت في الصحيحين: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله – فذكر منهم – ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه».
( والذاكرين الله كثيراً والذاكرات ) | Kzwow321
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذكروا الله ذكرا كثيرا حتى يقول المنافقون أنكم تراءون. وروى الإمام أحمد بسنده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قوم جلسوا مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه إلا رأوه حسرة يوم القيامة وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: "واذكروا الله ذكرا كثيرا "إن الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما ثم عذر أهلها في حال العذر غير الذكر فإن الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهي إليه ولم يعذر أحدا فى تركه إلا مغلوبا على تركه فقال: "اذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم "بالليل والنهار في البر والبحر وفي السفر والحضر والغنى والفقر والسقم والصحة والسر والعلانية وعلى كل حال. انتهي باختصار وتصرف من تفسير ابن كثير رحمه الله
فالواجب على كل مؤمن أن يلزم حد الله سبحانه، وأن يحرص على العفة عما حرم الله، فيطأ زوجته فيما أباح الله، في الفرج، في القبل، ولا يطأها في الدبر، ولا في الحيض، ولا في النفاس، ولا في حال إحرامها، يطأها في وقت الإباحة، وهكذا سريته التي هي أمته مملوكته، بالملك الشرعي. والمرأة كذلك عليها أن تحفظ فرجها، إلا من زوجها وسيدها الشرعي، وعليها أن تحذر ما حرم الله من الزنا، وما يلحق بالزنا من الوطء في الدبر، من زوجها أو غير زوجها، كل ذلك حرام، من زوجها ومن غير زوجها، كما أن الزنا حرام، فهكذا الوطء في الدبر حرام، ولو من زوجها، ليس له أن يطأها في دبرها، ولا سيدها ليس له أن يطأها في دبرها، فالمؤمنة الكاملة هي التي حفظت فرجها إلا من زوجها وسيدها فيما أباح الله، والمؤمن الكامل هو الذي حفظ فرجه إلا مما أباح الله من زوجته الشرعية، وأمته الشرعية، في محل الوطء، وهو القبل، نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا.