وهكذا تستمر الآيات في بيان انفراد الله -عز وجل- ونفي الشريك عنه بالأدلة العقلية والكونية والنفسية، ثم يتحداهم الله -عز وجل- بقوله: {أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (النمل:64). وجاء في تفسير هذه الآيات:
أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أن يتلو هذه الآيات الناطقة بالبراهين على وحدانيته وقدرته على كل شيء وحكمته. االه مع الله عبد الصمد. وقيل: اللفظ لفظ الاستفهام {أإله مع الله} ومعناه الخبر. {ما كان لكم أن تنبتوا شجرها} أي ما كان للبشر، ولا يتهيأ لهم تحت قدرتهم، أن ينبتوا شجرها؛ إذ هم عجزة عن مثلها؛ لأن ذلك إخراج الشيء من العدم إلى الوجود. {أمن يجيب المضطر إذا دعاه}، المضطر: اسم مفعول من الاضطرار: وهو المكروب المجهود الذي لا حول له ولا قوة؛ فالمظلوم مضطر، ويقرب منه المسافر، وكذلك دعوة الوالد على ولده،لا تصدر منه مع ما يعلم من رحمته به وشفقته عليه، إلا عند تكامل عجزه عنه، وصدق ضرورته، وإياسه عن بر ولده، مع وجود أذيته، فيسرع الحق إلى إجابته.
- أإله مع الله قل هاتوا برهانكم
- االه مع الله الشريم
أإله مع الله قل هاتوا برهانكم
{ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ. أإله مع الله قل هاتوا برهانكم. أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [ النمل60-61]
أإله مع الله رفع السموات بلا عمد و أبدع فيها و سير كل تلك الأجرام الهائلة و أنزل منها ما هو سبيل للحياة على الأرض, فأحيا به الإنسان و الحيوان و شتى أنواع النباتات بألوانها المبهجة و طعومها و فوائدها المختلفة ؟؟ أم أن معبوداتكم المخلوقة هي التي خلقت الأرض بأنهارها و جبالها و وديانها و بحارها وسهولها و منع كل من تلك الأشياء أن تعتدي على ما سواها فلا يتعدى بحر على نهر و لا جبل على سهل. هل خلقها وثن لا يضر أو ينفع أو حتى ملك مقرب أو نبي مرسل أو أحد الصالحين من أولياء الله المتقين, تعالى الله عما يعتقد المشركون علواً كبيراً و تنزه سبحانه عن كل نقيصة و عيب. أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [ النمل60-61] قال السعدي في تفسيره: { أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} [النمل 60] أي: أمن خلق السماوات وما فيها من الشمس والقمر والنجوم والملائكة والأرض وما فيها من جبال وبحار وأنهار وأشجار وغير ذلك.
االه مع الله الشريم
الحمد لله الْمُتَفَرِّدِ بالتَّوحيد, والْمُنْفَرِدِ بالتَّمْجيد, الذي لا تَبْلُغُه صفات العبيد, المبدئُ الْمُعيدُ الفَعَّالُ لما يريد, خلق الأشياء بقدرته, ودَبَّرها بمشيئته, وقَهَرها بجبروته, وذَلَّلَها بعزَّته, فَذَلَّ لِعَظَمته المتكبرون, واسْتكان لِعِزِّ ربوبيته الْمُتعاظمون. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, إقرارًا بِوِحدانيته, وإخلاصًا لربوبيته, وأنه العالمُ بما تُكِنُّه الضمائر, وتنطوي عليه السرائر, لا تَتَوارى عنه كلمة, ولا تَغِيْبُ عنه غائبة, وما تسقط من ورقة إلا يعلمها, ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين. وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه, ونَبِيُّهُ وأَمِيْنُه وصَفِيُّه, أرسله إلى خلقه بالنور الساطع, والسراج اللامع, فبلَّغ رسالةَ ربه, ونصَحَ لأمتِه وجاهدَ في الله حق جهاده, فصلوات الله عليه من قائدٍ إلى الحقّ المبين, وعلى أهلِ بَيْتِه الطيبين, وعلى أصحابِه الْمُنْتَخَبِيْن, وعلى أزواجِه أُمَّهاتِ المؤمنين, وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. أإله مع الله الشيخ ياسر الدوسري - YouTube. أما بعد: فأوصيكم عباد الله بتقوى الله, واحْذروا الدُّنْيا فإنها حُلْوةٌ خضرة, تَغُرُّ أهلَها, وتخدع سُكَّانها, فلْتكن الدارُ الآخرةُ هي الهمَّ الأكبر, والنصيبَ الأوفر.
ذكر أولا صفات هؤلاء القوم بأنهم قوم يعدلون, بل أكثرهم لا يعلمون, وقليلا ما يتذكرون, ثم ذكر بعد ذلك تنزيهه سبحانه وعلوه عما يشركون, فالآيات السابقة في صفات أولئك المخلوقين المشركين وانحرافهم وجهلهم, وقلة تذكرهم. وذكر في هذه الآية تنزيهه سبحانه عن شركهم. 5- وقال تعالي: { أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [ النمل: 64]. فبدأ بسؤال ينكرونه, وهو الحياة بعد الموت, ثم طلب منهم البرهان علي معتقداتهم وشركهم, بعد كل ما ذكر, وبعد ما ألزمهم الحجة, فقد قال لهم بعد كل تقرير: { أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ} وهم يقولون في أنفسهم أو بألسنتهم: نعم. كلمات في العقيدة {أإله مع الله} - منتديات عاشق الحروف. فقال لهم: { هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}. فقد ذكرنا البراهين والدلالة علي التوحيد وبطلان الشرك, فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. فكان ذلك أنسب شئ وألزمه للحجة. روابط ذات صلة:
عرض مقطع الفيديو