والعَمَهُ انطماس البصيرة وتحير الرأي وفعله عَمِهَ فهو عامه وأعمه. وإسناد المد في الطغيان إلى الله تعالى على الوجه الأول في تفسير قوله: { ويمدهم} إسناد خلق وتكوين منوط بأسباب التكوين على سنة الله تعالى في حصول المسببات عند أسبابها.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١ - الصفحة ٩٦
قيل: حتى بمعنى الواو أي وتملوا. وقيل: المعنى وأنتم تملون. وقيل: المعنى لا يقطع عنكم ثواب أعمالكم حتى تقطعوا العمل. وقال قوم: إن الله تعالى يفعل بهم أفعالا هي في تأمل البشر هزء وخدع ومكر ، حسب ما روي: ( إن النار تجمد كما تجمد الإهالة فيمشون عليها ويظنونها منجاة فتخسف بهم). الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١ - الصفحة ٩٦. وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا هم منافقو أهل الكتاب ، فذكرهم وذكر استهزاءهم ، وأنهم إذا خلوا إلى شياطينهم يعني رؤساءهم في الكفر - على ما تقدم قالوا: إنا معكم على دينكم إنما نحن مستهزئون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. الله يستهزئ بهم في الآخرة ، يفتح لهم باب جهنم من الجنة ، ثم يقال لهم: تعالوا ، فيقبلون يسبحون في النار ، والمؤمنون على الأرائك - وهي السرر - في الحجال ينظرون إليهم ، فإذا انتهوا إلى الباب سد عنهم ، فيضحك المؤمنون منهم ، فذلك قول الله عز وجل: الله يستهزئ بهم أي في [ ص: 202] الآخرة ، ويضحك المؤمنون منهم حين غلقت دونهم الأبواب ، فذلك قوله تعالى: فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون إلى أهل النار هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون. وقال قوم: الخداع من الله والاستهزاء هو استدراجهم بدرور النعم الدنيوية عليهم ، فالله سبحانه وتعالى يظهر لهم من الإحسان في الدنيا خلاف ما يغيب عنهم ، ويستر عنهم من عذاب الآخرة ، فيظنون أنه راض عنهم ، وهو تعالى قد حتم عذابهم ، فهذا على تأمل البشر كأنه استهزاء ومكر وخداع ، ودل على هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الله عز وجل يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج.
يمدهم في طغيانهم يعمهون ... وخوار العجل الذي جعله الله فتنة لبني إسرائيل
وقوله: { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه} فالأول ظلم والثاني عدل، فهما وإن اتفق لفظهما فقد اختلف معناهما، وإلى هذا المعنى وجهوا كل ما في القرآن من نظائر ذلك والعمه: الضلال، يقال: عمه عمهاً إذا ضل، وقوله: { في طغيانهم يعمهون} أي في ضلالتهم وكفرهم يترددون حيارى، لا يجدون إلى المخرج منه سبيلاً لأن اللّه قد طبع على قلوبهم، وختم عليها، وأعمى أبصارهم عن الهدى فلا يبصرون رشداً ولا يهتدون سبيلاً، وقال بعضهم: العمه في القلب، والعمى في العين، وقد يستعمل العمى في القلب أيضا كم قال تعالى: { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}.
ثم أظهر الإسلام وأبطن الكفر خوفاً على نفسه، فإذا كان المسلمون أقوياء كثيرين أخفوا نفاقهم وصاروا يتسترون. وإذا كانوا موجودين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فهم موجودون الآن وبشدة، وهم العلمانيون الذين ينشرون في الصحف وغيرها الطعن في الإسلام وفي المسلمين، ومنهم الحداثيون الذين يطعنون في الإسلام ويقولون: إنه تراث. وكذلك الذين يطعنون في علماء السنة وفي كتب أهل السنة، ولهم نوادٍ ومجالس، وهم موجودون الآن، وهذا الكلام من الواقع. والذي يقول: إن هذا فيه تفريق للأمة؛ فقوله معناه الدعوة إلى الكفر، فهو يريد أن يجمع الناس على الكفر، وهذا يدل على عدم التوحيد والإيمان والإسلام، لأنهم يريدون أن تجتمع الأمة على الكفر، وهذه هي العولمة التي تريد أن يكون العالم قرية واحدة، ومن هذا القبيل الدعوة إلى وحدة الأديان، وإلى التآخي بين الأديان، وقد دعا هؤلاء إلى مؤتمر التآخي بين الأديان الثلاثة: الإسلام واليهودية والنصرانية، ولما اجتمعوا قالوا: إنها كلها أديان سماوية، فينبغي أن يكون في كل بلد وفي كل مطار مسجد وكنيسة ومعبد لليهود تحت سقف واحد، وتطبع التوراة والإنجيل والقرآن باسم واحد، وهذه دعوة إلى الكفر، والعياذ بالله.
هل الرعد غضب من الله ؟ سؤالٌ يكثر البحث عنه، وسيكون هو عنوان هذا المقال، ومن المعلومِ أنَّ الرعدَ آيةً من آياتِ الله -عزَّ وجلَّ- في كونه، لكن هل هذه الآية تدلُّ على غضبِه؟ في هذا المقال سيتمُّ الإجابة على هذا السؤال، كما سيتمُّ بيان ماهية الرعد شرعًا وعلميًا، كما سيتمُّ بيان الدعاء الذي كان يدعوا به أحد الصحابة عند سماع صوتِ الرعدِ. هل الرعد غضب من الله
لا يُمكن الجزمُ بأنَّ الرعدَّ يعدُّ غضبًا من الله -عزَّ وجلَّ- ام لا، إلَّا أنَّه بإمكاننا الجزمَ بأنَّ الرعدَ آيةً يخوِّف اللهُ بها عباده، ودليل ذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ. وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}.
هل الرعد غضب من الله والذاكرات
الحمد لله. أولا:
روى الترمذي (3117) وحسنه ، وأحمد (2483) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ: أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا أَبَا القَاسِمِ،
أَخْبِرْنَا عَنِ الرَّعْدِ مَا هُوَ؟ قَالَ: (مَلَكٌ مِنَ
المَلَائِكَةِ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مَخَارِيقُ مِنْ
نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ)
فَقَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي نَسْمَعُ؟ قَالَ:
(زَجْره بِالسَّحَابِ إِذَا زَجَرَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى
حَيْثُ أُمِرَ) قَالُوا: صَدَقْتَ. هل الرعد غضب من الله والذاكرات. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي". ورواه الطبري وغيره عن ابن عباس من قوله ، وعن مجاهد وعكرمة
وأبي صالح وشهر بن حوشب. انظر: "تفسير الطبري" (1/ 338-341) ، "الأدب المفرد" (722) ،
"الدر المنثور" (4/ 620-623)
وقال ابن عبد البر رحمه الله:
" جمهور أهل العلم مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ
يَقُولُونَ: الرَّعْدُ مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ " انتهى من
"الاستذكار" (8/ 588)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَقْوَالٌ لَا تُخَالِفُ
ذَلِكَ. كَقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ اصْطِكَاكُ أَجْرَامِ
السَّحَابِ بِسَبَبِ انْضِغَاطِ الْهَوَاءِ فِيهِ ، فَإِنَّ
هَذَا لَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ الرَّعْدَ مَصْدَرُ
رَعَدَ يَرْعَدُ رَعْدًا، وَكَذَلِكَ: الرَّاعِدُ يُسَمَّى
رَعْدًا، كَمَا يُسَمَّى الْعَادِلُ عَدْلًا.
في التراث الشعبي، فإن الرعد يعني غضبًا من الله، وسبب هذا الاعتقاد حديث نبوي ثبت ضعفه ونصه أن «أقبلت اليهود إلى النبي فقالوا: أخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: ملك من ملائكة الله، موكل بالسحاب يسوقه حيث أمره الله، وفي كتب أخرى يقال إن اسم الملك «روفايل»، وفي كل الحالات، هذا القول أيضاً لم تثبت صحته. الفقرة السابقة التي قالها الدكتور حسين سمرة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر لـ«رصيف22» ربما تفسر سبب هرولة المصريين لترداد دعاء الرعد حين تعرضت البلاد لعواصف رملية وأصوات رعدية في انقلاب طقسي في بداية فصل الربيع، وقد حذرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية المواطنين قبل وقوعه بـ24 ساعة في بيان رسمي. هل الرعد غضب من الله عليه وسلم. ونص الدعاء الذي احتل لائحة الأكثر بحثًا بموقع غوغل في مصر يوم الاضطراب الطقسي، "سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، إن هذا الوعيد شديد لأهل الأرض". هنالك الربط أصلًا بين ظاهرة طبيعية وبين غضب الله أمر لا يعدو أكثر من خرافة. الدكتور أحمد عبد العال رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية يقول لـ«رصيف22» إن الرعد هو ذلك الصوت الذي تسمعه مصاحبًا للبرق دومًا، أما سببه فهو أن ظاهرة البرق التي تحدث نتيجة اصطدام سحابتين، احداهما تحمل شحنة كهربائية موجبة وأخرى تحمل شحنة سالبة، لذلك فالرعد هو تفريغ شحنات كهربائية لا أكثر.