قال أكثر هؤلاء في قوله: {فالموريات قدحاً}: يعني: بحوافرها. وقيل: أسعرن الحرب بين ركبانهنّ. قاله قتادة. وعن ابن عبّاسٍ ومجاهدٍ: {فالموريات قدحاً}. يعني: مكر الرّجال. وقيل: هو إيقاد النّار إذا رجعوا إلى منازلهم من اللّيل. وقيل: المراد بذلك نيران القبائل. وقال من فسّرها بالخيل: هو إيقاد النّار بالمزدلفة. قال ابن جريرٍ: والصّواب الأوّل: أنّها الخيل حين تقدح بحوافرها. وقوله: {فالمغيرات صبحاً}. قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وقتادة: يعني: إغارة الخيل صبحاً في سبيل اللّه. وقال من فسّرها بالإبل: هو الدّفع صبحاً من المزدلفة إلى منًى. وقالوا كلّهم في قوله: {فأثرن به نقعاً}: هو المكان الذي حلّت فيه، أثارت به الغبار ؛؛ إمّا في حجٍّ أو غزوٍ. تفسير آية فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا. وقوله: {فوسطن به جمعاً}. قال العوفيّ: عن ابن عبّاسٍ،، وعطاءٌ وعكرمة وقتادة والضّحّاك: يعني جمع الكفّار من العدوّ. ويحتمل أن يكون: فوسطن بذلك المكان جميعهنّ، ويكون {جمعاً} منصوباً على الحال المؤكّدة، وقد روى أبو بكرٍ البزّار ههنا حديثاً: فقال: حدّثنا أحمد بن عبدة، حدّثنا حفص بن جميعٍ، حدّثنا سماكٌ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خيلاً، فأشهرت شهراً لا يأتيه منها خبرٌ؛ فنزلت: {والعاديات ضبحاً}: ضبحت بأرجلها.
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة العاديات - قوله تعالى فالموريات قدحا - الجزء رقم32
وقال عكرمة: هي ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلم به ، ويظهر بها من إقامة الحجج ، وإقامة الدلائل ، وإيضاح الحق ، وإبطال الباطل. وروى ابن جريح عن بعضهم قال: فالمنجحات أمرا وعملا ، كنجاح الزند إذا أوري. قلت: هذه الأقوال مجاز; ومنه قولهم: فلان يوري زناد الضلالة. والأول: الحقيقة ، وأن الخيل من شدة عدوها تقدح النار بحوافرها. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة العاديات - قوله تعالى فالموريات قدحا - الجزء رقم32. قال مقاتل: العرب تسمي تلك النار نار أبي حباحب ، وكان أبو حباحب شيخا من مضر في الجاهلية ، من أبخل الناس ، وكان لا يوقد نارا لخبز ولا غيره حتى تنام العيون ، فيوقد نويرة تقد مرة وتخمد أخرى; فإن استيقظ لها أحد أطفأها ، كراهية أن ينتفع بها أحد. فشبهت العرب هذه النار بناره; لأنه لا ينتفع بها. وكذلك إذا وقع السيف على البيضة فاقتدحت نارا ، فكذلك يسمونها. قال النابغة:ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائبتقد السلوقي المضاعف نسجه وتوقد بالصفاح نار الحباحب
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا)اختلف أهل التأويل, في ذلك, فقال بعضهم: هي الخيل توري النار بحوافرها. *ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا أبو رجاء, قال: سئل عكرِمة, عن قوله: ( فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا) قال: أورت وقدحت.
تفسير آية فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا
ثمّ قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): "ما غنم المسلمون مثلها قط إلاّ أن يكون من خيبر، فانّها مثل خيبر وأنزل اللّه تعالى في ذلك اليوم هذه السورة:
﴿ وَالعاديات ضبحاً ﴾ يعني بالعاديات: الخيل تعدو بالرجال،والضبح ضبحها في أعنّتها ولجمها. ﴿ فالموريات قدحاً * فالمغيرات صبحاً ﴾ فقد أخبرك انّها غارت عليهم صبحاً. ﴿ فأثرن به نقعاً ﴾ قال: يعني الخيل يأثرن بالوادي نقعاً. ﴿ فوسطن به جمعاً * إِنَّ الاِِنسان لربّه لكنود * وانّه على ذلك لشهيد * وَانَّهُ لحبّ الخَيرِ لَشديد ﴾ قال: يعنيهما قد شهدا جميعاً وادي اليابس وكانا لحب الحياة حريصين". ( 21)
1 - العاديات:1ـ 8. 2 - الحج:66. 3 - الروم:30. 4 - هود:9. 5 - إبراهيم:34. 6 - الاِسراء:11. 7 - الاسراء:67
8 - الكهف:54. 9 - الاَحزاب:72. 10 - الزخرف: 15. 11 - المعارج: 19. 12 - الاَعراف:11. 13 - الروم:30. 14 - التين:4. 15 - الاِسراء:70. 16 - الاَحزاب:72. 17 - الاِسراء: 70. 18 - الاِسراء:70. 19 - التين:5ـ 6. 20 - الحديد:25.
فقلت له: الخيل حين تغير في سبيل اللّه ثمّ تأوي إلى اللّيل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم. فانفتل عنّي فذهب إلى عليٍّ رضي اللّه عنه وهو عند سقاية زمزم، فسأله عن: {العاديات ضبحاً}. فقال: سألت عنها أحداً قبلي؟ قال: نعم، سألت ابن عبّاسٍ، فقال: الخيل حين تغير في سبيل اللّه. قال: اذهب فادعه لي. فلمّا وقف على رأسه قال: أتفتي الناس بما لا علم لك، واللّه لئن كان أوّل غزوةٍ في الإسلام بدرٌ، وما كان معنا إلاّ فرسان: فرسٌ للزّبير، وفرسٌ للمقداد، فكيف تكون العاديات ضبحاً، إنّما العاديات ضبحاً من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منًى. قال ابن عبّاسٍ: فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال عليٌّ رضي اللّه عنه. وبهذا الإسناد عن ابن عبّاسٍ قال: قال عليٌّ إنّما {العاديات ضبحاً}: من عرفة إلى المزدلفة، فإذا أووا إلى المزدلفة أوروا النّيران. وقال العوفيّ: عن ابن عبّاسٍ: هي الخيل. وقد قال بقول عليٍّ: إنّها الإبل. جماعةٌ، منهم إبراهيم وعبيد بن عميرٍ. وبقول ابن عبّاسٍ آخرون،، منهم مجاهدٌ وعكرمة وعطاءٌ وقتادة والضّحّاك، واختاره ابن جريرٍ. قال ابن عبّاسٍ وعطاءٌ: ما ضبحت دابّةٌ قطّ إلاّ فرسٌ أو كلبٌ. وقال ابن جريجٍ: عن عطاءٍ، سمعت ابن عبّاسٍ يصف الضّبح: أح أح.
تاريخ النشر: الثلاثاء 27 شعبان 1422 هـ - 13-11-2001 م
التقييم:
رقم الفتوى: 11456
306642
0
831
السؤال
ما معنى هذا الحديث: عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا، فقالوا: وفي نجدنا يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، فقال الناس: وفي نجدنا يا رسول الله؟ قال ابن عمر: أظن أنه قال في المرة الثالثة: الزلازل والفتن هناك: وهناك يطلع قرن الشيطان" صحيح البخاري. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الحديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولفظه في صحيح البخاري: "اللهم بارك لنا في شأمنا، الله بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ قال: اللهم بارك لنا في شأمنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله في نجد؟ (قال الرواي) فأظنه قال في الثالثة: هنالك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان". وفي صحيح مسلم طرف منه. والحديث فيه دلالة على فضل الشام واليمن، والدعاء لهما بالبركة، وقد وردت أحاديث أخر في فضلهما، وفضل سكناهما، وخاصة في آخر الزمان حين تكثر الفتن، فمن ذلك ما أخرجه أبو داود وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سيصير الأمر أن تكونوا جنوداً مجندة: جند بالشام، وجند باليمن، وجند بالعراق، قال ابن حوالة: خر(أي: اختر) لي يا رسول الله إن أدركت ذلك، فقال: عليك بالشام، فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم، واسقوا من غدركم، فإن الله توكل لي بالشام وأهله".
سؤال وجواب (بإشراف فضيلة الشيخ الدكتور عيسى الدريويش) - ماصحه هذا الحديث
بل هنالك رواية لهذا الحديث المسؤول عنه أخرجها الطبراني في الكبير فيها التصريح بالعراق بدل نجد. ومن ذلك أيضاً الحديث المتقدم الذي ذكرناه في فضل الشام واليمن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى اللحوق بجند الشام أو جند اليمن، ولم يرشد إلى اللحوق بجند العراق، مما يوحي بأن تلك الجهة فيها ما ليس مرغوباً فيه شرعاً. هذا بالإضافة إلى أن الواقع يشهد بأن تلك الجهة لم تزل على مر تاريخ الأمة مصدر فتن عظمى. وعلى كل، فالخلاصة - والله تعالى أعلم - هي أن المراد بنجد: هو جهة العراق، وهذا لا يعني ذماً لتلك الجهة مطلقاً، ولا ذما لكل من سكنها، بل إن من كان من أهلها وصبر على ما يحصل فيها من ابتلاء، ونجاه الله تعالى من الفتن التي تحصل فيها، فهو من خير الناس، إن شاء الله تعالى. وإن أعلام الأمة من مقرئين ومحدثين وفقهاء وزهاد وأئمة في كل فن وكل باب من البر من تلك البلاد لا يحصون كثرة، ولله الحمد. والله أعلم.
وعبد الله بن جعفر بن نجيح هو والد علي بن المديني