قال عمرو بن دينار ومجاهد وغيرهما من أهل مكة: لم يزل شأننا متشابهًا متناظرين حتى خرج عطاء بن أبي رَباحٍ إلى المدينة، فلما رجع إلينا استبان فضله علينا. قال أبو حنيفة: ما رأيتُ فيمن لقيتُ أفضلَ من عطاء بن أبي رَباحٍ. قال قتادة بن دعامة: عطاء بن أبي رَباحٍ أعلم أهل زمانه بالمناسك. قال يحيى بن معين: عطاء بن أبي رَباحٍ ثقةٌ. قال إسماعيل بن أمية: كان عطاءٌ يُطيل الصمت، فإذا تكلم يخيَّل إلينا أنه يؤيد. قبس من كلام عطاء:
قال عطاء بن أبي رَباحٍ: أفضل ما أوتي العباد العقل عن الله، وهو الدين. قال عمر بن الورد: قال لي عطاء: إن استطعت أن تخلو بنفسك عشية عرفة، فافعل. قال محمد بن سوقة: ألا أحدثكم بحديثٍ لعله ينفعكم؟ فإنه نفعني، قال لنا عطاء بن أبي رَباحٍ: يا بن أخي، إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعُدُّون فضول الكلام ما عدا كتاب الله تعالى أن يقرأ، أو أمرًا بمعروفٍ، أو نهيًا عن منكرٍ، أو تنطق في حاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها، أتنكرون: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾ [الانفطار: 10، 11]، ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 17، 18]، أما يستحي أحدكم لو نشرت عليه صحيفته التي أملاها صدر نهاره أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه".
عطاء بن أبي رباح وورعه في التفسير
ملخص المقال
نسبه ونشأته هو عطاء بن أبى رباح مولى آل أبى خيثم الفهري القرشي واسم أبى رباح أسلم
هو عطاء بن أبى رباح مولى آل أبى خيثم الفهري القرشي واسم أبى رباح أسلم، ولد بالجَندَ (بلدة باليمن) وكان مولده سنة سبع وعشرين أثناء خلافة عثمان بن عفان، ولما سُئِل عن موعد مولده قال: لعامين خَلَوا من خلافة عثمان، وكان عطاء أسود أعور أشل أعرج، ثم عمي في آخر عمره، وكان من سادات التابعين فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلاً لم يكن له فراش إلا المسجد الحرام إلى أن مات. نشأ عطاء بن أبي رَباحٍ بمكة، وهو مولى آل أبي ميسرة بن أبي خثيمٍ الفهري، وكان يكنى بأبي محمد. شيوخ عطاء:
حَدَّث َعطاء بن أبي رَباحٍ عن عائشة، وأم سلمة، وأم هانئ، وأبي هريرة، وابن عباسٍ، وحكيم بن حزامٍ، ورافع بن خَديجٍ، وزيد بن أرقم، وزيد بن خالدٍ الجهني، وصفوان بن أمية، وابن الزبير، وعبد الله بن عمرٍو، وابن عمر، وجابرٍ، ومعاوية، وأبي سعيدٍ، وعدةٍ من الصحابة. وحدث أيضًا عن: عبيد بن عميرٍ، ويوسف بن ماهك، وسالم بن شوالٍ، وصفوان بن يعلى بن أمية، ومجاهدٍ، وعروة، وابن الحنفية، وعدةٍ. قال عطاء بن أبي رَباحٍ: أدركت مائتي نفسٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد إذا قال الإمام: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة:7] سمعت لهم رجَّة بآمين.
بقلم - مشعل السديري
قال عثمان بن عطاء: انطلقت مع أبي نريد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، فلما غدونا قريباً من دمشق؛ إذا نحن بشيخ على حمار أسود عليه قميص صفيق وجُبَّة بالية وقلنسوة لازقة برأسه، فضحكت منه وقلت لأبي: من هذا؟ فقال: اسكت هذا سيد فقهاء الحجاز (عطاء بن أبي رباح). وانطلقا حتى وقفا على باب قصر الخليفة، حتى أذن لهما، ولما خرج أبي سألته: حدثني بما كان منكما، فقال: لما علم هشام أن عطاء بن أبي رباح بالباب بادر فأذن له، ووالله ما دخلت إلا بسببه، فلما رآه هشام قال: مرحباً مرحباً هاهُنا هاهُنا، وما زال يكررها، حتى أجلسه معه على سريره ومس بركبته ركبته. وكان في المجلس أشراف الناس وكانوا يتحدثون فسكتوا، ثم أقبل عليه هشام وقال: ما حاجتك يا أبا محمد؟، قال: يا أمير المؤمنين، أهل الحرمين أهل الله وجيران رسوله تقسّم عليهم أرزاقهم وأعطياتهم، فقال: نعم، يا غلام اكتب لأهل مكة والمدينة بعطاياهم وأرزاقهم لسنة. ثم سأله: هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ فقال: نعم، أهل الحجاز وأهل نجد أصل العرب وقادة الإسلام ترد فيهم فضول صدقاتهم، فقال: نعم، يا غلام اكتب بأن ترد فيهم فضول صدقاتهم، ثم سأله: هل من حاجة غير ذلك يا أبا محمد؟ قال: نعم، فأهل الثغور يقفون في مواجهة العدو ويقتلون من رام المسلمين بشرّ، تجري عليهم أرزاقاً تدرها عليهم، فإنهم إن هلكوا ضاعت الثغور، فقال: نعم، يا غلام اكتب بحمل أرزاقهم إليهم، هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم، أهل ذمتكم لا يكلفون ما لا يطيقون، فإن ما تجبونه منهم معونة لكم على عدوكم، فقال: يا غلام اكتب لأهل الذمة بألا يكلفوا ما لا يطيقون.
تاريخ النشر: الخميس 22 جمادى الآخر 1437 هـ - 31-3-2016 م
التقييم:
رقم الفتوى: 325846
54813
0
2233
السؤال
نأمل من فضيلتكم بيان السنن التي إن سها عنها أو نسيها المصلي في صلاته تكون موجبة للسجود القبلي، لأنني صليت خلف إمام صلاة جهرية، ولم يتبين لنا أنه ترك سنة موجبة للسجود، ومع ذلك سجد بنا سجوداً قبلياً، وعندما سئل لماذا السجود القبلي ونحن لم نر أنك تركت سنة قط؟ قال إني نسيت الدعاء في الجلوس بين السجدتين في إحدى ركعاتي، وهي قول: ربي اغفر لي ـ فهل هذا الدعاء فعلاً عند بعض الفقهاء من نسيه أو سها عنه موجب للسجود القبلي؟. أطال الله في أعماركم ونفع بكم المسلمين.
دعاء الجلوس بين السجدتين - بحر
وقال ابن قدامة في المغني: وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ تَكْبِيرَ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ، وَتَسْبِيحَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَقَوْلَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، وَقَوْلَ: رَبِّي اغْفِرْ لِي ـ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ـ وَالتَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ، وَاجِبٌ. ولذلك، فإن ترك دعاء: رب اغفر لي.. أدعية الجلوس بين السجدتين. بين السجدتين سهوا أو عمدا لا يلزم منه شيء عند الجمهور، وتركه سهوا موجب لسجود السهو في المشهور عند الحنابلة، ولعل إمامكم ممن يذهب إلى قول الحنابلة. والله أعلم.
أدعية الجلوس بين السجدتين
وما عدا هذه السنن لا سجود له عندهم. وجاء في المجموع للنووي الشافعي: التَّسْبِيح وَسَائِر الْأَذْكَارِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَوْلُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَالتَّكْبِيرَاتُ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، كُلُّ ذَلِكَ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَأْثَمْ، وصلاته صحيحة، سواء تركه عمدا أو سَهْوًا، لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ عَمْدًا، هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وجمهور الْعُلَمَاءِ. وقول الجمهور هو الراجح المفتى به عندنا، كما بيناه في الفتوى رقم: 94786. وذهب الحنابلة في المشهور عندهم إلى وجوب السجود على من نسي الدعاء بين السجدتين، لأنه من الواجبات عندهم والسجود للواجب واجب، وهذه الواجبات هي كما جاء في العدة شرح العمدة للمقدسي الحنبلي: وواجباتها سبعة: التكبير غير تكبيرة الإحرام، والتسبيح في الركوع والسجود مرة مرة، والتسميع والتحميد في الرفع من الركوع، وقول: رب اغفر لي ـ بين السجدتين، والتشهد الأول، والجلوس له، والصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد الأخير فهذه إن تركها عمداً بطلت صلاته، وإن تركها سهواً جبرها بالسجود.
طرق السجود مستحبة وليست مكروهة. إذا قام الشخص بعكس جلسة التشهد الأول وجلسة التشهد الأخير تكون صلاته صحيحة ولم تبطل. بين السجدتين وفي التشهد الأول
سنة الجلوس تسمى الافتراش. يجب على كل مصلي أن يضع رجله اليسرى أسفله، ثم يقوم بالجلوس عليها. وتكون قدم رجله اليمنى معتدلة. في التشهد الأخير
سنة الجلوس تسمى التورك. يقوم المصلي بإدخال القدم اليسرى لديه أسفل الجزء السفلي من رجله وهي الساق اليمنى. يجلس المصلي على مقعدته. هل جلسة الاستراحة للإمام فقط؟
جلسة الاستراحة تعتبر أحد سنن الصلاة. لا تكون للإمام فقط، بل أيضاً تكون للمصلين خلفه، وتكون لمن يصلي بمفرده. عندما يجلس الإمام جلسة الاستراحة يجب على المصلين خلفه أن يجلسوها أيضاً. يكون ذلك حتى لا يسبق المصلون الإمام في الصلاة. اقرأ أيضا من هنا: دعاء السجود في الصلاة المستجاب مكتوب
لقد تعرفنا معكم في هذا المقال على إجابة سؤال هل يجوز الدعاء بين السجدتين يكون من أهم وأفضل الأسئلة التي يجب معرفة إجابتها، فالسجود وضع عظيم، يجب على كل مسلم الدعاء أثناء سجوده.