وحين تتأملُ في مضمارِ السباقِ، تجدُ أنَّ القومَ لا يتسابقونَ بأقدامِهم، ولا بمراكبِهم، وإنما يتسابقونَ بقلوبِهم، فهي التي تقودُ أرواحَهم وأجسادَهم إلى رضوانِ اللهِ، يتجهون إلى الله حُبًا ورَغَبًا ورَهَبًا، زينتُهم الإخلاصُ، وزادُهم التقوى، قالَ يحيى بنُ معاذٍ-رحمه اللهُ تعالى-: "مَفَاوِزُ الدنيا تُقْطَعُ بِالْأَقْدَامِ، وَمَفَاوِزُ الآخرة تُقْطَعُ بِالقلوب". في مضمارِ سباقِ القلوبِ لن تستغربَ أنْ تجدَ متسابقَينِ اثنينِ وصلا إلى المنزلةِ نفسِها، أحدُهما جاهدَ في سبيلِ اللهِ، وواجَه المخاوفَ، وتَعَرَّضَ للأخطارِ حتى كُتبتْ له الشهادةُ، والآخرُ ماتَ على فراشِه بين أهلِه وأحبابِه وأموالِه، وذلك لأنهما سابقا بقلبيهما إلى اللهِ، قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلمَ-: "مَن سَأَلَ اللَّهَ الشَّهادَةَ بصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ، وإنْ ماتَ علَى فِراشِهِ". ولن تستغربَ أن ترى في جموعِ المنحرفينَ عن السباقِ، رجلًا أمضى حياتَه في كتابِ اللهِ حفظًا وتعلمًا وتعليمًا، ورجلًا جاهدَ حتى قُتلَ، ورجلًا أنفقَ مالَه حتى أفناه في الخيرِ، ستراهم في خارجِ السباقِ لأنهم لم يسابقوا بقلوبِهم إلى اللهِ، وانحرفَ بهم المسارُ، فلم يصلوا إلى مغفرةِ اللهِ وجنتِه، وإنما وصلوا إلى ما أرادوا من الرياءِ والسمعةِ، سابقوا إلى حيثُ يُقالُ لهم: فلانٌ قارئٌ، فلانٌ شجاعٌ، فلانٌ جوادُ، أولئك الذينَ قالَ عنهم النبي-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلمَ-: "يا أبا هريرةَ أولئِك الثَّلاثةُ أوَّلُ خلقِ اللهِ تُسعَّرُ بِهمُ النَّارُ يومَ القيامةِ".
- إنهم كانوا يسارعون في الخيرات
- معنى قوله تعالى وما ربك بظلام للعبيد - إسلام ويب - مركز الفتوى
- وما ربك #بظلام للعبيد - YouTube
إنهم كانوا يسارعون في الخيرات
والأنبياء قدوة للمؤمنين، فوجب
التأسي بهم في المسارعة في الخيرات. انهم كانوا يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون. وأخبر سبحانه أن أهل الإيمان ينقسمون إلى
ثلاثة أقسام أعلاها المسابقون بالخيرات ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ
اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ
مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ
الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ [فاطر: 32]. والمسابقون بالخيرات هم المقربون من الرحمن في
الجنان، وهم أعلى أهل الجنة منزلة، وأكثرهم نعيماً ﴿ وَالسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [الواقعة:
10 - 12]. وأثنى الله تعالى على أهل الخشية من المؤمنين،
وأخبر عن أعمالهم ومسارعتهم في الخيرات ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ
رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ *
وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا
وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ
يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 57 - 61]. وأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالمسابقة إلى
مغفرته وجنته؛ وذلك لا يكون إلا بالمسابقة في الأعمال الصالحة ﴿ سَابِقُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [الحديد: 21].
وقوله ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) يقول الله: إن الذين سميناهم ، يعني زكريا وزوجه ويحيى ، كانوا يسارعون في الخيرات في طاعتنا ، والعمل بما يقرّبهم إلينا، وقوله ( وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا) يقول تعالى ذكره: وكانوا يعبدوننا رغبا ورهبا ، وعنى بالدعاء في هذا الموضع: العبادة ، كما قال وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ويعنى بقوله ( رَغَبا) أنهم كانوا يعبدونه رغبة منهم فيما يرجون منه من رحمته وفضله (وَرَهَبا) يعني رهبة منهم من عذابه وعقابه ، بتركهم عبادته وركوبهم معصيته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا) قال: رغبا في رحمة الله ، ورهبا من عذاب الله. حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله ( وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا) قال: خوفا وطمعا ، قال: وليس ينبغي لأحدهما أن يفارق الآخر. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الأمصار ( رَغَبًا وَرَهَبًا) بفتح الغين والهاء من الرغَب والرهَب ، واختلف عن الأعمش في ذلك ، فرُويت عنه الموافقة في ذلك للقرّاء ، ورُوي عنه أنه قرأها رُغْبا ورُهْبا بضم الراء في الحرفين وتسكين الغين والهاء.
مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) القول في تأويل قوله تعالى: مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله للمشركين وقرنائهم من الجنّ يوم القيامة, إذ تبرأ بعضهم من بعض: ما يغير القول الذي قلته لكم فى الدنيا, وهو قوله لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ولا قضائي الذي قضيته فيهم فيها. وما ربك بظلام للعبيد. كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) قد قضيت ما أنا قاض. حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبي بزّة, عن مجاهد, في قوله ( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) قال: قد قضيت ما أنا قاض. وقوله ( وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ) يقول: ولا أنا بمعاقب أحدا من خلقي بجرم غيره, ولا حامل على أحد منهم ذنب غيره فمعذّبه به.
معنى قوله تعالى وما ربك بظلام للعبيد - إسلام ويب - مركز الفتوى
ويقول - عز وجل -: {ولا يظلم ربك أحدًا}. والآيات في هذا كثيرة ، أن الله لا يظلم ، بل إننا إذا تأملنا وجدنا أن فضل الله وإحسانه أكثر من عدله. جزاء سيئة سيئة مثلها، وجزاء حسنة عشرة أمثالها، ولو أردنا أن نأخذ بالعدل لكان السيئة بالسيئة، والحسنة بالحسنة، لكن فضل الله زائد على عدله - عز وجل - فهو سبحانه وتعالى يجزي بالفضل والإحسان لمن كان محسناً، وبالعدل بدون زيادة لمن كان مسيئاً {ما يبدل القول لدى ومآ أنا بظلام للعبيد}. وما كان ربك بظلام للعبيد. 2018-02-02, 06:48 PM #3 الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة لا تستطيع الرد على المواضيع لا تستطيع إرفاق ملفات لا تستطيع تعديل مشاركاتك قوانين المنتدى
وما ربك #بظلام للعبيد - Youtube
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ
تفسير بن كثير لما ذكر تعالى حال السعداء ثنَّى بذكر الأشقياء، فقال: { إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون.
[6] وأمّا ربوبيّة الله سبحانه القائمة علىٰ أساس الرحمة فهي ربوبيّة محمودة ومستحسنة. آية الله الشيخ جوادي آملي [1]. سورة الكهف، الآية 49. [2]. جملة ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيد﴾ لاتعني انّ الله ليس بكثير الظلم، لأنّ نفي الظلم الكثير لاينافي إثبات الظلم القليل في حين انّ صدور الظلم القليل كالظلم الكثير محال علىٰ الله سبحانه. والسرّ في المبالغة في «ظلاّم» هو انّ صدور الظلم القليل من مدبّر ومربّي جميع الكون يُعَدُّ ظلماً كثيراً، لأنّه لو ظلم ذرّة من ذرّات هذا الكون (بنقلها من موضعها المناسب) فإنّ جميع الكون المنظّم سيختلّ، لانّ جميع أجزاء عالم الخلق كحلقات سلسلة ومراتب الأعداد قد تمّ ترتيبها وتنظيمها بحيث لو استبدلت حلقة باُخرىٰ فانّ الخلل سيمتدّ الىٰ العالم بأسره. [3]. معنى قوله تعالى وما ربك بظلام للعبيد - إسلام ويب - مركز الفتوى. سورة فصّلت، الآية 46. [4]. سورة النازعات، الآية 24. [5]. سورة يوسف، الآية 42. [6]. سورة يوسف، الآية 39. الكلمات الدلالية (Tags):
لا يوجد
اقتباس