[ ص: 776] المجلد الرابع من تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام الرب المنان لجامعه الفقير إلى الله: عبد الرحمن بن ناصر السعدي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين. [ ص: 777] تفسير سورة يوسف بن يعقوب عليهما الصلاة والسلام
وهي مكية
بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين
1 - يخبر تعالى أن آيات القرآن هي آيات الكتاب المبين أي: البين الواضحة ألفاظه ومعانيه. التعليق على تفسير السعدي (4) | سورة الفاتحة آية ٢ - ٤ | يوم 1443/9/20 | الشيخ أ.د يوسف الشبل - YouTube. 2 - ومن بيانه وإيضاحه: أنه أنزله باللسان العربي ، أشرف الألسنة ، وأبينها ، المبين لكل ما يحتاجه الناس من الحقائق النافعة ، وكل هذا الإيضاح والتبيين لعلكم تعقلون أي: لتعقلوا حدوده وأصوله وفروعه ، وأوامره ونواهيه ؛ فإذا عقلتم ذلك بإيقانكم واتصفت قلوبكم بمعرفتها ؛ أثمر ذلك عمل الجوارح والانقياد إليه ، و لعلكم تعقلون أي: تزداد عقولكم بتكرر المعاني الشريفة العالية ، على أذهانكم ،. فتنتقلون من حال إلى أحوال أعلى منها وأكمل. (3 نحن نقص عليك أحسن القصص وذلك لصدقها وسلاسة عبارتها ورونق معانيها ، بما أوحينا إليك هذا القرآن أي: بما اشتمل عليه هذا القرآن الذي أوحيناه إليك ، وفضلناك به على سائر الأنبياء ، وذاك محض منة من الله وإحسان.
التعليق على تفسير السعدي (4) | سورة الفاتحة آية ٢ - ٤ | يوم 1443/9/20 | الشيخ أ.د يوسف الشبل - Youtube
اختر رقم الآية وَرَٰوَدَتْهُ ٱلَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلْأَبْوَٰبَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ ۖ إِنَّهُۥ رَبِّىٓ أَحْسَنَ مَثْوَاىَ ۖ إِنَّهُۥ لَا يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴿٢٣﴾ سورة يوسف تفسير السعدي هذه المحنة العظيمة, أعظم على يوسف, من محنة إخوته, وصبره عليها, أعظم أجرا, لأنه صبر اختيار, مع وجود الدواعي الكثيرة, لوقوع الفعل, فقدم محبة الله عليها. وأما محنته بإخوته, فصبره صبر اضطرار, بمنزلة الأمراض والمكاره التي تصيب العبد بغير اختياره وليس له ملجأ إلا الصبر عليها, طائعا أو كارها. وذلك أن يوسف عليه الصلاة والسلام, بقي مكرما في بيت العزيز. وكان له من الجمال, والكمال, والبهاء, ما أوجب ذلك, أن " وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ " أي: هو غلامها, وتدبيرها, والمسكن واحد, يتيسر فيه إيقاع الأمر المكروه, من غير شعور أحد, ولا إحساس بشر. وزادت المصيبة, بأن " وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ " وصار المحل خاليا, وهما آمنان من دخول أحد عليهما, بسبب تغليق الأبواب. تفسير السعدي سورة يوسف. وقد دعته إلى نفسها " وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ " أي: افعل الأمر المكروه وأقبل إلي.
ومع هذا, فهو غريب, لا يحتشم مثله, ما يحتشمه إذا كان في وطنه, وبين معارفه. وهو أسير تحت يدها, وهي سيدته, وفيها من الجمال, ما يدعو إلى ما هنالك. وهو شاب عزب, وقد توعدته, إن لم يفعل ما تأمرة به, بالسجن, أو العذاب الأليم. فصبر عن معصية الله, مع وجود الداعي القوي فيه, لأنه قد هم فيها, هما, تركه لله, وقدم مراد الله على مراد النفس الأمارة بالسوء. ورأى من برهان ربه - وهو ما معه من العلم والإيمان, الموجب, لترك كل ما حرم الله - ما أوجب له البعد والانكفاف, عن هذه المعصية الكبيرة.
" قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ " أي. أعوذ بالله, أن أفعل هذا الفعل القبيح, لأنه مما يسخط الله, ويبعد عنه, ولأنه خيانة في حق سيدي, الذي أكرم مثواي. فلا يليق بي, أن أقابله في أهله, بأقبح مقابلة, وهذا من أعظم الظلم والظالم لا يفلح. والحاصل أنه جعل الموانع له من هذا الفعل, تقوى الله, ومراعاة حق سيده, الذي أكرمه, وصيانة نفسه عن الظلم, الذي لا يفلح من تعاطاه. وكذلك ما من الله عليه, من برهان الإيمان, الذي في قلبه, يقتضي منه, امتثال الأوامر, واجتناب الزواجر. والجامع لذلك كله. أن الله صرف عنه السوء والفحشاء, لأنه من عباده المخلصين له, في عباداتهم, الذين أخلصهم الله, واختارهم, واختصهم لنفسه, وأسدى عليهم من النعم, وصرف عنهم المكاره, ما كانوا به من خيار خلقه.