(p-٤٢١)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقِينَ﴾. يَقُولُ: لَمْ يَبْقَ إلّا ذُرِّيَّةُ نُوحٍ: ﴿وتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ﴾ يَقُولُ: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ. تفسير سورة الصافات. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «فِي قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقِينَ﴾ قالَ: سامٌ وحامٌ ويافِثُ». وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ وأحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ سُمْرَةَ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «سامٌ أبُو العَرَبِ وحامٌ أبُو الحَبَشِ ويافِثُ أبُو الرُّومِ». وأخْرَجَ البَزّارُ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والخَطِيبُ في "تالِي التَّلْخِيصِ" عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ولَدُ نُوحٍ ثَلاثَةٌ، سامٌ وحامٌ ويافِثُ، فَوَلَدُ سامٍ العَرَبُ وفارِسُ والرُّومُ والخَيْرُ فِيهِمْ، ووَلَدُ يافِثَ يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ والتُّرْكُ والصَّقالِبَةُ ولا خَيْرَ فِيهِمْ، ووَلَدُ حامٍ القِبْطُ (p-٤٢٢)والبَرْبَرُ والسُّودانُ».
- تفسير سورة الصافات
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الصافات - الآية 75
- تفسير ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون [ الصافات: 75]
- لماذا عم الطوفان جميع البشر؟ وليس فقط قوم نوح؟ - الإسلام سؤال وجواب
تفسير سورة الصافات
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَقَدْ نادانا نُوحٌ﴾ الآياتِ. أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ المُجِيبُونَ﴾. ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه. قالَ: أجابَهُ اللَّهُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «كانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا صَلّى في بَيْتِي، فَمَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ: ﴿ولَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ المُجِيبُونَ﴾ قالَ: صَدَقْتَ رَبَّنا أنْتَ خَيْرُ مَن دُعِيَ، وأقْرَبُ مَن بُغِيَ فَنِعْمَ المَدْعِيُّ ونِعْمَ المُعْطِي، ونِعْمَ المَسْؤُولُ ونِعْمَ المَوْلى، وأنْتَ رَبُّنا ونِعْمَ النَّصِيرُ». وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿ونَجَّيْناهُ وأهْلَهُ مِنَ الكَرْبِ العَظِيمِ﴾ قالَ: مِن غَرَقِ الطُّوفانِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقِينَ﴾ قالَ: فالنّاسُ كُلُّهم مِن ذُرِّيَّةِ نُوحٍ ﴿وتَرَكْنا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ﴾ قالَ: أبْقى اللَّهُ عَلَيْهِ الثَّناءَ الحَسَنَ في الآخِرِينَ.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الصافات - الآية 75
تَكشِفُ لَنَا هَذِه الآيَاتُ -أيُّها الموحِّدُونَ- الْجُهدَ المُضْنِيَ والمُرهِقَ الذي بَذَلَهُ نُوحٌ عَليه السلامُ مَعَ قَومِهِ، وعَن مَدَى صَبرِهِ الجَميلِ وإِصرَارَهِ الكَبِيرِ لهِدَايَةِ قَومِهِ. وقَد ذَكَرَ بعضُ المفسِّرينَ أنَّ عَدَدَ الذينَ آمنُوا مَعَهُ ثَمانُونَ رَجلاً وامرأةً فَقَطْ! يا اللهُ!! دَعوةٌ ورِسالةٌ عُمُرُهَا أَلفَ سَنةٍ ومعَ ذَلكَ لَمْ يُؤمِنْ إلا ثَمَانُونُ!! ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون. هذِه رِسالَةٌ وَاضحةٌ لليَائِسِينَ والمحبَطِينَ ألاَّ يُصَابُوا بالْمَللِ والضَّجَرِ مِن دَعوَةِ أَزوَاجِهِم وأَولاَدِهِم ومُجتَمَعَاتِهِم وأنَّ مَن يُرِيدُ أَنْ يَدعُوَ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ لا بدَّ أنْ يَتحَلَّى بالصَّبرِ الشَّديدِ في شَأنِهِ كُلِّهِ. نَسأَلُ اللهَ تَعَالى أنْ يَرزُقَنَا وإيَّاكُمُ الصَّبرَ علَى دِينِهِ، وأنْ يَجعلَنَا مِن أَتباعِ سَيِّدِ المرسَلِينَ...
أقولُ ما سمعتم...
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ، نَصرَ عَبدَهُ، وأَعزَّ جُندَهُ، وهَزَمَ الأَحزَابَ وَحْدَهُ، وأشهدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لاَ شَريكَ لَه، وأَشهَدُ أنَّ سَيدَنَا ونَبيَّنَا محمَّدًا عَبدُهُ ورَسُولُهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وأصحَابِهِ وأتبَاعِهِ أجمعِينَ.
تفسير ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون [ الصافات: 75]
وقال:
{ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}
فاستجاب اللّه له، ومدح تعالى نفسه فقال:
{ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ}
لدعاء الداعين، وسماع تبتلهم وتضرعهم، أجابه إجابة طابق ما سأل، نجاه
وأهله من الكرب العظيم، وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته
متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناء حسنا
مستمرا إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى
الخلق، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب
إحسانهم. ودل قوله:
{ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}
أن الإيمان أرفع منازل العباد وأنه مشتمل على جميع شرائع الدين وأصوله
وفروعه، لأن اللّه مدح به خواص خلقه. { 83 - 113} { وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ}
إلى آخر القصة، أي: وإن من شيعة نوح عليه السلام، ومن هو على طريقته في
النبوة والرسالة، ودعوة الخلق إلى اللّه، وإجابة الدعاء، إبراهيم الخليل
عليه السلام. لماذا عم الطوفان جميع البشر؟ وليس فقط قوم نوح؟ - الإسلام سؤال وجواب. {
إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} من الشرك والشبه، والشهوات المانعة من تصور الحق، والعمل به، وإذا كان
قلب العبد سليما، سلم من كل شر، وحصل له كل خير، ومن سلامته أنه سليم من
غش الخلق وحسدهم، وغير ذلك من مساوئ الأخلاق، ولهذا نصح الخلق في اللّه،
وبدأ بأبيه وقومه فقال: {
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ} هذا استفهام بمعنى الإنكار، وإلزام لهم بالحجة.
لماذا عم الطوفان جميع البشر؟ وليس فقط قوم نوح؟ - الإسلام سؤال وجواب
وقد أُمِرنا ، نحن المسلمين، أن نتشبث بالنصوص المحكمة، ولا نعارضها بالنصوص المشتبهة، وحُذِّرنا من ذلك أشد تحذير. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ....
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ رواه البخاري (4547)، ومسلم (2665). والله أعلم.
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى، نقلا عن ابن عقيل رحمه الله تعالى:
" إن خصيصة النبي صلى الله عليه وسلم حاصلة من جهة خفية عن كثير من العلماء؛ وذلك أن شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم جاءت ناسخة لكل شريعة قبلها، فلم يبق يهودية ولا نصرانية ولا دين من سائر الأديان التي جاءت بها النبوات ، إلا أمر بتركها ودعا إلى شريعته. ومعنى قوله: (كل نبي بعث إلى قومه): المراد أنه قد كان يجتمع في العصر الواحد نبيان يدعو كل واحد منهما إلى شريعة تخصه ، ولا يدعو الأمة التي بعث فيها غيره إلى دينه ، ولا يصرف عنه، ولا ينسخ ما جاء به الآخر. فهذه خصيصة لم تكن لأحد قبله، حتى إن نوحا لم ينقل أنه كان معه نبي، فدعا إلى ملته ، ملةَ ذلك النبي ، ولا نسخها. وهذا يدفع ما قالوا وقدروه من الأسئلة ، وعقبوه بالأجوبة. ويوضح هذا أنه لما وجد ورقة من التوراة بيد عمر قال: ( ألم آتكم بها بيضاء نقية؟ والله لو أدركني موسى لما وسعه إلا اتباعي). لأنه لا يقدر عيسى أن يقول في التوراة ولا في حق موسى هذه المقالة " انتهى من "كشف المشكل" (3 / 43). وهذا المفهوم لا يعارض القول بأن قوم نوح هم جميع أهل الأرض يومئذ، لأن نوحا وإن أرسل إليهم جميعا، فهم قومه خاصة.