وقال ابن القيم: (الشحُّ فهو خلق ذميم يتولد من سوء الظن، وضعف النفس، ويمده وعد الشيطان) [5928] ((الروح)) (1/237). وقال المهلب: (التباغض والتحاسد أصلهما سوء الظنِّ، وذلك أن المباغض والمحاسد يتأول أفعال من يبغضه ويحسده على أسوأ التأويل) [5929] ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (9/261). 5 - من أساء الظن أساء العمل: قال الطبري -بسنده إلى الحسن-: (تلا الحسن: وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ [فصلت: 23] فقال: إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم؛ فأما المؤمن فأحسن بالله الظن، فأحسن العمل، وأما الكافر والمنافق، فأساءا الظن فأساءا العمل) [5930] ((جامع البيان)) (21/456-457). 6- سبب في وجود الأحقاد والعداوة: فإن الظن السيئ (يزرع الشقاق بين المسلمين، ويقطع حبال الأخوة، ويمزق وشائج المحبة، ويزرع العداء والبغضاء والشحناء) [5931] ((ظاهرة الغلو في الدين في العصر الحديث)) لمحمد عبد الحكيم (1/210). قال ابن القيم: (أما سوء الظن فهو امتلاء قلبه بالظنون السيئة بالناس، حتى يطفح على لسانه وجوارحه فهم معه أبدًا في الهمز واللمز والطعن والعيب والبغض، يبغضهم ويبغضونه ويلعنهم ويلعنونه ويحذرهم ويحذرون منه... ويلحقه أذاهم.. خارج منهم مع الغش والدغل والبغض) [5932] ((الروح)) (1/238).
- سوء الظن - موضوع
- آثار سوء الظن - موسوعة الأخلاق - الدرر السنية
- سوء الظن بالله تعالى - YouTube
- ماهو علاج سوء الظن بالله ؟ | نور الاسلام ماهو علاج سوء الظن بالله ؟
سوء الظن - موضوع
[٢]
معنى سوء الظن
مصطلح سوء الظن كغيره من المصطلحات لها معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح، وفيما يأتي بيان ذلك:
السوء في اللغة من ساءَهُ، يَسُوءُه سَوْءاً وسُوءاً وسَواءً وسَواءة وسَوايةً وسَوائِيَةً؛ أي فعل ما يُكره، يُقال: ساء ما فعل فلان؛ أي: قبح صنيعه صنيعاً. [٣]
الظّن في اللغة: إدراك الذهن للشيء مع ترجيحه، وظنّ الأمر: علمه بغير يقين. [٤]
سوء الظّن: امتلاء قلب العبد بالظنون السيئة تجاه الناس، حتى يطفح على لسانه وجوارحه معه أبداً في الهمز واللمز، والطعن والعيب، والبغض، بحيث يبغضهم ويبغضونه، ويلعنهم ويلعنونه، ويحذرهم ويحذرون منه.
آثار سوء الظن - موسوعة الأخلاق - الدرر السنية
الحكم على سوء الظن يشمل قسمين: سوء ظن الذي يؤاخذ به صاحبه، وسوء الظن الذي لا يؤاخذ به صاحبه. القسم الأول: سوء الظن الذي يؤاخذ به صاحبه: وضابط هذا النوع: هو كل ظن ليس عليه دليل صحيح معتبر شرعًا، استقر في النفس، وصدقه صاحبه، واستمر عليه، وتكلم به، وسعى في التحقق منه [5940] انظر: ((معالم السنن)) للخطابي (4/123)، و((شرح النووي على مسلم)) (16/119). وهو أنواع ولكل نوع حكم خاص وهو كالتالي: 1- سوء الظن المحرم: ويشمل سوء الظن بالله تعالى، وسوء الظن بالمؤمنين. فسوء الظن بالله تعالى من أعظم الذنوب: قال ابن القيم: (أعظم الذنوب عند الله إساءة الظن به) [5941] ((الداء والدواء)) (1/138)، ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (1/150). وقال الماوردي: (سوء الظن هو عدم الثقة بمن هو لها أهل، فإن كان بالخالق كان شكًّا يؤول إلى ضلال) [5942] انظر: ((أدب الدنيا والدين)) (1/186). أما سوء الظن بالمؤمنين: ويشمل سوء الظن بالأنبياء وهو كفر، قال النووي: (ظن السوء بالأنبياء كفر بالإجماع) [5943] ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) للقاضي عياض (7/63)، ((شرح النووي على مسلم))(14/156- 157). ، وسوء الظن بمن ظاهره العدالة من المسلمين، وقد عدَّ الهيثمي سوء الظنِّ بالمسلم الذي ظاهره العدالة من الكبائر [5944] انظر: ((الزواجر)) لابن حجر الهيتمي (1/130).
سوء الظن بالله تعالى - Youtube
أسباب سوء الظن
إنّ لسوء الظّن أسباب عديدة، منها:
أمراض القلوب؛ من غيرة، وحسد، وغلّ، وبغضاء،
وأنانية، فالعبد إن ابتلي بهذه الأمراض فإنّه يصل به الحال إلى إساءة الظّن
بالآخرين، ممّا يؤدي إلى نزول منزلته بين الناس، وبين أصدقائه. الوقوع في الشبهات، وأماكن الريبة عن غير قصدٍ،
وعدم تبرير الوقوع فيها، ممّا يفتح المجال للآخرين في الوقوع بسوء الظّن. عدم مراعاة الآداب الإسلامية في النجوى؛ ويكون
ذلك بأن تكون النجوى بالإثم، والعدوان، وغيبة الآخرين، ومعصية الرسول. الغفلة عن الآثار التي تترتب على إساءة الظّن. اتباع الهوى، وما تشتهي النفس. سوء الفعل، والاتصاف بالخصال السيئة من كذبٍ وخيانةٍ، فمتى تمكّنت هذه الصفات من العبد جعلته ينظر إلى الآخرين بمنظارها. طرق علاج سوء الظن
تتنوع طرق علاج سوء الظّن، ومنها:
تنشئة الفرد على حسن الظّن، بدءاً من الأسرة، ثمّ المدرسة، والإعلام، والمسجد، والأصدقاء، وذلك من خلال نماذج القدوة الحسنة في السلوك، و
الموعظة الحسنة، والترغيب والترهيب في التربية، والحوار الهادف مع الفرد، وغيرها من الطرق السليمة التي لها دور هام في تنشئة الفرد. سلامة الصدر من البغض، والكراهية، والغلّ، والحسد، ويكون ذلك بالإقبال على قراءة القرآن الكريم، وتدبّره، والدعاء بسلامة القلب من الأحقاد والضغائن،
وإفشاء السلام بين الناس، والابتعاد عن الوقوع في الذنوب والمعاصي، ونظر النفس إلى من هو أدنى منها، وعدم النظر إلى من هو أعلى منها في الصحة والعافية.
ماهو علاج سوء الظن بالله ؟ | نور الاسلام ماهو علاج سوء الظن بالله ؟
كيف يمكن علاج سوء الظن بالله؟
لا شكَّ أنَّ من أكبر أسباب سوء الظن بالله عز وجل هو عدم المعرفة الصحيحة لعلم الشريعة الإسلاميَّة ، فالجهل بالعلم الصحيح للشريعة يقود الإنسان إلى سوء الظن بالله وعدم الرضا بالقضاء والقدر، ولذلك لا بُدَّ للمسلم أن يتعلَّم علم الشريعة الصحيح الذي يُعينه على حسن الظن بالله، وكذلك لا بُدَّ أن يُدرك أنَّه ما من إنسان خلقه الله إلا ويعاني من الابتلاءات والهموم، وأنَّ الدنيا جُبلت على الكدر. وليعلم المسلم أنَّ المصائب والابتلاءات التي تصيب المسلمين الصابرين المحتسبين تختلف عن التي تصيب الكافرين أو المسلمين الجازعين القانطين من رحمة الله، فالذي يصبر ويحتسب ويرضى بقدر الله؛ يرضى الله عنه ويكتب له الأجر، وأمَّا الذي يسخط ويجزع فلا أجر له، وكلَّما كانت الهموم والابتلاءات للمسلم كثيرة كانت محبة الله له كبيرة، لذلك فإن الأنبياء -عليهم السلام- هم أكثر النَّاس بلاءً، و حتى يتحقق إيمان النَّاس لا بُدَّ من الابتلاءات والفتن ، يقول الله -سبحانه وتعالى-: { أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}. [١] وإذا كان المسلم يدعو أثناء مصيبته دون أن يجد استجابة لدعائه؛ فإنَّ الله عز وجل جعل للدعاء ثلاث حالات؛ فإمَّا أن يُستجاب الدعاء بعينه في الدنيا، وإمَّا أن يُخبِّئه الله للمسلم يوم القيامة، وإمَّا أن يصرف عنه بالدعاء شر وبلاء، وإنَّ السعادة الحقيقيَّة تكون بالإيمان والتسليم لما جرت به المقادير، فإذا أصابت المؤمن سرَّاء شكر، وإن أصابته ضرَّاء صبر، ولذلك على المؤمن أن يثق بالله أنَّه لن يخذله، لأنَّه سبحانه لطيف بعباده ويختار لهم ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.
[1] (فصلت: 23). [2] (الفتح: 12). [3] (الفتح: من الآية 6). [4] (فصلت: 24). [5] (الليل 14 - 17). مرحباً بالضيف
وهذا خليل الرحمن يَخرج من مكةَ مُهاجرًا مُختفيًا، فيختفي في الغار ويَطلبه كُفار مكةَ حتى لم يَبقَ بينه وبينهم إلا خُطوات، ومع ذلك يَبقى مُحسنًا الظنَّ بربِّه، فتُعمى أبصارهم عنه وعن صاحبه؛ فعن أبي بكر - رضي الله عنه - قال: قلت للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنا في الغار: لو أنَّ أحدَهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: ((ما ظنُّك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما))؛ رواه البخاري (3653)، ومسلم (2381). يتأكَّد حُسنُ الظنِّ بالله في حال الاحتضار؛ فعن جابر بن عبدالله الأنصاري - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قبل موته بثلاثة أيام، يقول: ((لا يموتنَّ أحدُكم إلا وهو يُحسنُ الظنَّ بالله عز وجل))؛ رواه مسلم (2877).