وتقديم الجار والمجرور للاهتمام بالمشار إليه. وقوله: {وأنا أول المسلمين} مثل قوله: {وبذلك أمرت} خبر مستعمل في معناه الكنائي، وهو لازم معناه، يعني قبول الإسلام والثّبات عليه والاغتباط به، لأنّ من أحبّ شيئًا أسرع إليه فجاءه أوّل النّاس، وهذا بمنزلة فعل السبق إذ يطلق في كلامهم على التمكّن والترجّح، كما قال النّابغة: سَبَقْتَ الرّجالَ الباهشين إلى العلا ** كسَبْق الجواد اصطادَ قبل الطوارد لا يريد أنّه كان في المعالي أقدم من غيره لأنّ في أهل المعالي من هو أكبر منه سِنًّا، ومن نال العلا قبل أن يولد الممدوح، ولكنّه أراد أنّه تمكّن من نوال العلا وأصبح الحائز له والثّابت عليه. وفي الحديث: «نحن الآخِرون السّابقون يوم القيامة». وهذا المعنى تأييس للمشركين من الطّمع في التّنازل لهم في دينهم ولو أقَلّ تنازلٍ. ومن استعمال (أوّل) في مثل هذا قوله تعالى: {ولا تكونوا أول كافر به} كما تقدّم في سورة البقرة (41). قل ان صلاتي ونسكي ومحياي. وليس المراد معناه الصّريحَ لقلّة جدوى الخبر بذلك، لأنّ كلّ داع إلى شيء فهو أوّل أصحابه لا محالة، فماذا يفيد ذلك الأعداء والأتباعَ، فإن أريد بالمسلمين الذين اتَّبعوا حقيقة الإسلام بمعنى إسلام الوجه إلى الله تعالى لم يستقم، لأنّ إبراهيم عليه السّلام كان مسلمًا وكان بنوه مسلمين، كما حكى الله عنهم إذ قال إبراهيم عليه السّلام: {فلا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون} [البقرة: 132] وكذلك أبناء يعقوب كانوا مسلمين إذ قالوا: {ونحن له مسلمون} [البقرة: 136].
ان صلاتي ونسكي ومحياي لله رب العالمين
فتكون ( إنّ) على هذا لردّ الشكّ. واللاّم في { لله} يجوز أن تكون للملك ، أي هي بتيسير الله فيكون بياناً لقوله: { إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم} [ الأنعام: 161]. ويجوز أن تكون اللام للتعليل أي لأجل الله. قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين - موقع مقالات إسلام ويب. وجعل صلاته لله دون غيره تعريضاً بالمشركين إذ كانوا يسجدون للأصنام. ولذلك أردف بجملة { لا شريك له}. والنّسك حقيقته العبادة ومنه يسمى العابد الناسك. والمحْيَا والممات يستعملان مصدرين ميميين ، ويستعملان اسمي زمان ، من حيي ومات ، والمعنيَان محتمَلان فإذا كان المراد من المحيا والممات المعنى المصدري كان المعنى على حذف مضاف تقديره: أعمال المحيَا وأعمال الممات ، أي الأعمال التي من شأنها أن يتلبّس بها المرء مع حياته ، ومع وقت مماته. وإذا كان المراد منهما المعنى الزمني كان المعنى ما يعتريه في الحياة وبعد الممات.
قل ان صلاتي ونسكي ومحياي
والواو نائب فاعل والجملة خبر هم. وجملة وهم لا يظلمون مستأنفة لا محل لها.. إعراب الآية (161): {قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)}. (قُلْ) فعل أمر. (إِنَّنِي) إن والياء اسمها والنون للوقاية (هَدانِي) فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر، والنون للوقاية، والياء في محل نصب مفعول به (رَبِّي) فاعل والياء مضاف إليه (إِلى صِراطٍ) متعلقان بالفعل هداني. (مُسْتَقِيمٍ) صفة وجملة إنني. مقول القول وجملة هداني في محل رفع خبر إن. قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي دليل على. (دِيناً) بدل من محل إلى صراط وهو المفعول الثاني للفعل هداني في الأصل لأن هدى يتعدى مباشرة كما في قوله تعالى (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) أو بحرف الجر كما في الآية (قِيَماً) صفة لدينا. (مِلَّةَ) بدل من دينا. (إِبْراهِيمَ) مضاف إليه مجرور بالفتحة ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. (حَنِيفاً) حال منصوبة. (وَما) الواو استئنافية، ما نافية. (كانَ) ماض ناقص (مِنَ الْمُشْرِكِينَ) متعلقان بمحذوف خبر كان واسمها ضمير مستتر والجملة مستأنفة لا محل لها.. إعراب الآية (162): {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (162)}.
وإِن عزمنا الوُصول إِلى أَن يَكون مَحيانَا لله، فلاَ همَّة تَكون أَكبَر مِن العَمَل لله حتَّى المَوتِ، أنْ يُصبِح ممَاتك لله، فِي كُل خطوةٍ تَخطُوها، تَخَاف المَوت عارياً جافًّا مِن عملٍ يُقَرِّبُك مِنه، فتَخْشَع وتَقتَرب وتُهذِّب نَفسَك وتُذكِّرهَا بما هِي أَصبَحت عليه. فأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت فلسفته في الحياة تقتصر على قولته الشهيرة:"كفَى بالمَوتِ واعِظاً". فهو أخذ الموت رمزاً لأن لا يقف في أي حدٍّ، وإن بَشَّره نبينا صل الله عليه وسلم بالجنَّة، فَهو يَعلمُ خَبايَا النَّفسِ وَإن أسلَمتَ فتدخُلكَ من باب الإيمانِ القَوي وتَعِظكَ بالتوقف. لنَا الصَّلاحية الكَامِلة فِي أَن نكُون علَى قدرٍ نُحب الله ونتقرَّب منه، ونَكُون مِن السَّائرين إليهِ. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأنعام - الآية 162. لنَا المَقدرة الكُلية، فكَيف إِن هُو سبحانه يَسَّر، وبشَّرَ ونادَى وألَّح النِّداء كلَّ مرة. يُشير لَنا إِلى موقعٍ التَّنظيفُ الأَول ومَنبَع كل شيء، {فإِنَّها لاَ تعمَى الأَبصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلوبُ التِي فِي الصُّدور} سورة الحج الآية 46. وَإن أَردتَ السَّير تَذكر قوله سبحانه:{فَاخْلَع نَعْلَيك إِنكَ بِالوَادي المَقدَّس طُوَى} سورة طه الآية 12.
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: وإما تخافنّ من قوم خيانة وغدرًا، فانبذ إليهم على سواء وآذنهم بالحرب = ﴿وإن جنحوا للسلم فاجنح لها﴾ ، وإن مالوا إلى مسالمتك ومتاركتك الحربَ، إما بالدخول في الإسلام، وإما بإعطاء الجزية، وإما بموادعة، ونحو ذلك من أسباب السلم والصلح [[انظر تفسير " السلم " فيما سلف ٤: ٢٥١ - ٢٥٥. ]] = ﴿فاجنح لها﴾ ، يقول: فمل إليها، وابذل لهم ما مالوا إليه من ذلك وسألوكه.
وإن جنحوا للسلم فاجنح لها
الرئيسية
أخبار
أخبار مصر
01:08 ص
الجمعة 31 مايو 2019
عرض 6 صورة
كتب- محمد نصار:
شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس الخميس، في القمة العربية الطارئة التي دعا إليها الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بمكة المكرمة؛ لمناقشة التهديدات التي تواجه دول المنطقة. وقال الرئيس السيسي: "أود في البداية أن أتقدم بخالص الشكر لأخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة، لدعوته لعقد هذه القمة في مكة المكرمة، وعلى كرم الضيافة وحسن التنظيم، داعيًا الله عز وجل أن يسدد خطانا وأن يوفقنا لما فيه خير أمتنا العربية". وأضاف السيسي: "لا شك أن قمتنا تنعقد اليوم في ظل تهديدات خطيرة وغير مسبوقة تواجه الأمن القومي العربي، خاصة في منطقة الخليج ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة، ولا أظنني بحاجة لأن أؤكد أن أمن منطقة الخليج العربي يمثل بالنسبة لجمهورية مصر العربية أحد الركائز الأساسية للأمن القومي العربي، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا وعضويًا بالأمن القومي المصري، ومن هنا فإن أي تهديد يواجه أمن الخليج، ومن ثم الأمن القومي العربي، يقتضي منا جميعًا وقفة حاسمة لمواجهته، بمنتهى الحكمة والحزم".
وان جنحوا للسلم فاجنح
[ ص: 44]
وان جنحوا للسلم فاجنح لها
وهناك قول ثالث: يجوز مطلقاً بدون تحديد للمصلحة ولكن هذا القول يجعله عقداً جائزاً بمعنى أن المسلمين إذا رأوا من أنفسهم القوة نبذوا العهد وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ولكن لا بد من أن يُعلموا عدوهم بأننا عقدنا معكم هذه الهدنة للحاجة والآن لا نحتاجها فإما أن تُسلموا وإما أن نقاتلكم (انتهى ملخصاً من الشرح الممتع [8/46]). أقول: أما الهدنة المؤبدة فلا توجد هدنة مؤبدة لكن لنا أن نعقد هدنة مع اليهود أو غيرهم من الأعداء ونسميها هدنة مطلقة ولو سماها العدو هدنة مؤبدة لا يضرنا، ثم متى ما غدر العدو لا سيما إذا كانوا يهودا الذين من طبعهم الغدر أو تقوى المسلمون وأصبحوا غير محتاجين إلى الهدنة نبذوا عهد الكفار عليهم، وقاتلوهم لإدخالهم في الإسلام أو دفع الجزية إن كانوا من أهلها وبهذا يظهر لك أخي القارئ حكم المعاهدات والصلح مع اليهود وغيرهم على أساس الأدلة الشرعية والفتاوى العلمية. وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
قال العلامة المفسر الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره على سورة الأنفال الآية (61): قوله: (وَإِنْ جَنَحُوا) أي: الكفار المحاربون، أي: مالوا (لِلسَّلْمِ) أي: الصلح وترك القتال.
وإن جنحوا للسلم فاجنح لها اسلام ويب
قوله: (فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) أي: أجبهم إلى ما طلبوا متوكلا على ربك، فإن في ذلك فوائد كثيرة:
منها: أن طلب العافية مطلوب كل وقت، فإذا كانوا هم المبتدئين في ذلك، كان أولى لإجابتهم. ومنها: أن في ذلك إجماماً لقواكم، واستعدادا منكم لقتالهم في وقت آخر، إن احتيج لذلك. تفسير: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم). ومنها: أنكم إذا أصلحتم وأَمَنَ بعضكم بعضا، وتمكن كل من معرفة ما عليه الآخر، فإن الإسلام يُعلو ولا يعلى عليه، فكل من له عقل وبصيرة إذا كان معه إنصاف فلا بد أن يؤثره على غيره من الأديان، لحسنه في أوامره ونواهيه، وحسنه في معاملته للخلق والعدل فيهم، وأنه لا جور فيه ولا ظلم بوجه، فحينئذ يكثر الراغبون فيه والمتبعون له، فصار هذا السلم عونا للمسلمين على الكافرين. ولا يخاف من السلم إلا خصلة واحدة، وهي أن يكون الكفار قصدهم بذلك خدع المسلمين، وانتهاز الفرصة فيهم، فأخبرهم اللّه أنه حسبهم وكافيهم خداعهم، وأن ذلك يعود عليهم ضرره، فقال: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ) أي: كافيك ما يؤذيك، وهو القائم بمصالحك ومهماتك، فقد سبق لك من كفايته لك ونصره ما يطمئن به قلبك. انتهى كلامه. والله أسأل أن يوفق جميع المسلمين إلى ما فيه الخير والصلاح، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا فضيل بن سليمان - يعني النميري - حدثنا محمد بن أبي يحيى ، عن إياس بن عمرو الأسلمي ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنه سيكون بعدي اختلاف - أو: أمر - فإن استطعت أن يكون السلم ، فافعل. وقال مجاهد: نزلت في بني قريظة. وهذا فيه نظر ؛ لأن السياق كله في وقعة بدر ، وذكرها مكتنف لهذا كله.