(شرح الصدور، باب زيارة القبور وعلم الموتى بزوارهم... إلخ، صـ206 - 207)
وعن الشيخ أبي علي الروذباري أنه ألحد فقيرًا، فلما فتح رأس كفنه ووضعه على التراب ليرحم الله غربته، قال: ففتح لي عينيه، وقال لي: يا أبا علي لا تذللني بين يدي من يدللني، فقلت: يا سيدي أحياة بعد الموت؟! فقال لي: بل أنا حيٌّ وكل محب لله حيٌّ لأنصرنك بجاهي غدًا. (شرح الصدور، باب زيارة القبور وعلم الموتى بزوارهم... إلخ، صـ207)
وقال إبراهيم بن شيبان رحمه الله تعالى: صحبني شاب حسن الإرادة فمات، فاشتغل قلبي به وتوليت غسله فبدأت بشماله من الدهشة، فأخذها مني ثم ناولني يمينه، فقلت: صدقت يا بني أنا غلطت. وعن أبي يعقوب السوسي رحمه الله تعالى أنه قال: غسلت مريدًا فأمسك إبهامي وهو على المغتسل، فقلت: يا بني خل يدي فإني أدري أنك لست بميت وإنما هي نقلة فخلى عن يدي. ايات القران التي تتكلم عن: اولياء الله. وعنه أيضًا أنه قال: جاءني مريد بمكة فقال: يا أستاذ غدًا أموت وقت الظهر فخذ هذا الدينار فاحفر لي بنصفه وكفني بالنصف الآخر، فلما كان الغد وجاء وقت الظهر، جاء وطاف ثم تباعد ومات، فلما وضعته في اللحد فتح عينيه، فقلت: أحياة بعد>الموت فقال: أنا محب وكل محب لله حي. وهذا الحديث الذي أورده الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى في تفسيره مفاتيح الغيب المشتهر بالتفسير الكبير مؤيِّدٌ لهذه الروايات التي ذكرناها آنفاً، فقد قال عليه الصلاة والسلام:
(أولياء الله لا يموتون ولكن ينقلون من دار إلى دار).
ايات القران التي تتكلم عن: اولياء الله
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ. قَالَ « هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلاَ أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلاَ يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ ». ادعية اولياء الله الصالحين. وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ (أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ). أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
إن من أشد الناس خسارة من فرط في صحبة الصالحين أو ضيع منه صاحبا عاقلا صدوقا أمينا ، فهذا الصاحب الصالح من بركة الدنيا ومن نعم الله العظيمة علي العبد التي لا توازيها كنوز الأرض ، فالمسلم كله نور ، مخرجه نور ، ومدخله نور ، ومنطقه نور ، ومجلسه نور ، وهو علي نور من ربه ، ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المسلم بقوله " الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ". قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
أحب الصالحين ولست منهم وأرجو أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي وإن كنا سواء في البضاعة
فقال له من يعرف الفضل لأهله إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله:
تحب الصالحين وأنت منهم رفيق القوم يلحق بالجماعة
وتكره من بضاعته المعاصي حماك الله من تلك البضاعة
وروي أحمد وأبو داود والترمذي ( عَنْ أَبِى سَعِيدٍ – أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: « لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِىٌّ ».
كيف نكون من أولياء الله الصالحين - موقع الاستشارات - إسلام ويب
فالإنسان لا يحيا وحده في هذه الحياة ، وهو أحوج ما يكون إلي صحبة صالحة وصديق صدوق ، فالإنسان يستطيع أن يري القريب والبعيد ، ولكنه لا يري نفسه إلا في مرآة ، فما هي مرآة المؤمن في هذه الحياة التي يري فيها نفسه علي حقيقتها بعيوبها وحسناتها وسيئاتها ؟ وروى الترمذي ( أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ أَحَدَكُمْ مِرْآةُ أَخِيهِ فَإِنْ رَأَى بِهِ أَذًى فَلْيُمِطْهُ عَنْهُ »). وقال ابن مسعود: من كان منكم متأسيا فليتأس بمن قد مات أولئك أصحاب رسول الله قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، ولقد كانوا على الهدى المستقيم والله رب الكعبة. فمن صحب الأبرار تعلم من برهم ومن صاحب الفجار علموه من فجورهم ، وكل إناء بما فيه ينضح وهذه أيضا وصية نبينا: " أَبِى مُوسَى عَنْ أَبِيهِ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ ، وَكِيرِ الْحَدَّادِ ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً » " متفق عليه عن أبي موسي.
يقول الحضيگي إن نسبه يرجع إلى الحسن بن علي بن أبي طالب. ولد أحمد بن موسى سنة 853 هجرية بمكان يدعى
" بومروان" ثم انتقل إلى قرية تازروالت قرب مدينة تزنيت. ينتمي إلى قبيلة كبيرة في سوس، قبيلة إدا و سملال. تأثر سيدي أحمد او موسى بمجموعة من شيوخ الصوفية في سوس ،من بينهم: الشيخ سيدي محمد الوجاني و الشيخ سيدي علي بن ابراهيم بن علي دفين إيليغ. كيف نكون من أولياء الله الصالحين - موقع الاستشارات - إسلام ويب. إلا أن التأثير الكبير في حياة سيدي أحمد أو موسى و في تربيته الروحية و تهذيب حياته كان للولي الصالح سيدي عبد العزيز التباع الذي أوصاه بالسفر و السياحة لتربية النفس و تهذيبها. و هكذا جاب سيدي أحمد أو موسى العديد من البلدان شرقا و غربا واستمر في رحلته التهذيبية هذه زهاء ثلاثين سنة. بعد هذه الرحلة الطويلة عاد إلى بلدته تازروالت و استقر بها. بدأت الناس و القوافل في التردد على زاوية سيدي أحمد أو موسى بتازروالت للتبرك به. وقد بلغ صيته إلى السلطان السعدي عبد الله الغالب الذي زاره في زاويته بتازروالت كما دعاه لقصره بمراكش. يتفق أهل العلم و الصلاح على أن سيدي أحمد أو موسى كان ذا شأن عظيم في التربية و في تعظيم حرمات الشرع. كان فكره الديني الإصلاحي ينبني على الحب و التقدير و التعظيم لمخلوقات الله، وهو لا يخرج في هذا على ديدن كافة المتصوفة الذين حاولوا بناء مجتمع أساسه قيم التسامح و الإعتدال و نبذ الغلو و التطرف.
يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم? ، وأنا سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقابه))؛ رواه أحمد. لا تكن عونًا للظالم. قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين. فأين من يخشى عقاب الله تعالى؟
بل ليسمع أهل المجاملات والمداهنات، وأصحاب المصالح، والذين يتخلون عن كل شي من أجل الحفاظ على مصالحهم، ليسمعوا إلى هذا الكلام: ((أوحى الله إلى يوشع بن نون: أني مهلكٌ من قومك أربعين ألفًا من خيارهم، وستين ألفًا من شرارهم، فقال: يا رب، هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ قال: إنهم لم يغضبوا لغضبى فكانوا يواكلوهم ويشاربوهم)). وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ يُضْرَبُ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ وَيَدْعُو حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةً وَاحِدَةً، فجُلد جلدةً واحدةً، فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَارًا، فَلَمَّا ارْتَفَعَ عَنْهُ وَأَفَاقَ قَالَ: عَلَامَ جَلَدْتُمُونِي؟ فقِيلَ له: إنَّك صَلَّيْت صلاة واحدة بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَمَرَرْت عَلَى مَظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ))؛ أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (4/231)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2774).
لا تكن عونًا للظالم
وليتذكر من يتصرف بأموال المسلمين بالباطل قول الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يُوحى - صلى الله عليه وسلم - فيقول: ((إنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ الله بغَيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ))؛ رواه البخاري. من اعان ظالم. التخوض: التصرف بالباطل. وليتذكر من يسكت على الظالم وهو قادر على تغيير هذا الظلم ولم يغيره، ليسمع إلى سيدنا أبي بكر رضي الله عنه بعد أن حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "يا أيها الناس: إنكم تقرؤون هذه الآية ﴿ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ﴾، وأنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقابه))؛ رواه أحمد. قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين. ف أين من يخشى عقاب الله تعالى ؟ بل ليسمع أهل المجاملات والمداهنات، وأصحاب المصالح، والذين يتخلون عن كل شي من أجل الحفاظ على مصالحهم، ليسمعوا إلى هذا الكلام: ((أوحى الله إلى يوشع بن نون: أني مهلكٌ من قومك أربعين ألفًا من خيارهم، وستين ألفًا من شرارهم، فقال: يا رب، هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ قال: إنهم لم يغضبوا لغضبى فكانوا يواكلوهم ويشاربوهم)).
من أعان ظالم
وليسمع أولئك الذين يجلسون في مثل هذه المجالس التي يكثر فيها السب والشتم والطعن في أعراض المسلمين - حتى الأموات لم يسلموا منها - ولم يدافعوا عن إخوانهم - ليسمعوا إلى كلام النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو يحذرهم فيقول: ((مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا عِنْدَ مَوْطِنٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ - إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ - إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ))؛ رواه أحمد. قال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ ذَبَّ عَنْ لَحْمِ أَخِيهِ فِي الْغِيبَةِ؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنْ النَّارِ))؛ رواه أحمد، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف. وأنت يا صاحب الأسرة: إذا رأيت ظلمًا من أفراد أسرتك عليها أو على غيرها وسكتّ عليه؛ صرت عونا للظالم... من أعان ظالم. إن سكت على ظلم زوجتك لزوجة ابنك؛ فقد صرت عونًا لهذا الظلم... إن سكت على ظلم ابنك الكبير لابنك الصغير؛ فقد صرت عونًا لهذا الظلم... إن سكت على ظلم ولدك لابنتك؛ فقد صرت عونًا لهذا الظلم... إن سكت على ظلم أولادك وزوجتك لجيرانك؛ فقد أعنتهم على الظلم.
ف أين من يعين الظالم على ظلمه من هذا التحذير النبوي ؟ أين يمشي مع الظالم لينصره من كلام حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ؟ أين من يفرح بظلم الظالم لإخوانه المسلمين من هذا الحديث ؟ والله لا نجاة للأمة مما هي فيه من الظلم والفساد والاضطهاد، وضياع الأمن والاستقرار، إلا بتطبيقها لوصايا رسولها صلى الله عليه وسلم، إلا بالسير على تعاليمها والتخلق بأخلاقها، هذا هو الطريق ولا طريق غيره. يا سيدي يا رسول الله:
الحق أنت وأنت إشراق الهدى
ولك الكتاب الخالد الصفحات
من يقصد الدنيا بغيرك يلقها
تيها من الأهوال والظلمات
ولخطورة مساعدة الظالم في ظلمه نجد أن القران الكريم تحدث عنها وحذر المسلمين منها؛ فقال تعالى: ﴿ وَقَدْ نزلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140]. قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: دلت هذه الآية على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر، لأن من لم يتجنبهم فقد رضي بفعلهم، والرضا بالكفر كفر وبالمنكر منكر؛ لذلك قال الله تعالى: ﴿ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ ﴾؛ فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء.