وكذلك الأمم
تتقلَّب كما يتقلَّب الأفراد في
أطوار شتَّى، فمن الحكمة في سياستها،
وتشريعاتها، أن يُصاغ
ويُختار لها ما يناسب حالها في الطور
الَّذي تكون فيه ، حتَّى
إذا انتقلت منه إلى طور آخر لا يناسب
ذلك التشريع الأوَّل، كان لازماً أن
يوجد لها تشريع آخر
يتَّفق وهذا الطور الجديد، وإلا لاختلَّ
ما بين الحكمة والأحكام من الارتباط
والإحكام. فالله
تعالى أنزل على نبيِّه في كلِّ حال ما
يناسب الظروف الَّتي تحيط به
وبالمؤمنين. ومن تأمَّل هذا الإبداع،
والحكمة العظيمة في وجود النسخ في
القرآن الكريم، اطمأنَّ إلى مناسبة التشريع
الإلهي لكلِّ زمان ومكان. فالحكم المنسوخ منوط بحكمة أو مصلحة
تنتهي في وقت معلوم، بينما الحكم
الناسخ له يجيئ منوطاً
بحكمة ومصلحة أخرى تتناسب مع الحال
الجديد الَّذي أصبحوا عليه. وقد روي
عن ابن عباس ـ ترجمان
القرآن ـ رضي الله عنه
أنه كان يُفسِّر قوله تعالى: { يُؤتي
الحكمة من يشاءُ ومن يؤتَ الحكمةَ
فقد أوتي خيراً كثيراً... التدرج في تحريم شرب الخمر - إسلام ويب - مركز الفتوى. }
(2 البقرة أية 269) بأن المقصود
بالحكمة، معرفة الناسخ
والمنسوخ والحكمة منهما. فعندما
ندرس موضوع تحريم الخمر، ونعرف أن
شرب الخمر كان مستحكماً بين عرب
الجاهلية، وكان استئصال هذه العادة - دفعة
واحدة - أمراً صعباً
جداً، بل مستحيلاً، نجد عظمة الحكمة
في التشريع القرآني عندما نزل تحريم
الخمر بالتدريج ،
وعلى مراحل كانت نهايتها القضاء
على هذه العادة المؤذية المستحكمة،
وهذا ما شرحناه مفصَّلاً في فصل
تحريم شرب الخمر وعقوبته.
التدرج في تحريم شرب الخمر - إسلام ويب - مركز الفتوى
فإنه يجوز التداوي به عندما فقط ما يقوم به التداوي من الطاهرات، فتجري عندها قاعدة الضرورة الشرعية. تأثيرات الخمر السمية قبل الشرب يمكن لصانع الخمر أن يستنشق أبخرته مما يؤدي الى اصابة بالتهاب القصبات والرئة واصابة بطانة الأنف مما يؤدي الى ضعف حاسة الشم. هنا يتضح معنى قوله تعالى " فاجتنبوه " فهي تعني النهي عن الاقتراب منه مطلقاً وهي تعميما أكثر من النهي عن شربه. ويختلف تأثير الخمر السمي كلما تغير مستواه في الدم. فعندما يبلغ مستواه من 20 _990 ملغ% يسبب تغير المزاج وعدم توازن العضلات واضطراب الحس وفي مستوى من. 100_299 ملغ% يظهر الغثيان وازدواج الرؤية واضطراب شديد في التوازن. وفي مستوى من 300_399ملغ% تهبط حرارة البدن ويضطرب الكلام ويفقد الذاكرة، وفي مستوى 400_700 ملغ يدخل للإنسان في سبات عميق يصحبه قصور في التنفس وربما ينتهي بالموت. وعلى الرغم من أن كل أعضاء الجسم تتأثر من الخمر فإن الجملة العصبية هي أكثرها تأثيرا حيث يثبط المناطق الدماغية التي تقوم بالأعمال الأكثر تعقيدا. ويفقد قشر الدماغ قدرته على تحليل الأمور، كما يؤثر على مراكز التنفس الدماغية حيث ان الإكثار منه يمكن ان يثبط التنفس تماما الى الموت.
س: قول أبي هريرة: حرمت ثلاث مرات. الشيخ: يعني في ثلاثة أوقات: الأول تحريم غير صريح، والثاني: تحريم في وقت الصلاة، والثالث: تحريم عام مطلقًا. س: بعضهم يقول: الله قال: فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90]، يقولون الله ما صرح بتحريم الخمر؟
الشيخ: فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90] صريح، هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب، ثم أكده بقوله: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:91] هذا وعيد وتحذير، وجاءت الأحاديث صريحة في هذا، كذلك قوله: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90]. س:........
الشيخ: هذا كان أول قبل النسخ كانت مباحة، وكان الكفار قد اعتادوها وكانت ينشدون فيها الأشعار ويفتخرون، والإنسان إذا شربها يخيل إليه أنه ملك، وأنه رئيس؛ لذهاب عقله، وكانت عندهم سائدة بينهم، فلهذا من حكمة الله أخر تحريمها لئلا يصدهم ذلك عن دخولهم في الإسلام، لو حرمت في أول الأمر لكان كثير من الناس يمتنع من الإسلام لحبه الخمر، نسأل الله العافية، فمن رحمة الله أن أخر تحريمها حتى استقر الإسلام في قلوب الناس، وكثر المسلمون.