تفسير {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196]، مع بيان أنوا الحصر وحكم كل نوع منهما، وبيان حكم إذا قدم أو أخر الحاج أو المعتمر بعض المناسك عن بعضها، وذلك مما جاء في تفسير فضيلة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله.
اربعون فائدة من اية ((وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)) - مجتمع رجيم
كذلك أيضًا يؤخذ من هذه الآية سعة رحمة الله بأن جعل ذلك على سبيل التجزئة كما جعل الفدية على التخيير أيضًا، كما جعل المكلف أيضًا في الحج مخيرًا بين أن يبقى بعد يوم النحر يومين أو يبقى ثلاثة فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [سورة البقرة:203]. ويؤخذ من قوله -تبارك وتعالى- في هذه الآية: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [سورة البقرة:196] جملة خبرية لكنها متضمنة معنى الإنشاء يعني الأمر فَصِيَامُ يعني فعليه صيام، ولم يذكرها بصيغة الأمر الصريح، أخذ منه بعض أهل العلم أن ذلك لتأكد ذلك في حقه وتعينه، فصار يكفي الإخبار عنه، هو شيء ثبت في ذمته فأخبر عنه ذكره على سبيل الإخبار، أمر مفروغ منه فذكره بصيغة الخبر، وهذا يقولون: من باب المبالغة في الإيجاب والفرض ولزوم ذلك في ذمة المكلف. تفسير قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ). هذا، وأسأل الله أن ينفعني وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب الحلق والتقصير عند الإحلال، برقم (1728)، ومسلم، كتاب الحج، باب تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير، برقم (1302).
وأتموا الحج والعمرة لله
كتبه:
صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء
تفسير قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)
وَ (أَوْ): هَاهُنَا لِلتَّخْيِيرِ عَلَى أَصْلِهَا.
ثم قال تعالى: { فَإِذَا أَمِنْتُمْ} أي: بأن قدرتم على البيت من غير مانع عدو وغيره، { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} بأن توصل بها إليه، وانتفع بتمتعه بعد الفراغ منها. { فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} أي: فعليه ما تيسر من الهدي، وهو ما يجزئ في أضحية، وهذا دم نسك، مقابلة لحصول النسكين له في سفرة واحدة، ولإنعام الله عليه بحصول الانتفاع بالمتعة بعد فراغ العمرة، وقبل الشروع في الحج، ومثلها القِران لحصول النسكين له. ويدل مفهوم الآية، على أن المفرد للحج، ليس عليه هدي، ودلت الآية، على جواز، بل فضيلة المتعة، وعلى جواز فعلها في أشهر الحج. اربعون فائدة من اية ((وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)) - مجتمع رجيم. { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} أي الهدي أو ثمنه { فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} أول جوازها من حين الإحرام بالعمرة، وآخرها ثلاثة أيام بعد النحر، أيام رمي الجمار، والمبيت بـ "منى" ولكن الأفضل منها، أن يصوم السابع، والثامن، والتاسع، { وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} أي: فرغتم من أعمال الحج، فيجوز فعلها في مكة، وفي الطريق، وعند وصوله إلى أهله. { ذَلِكَ} المذكور من وجوب الهدي على المتمتع { لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} بأن كان عند مسافة قصر فأكثر، أو بعيدا عنه عرفات، فهذا الذي يجب عليه الهدي، لحصول النسكين له في سفر واحد، وأما من كان أهله من حاضري المسجد الحرام، فليس عليه هدي لعدم الموجب لذلك.