ولو تأملنا هذه الرواية لزال ما في النفس من تساؤلات، وخلا القلب من تسلُّلات الشيطان؛ لأن معنى التواب أنه غافر الذنوب جميعها متى طرقت أبوابه، فلا يجوز الاشتراط على صاحب الكرم والجود والعطاء: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]. انظروا إلى رحمة الله عز وجل: ﴿ لَا تَقْنَطُـوا مِن رَحْمَةِ اللهِ ﴾؛ أي: يا أيتها الأنفس، لا تيئَسوا ولا تحزنوا، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وتقولوا: قد كثُرت ذنوبنا، وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق ولا سبيل، فتبقى القلوب بسبب ذلك مُصرة على العصيان، سالكة دروب الضلال، متزودة بكل معاني الغفلة والكسل، ولكن اعلموا أن ربكم يغفـر الذنوب جميعًا من الشرك، والقتل والزنا والربا والظلم، وغير ذلك من الذنوب، ولهذا كانت من أسمائه أنه التواب؛ فانفُض الشك في قبولها، وأقبل تُفتحْ لك أبواب الخير والتوبة متى طرقتها. أما الإحساس الذي قد يداخلك، فإنه نابع من عدم يقين النفس بسعة رحمة الخالق، ونقص في الإيمان، وضعف بداخل القلوب ووساوس من الشيطان أن الله لن يغفر لك!
- ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك بی بی
- قصه سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم
- قصه حياه سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم
- قصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الجزء الأول
ان الله يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك بی بی
مناسبة الآيتين لما قبلهما: قال البقاعي: ولما كان المنافقون هم المقصودين بالذات بهذه الآيات، وكان أكثرهم أهل أوثان؛ ناسب كل المناسبة قوله معللًا لأن الشرك ضلال: {إن} أي ما {يدعون} وما أنسب التعبير لعباد الأوثان عن العبادة بالدعاء إشارة إلى أن كل معبود لا يدعي في الضرورات فيسمع، فعابده أجهل الجهلة.
{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ} ولننتبه إلى أن بعض المستشرقين الذين يريدون أن يعيثوا في الأرض فسادًا. فصل: مناسبة الآيتين لما قبلهما:|نداء الإيمان. ولكنهم بدون أن يدروا ينشرون فضيلة الإسلام، وهم كما يقول الشاعر: وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت ** أتاح لها لسان حسود وحين يتكلمون في مثل هذه الأمور يدفعون أهل الإيمان لتلمس وجه الإعجاز القرآني وبلاغته. إنهم يقولون: بَلَّغ محمد قومه {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ} لكن يبدو أن السهو قد غلبه فقال في آية أخرى: {قُلْ ياعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] هم يحاولون نسبة القرآن إلى محمد لا إلى الله. ويحاولون إيجاد تضارب بين الآيتين الكريمتين. ونقول ردًا عليهم: إن الواحد منكم أمي ويجهل ملكة اللغة، فلو كانت اللغة عندكم ملكة وسليقة وطبيعة لفهم الواحد منكم قوله الحق: {قُلْ ياعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] وكان الواجب أن يفهم الواحد منكم أن الشرك مسألة أكبر من الذنب؛ فالذنب هو أن يعرف الإنسان قضية إيمانية ثم يخالفها، ولكن المشرك لا يدخل في هذا الأمر كله؛ لأنه كافر في القمة.
فخطب أعمامه خديجة من عمها. و كانت في الأربعين من عمرها و هو في الخامسة و العشرين. و أنجب منها ولدين و اربع بنات. و استمر النبي صلى الله عليه و سلم في الذهاب إلى أماكن يعتزل فيها الناس و يتفكر في خلق الله تعالى. قصه حياه سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. و في إحدى أيام عزلته جاء إليه جبريل يخبره أنه رسول. و رجع إلى خديجة خائفا مذعورا و هي تهدئ من روعه و تساعده حتى أنه لشدة جزعه كان يهم أحيانا أن يرمي نفسه من فوق الجبل لكن الله حفظه من هذاو ثبته حتى تاكد أنه رسول من عند الله تعالى. حيث أنزل الله تعالى عليه سورة المدثر التي تعرفه أن الله سينزل عليه القرءان و الرسالة. ابتدأ النبي صلى الله عليه و سلم دعوة أهله إلى توحيد الله فآمنت به خديجة أولا ثم أبو بكر و علي بن أبي طالب و غيرهم و كان يدعوهم سرا ثلاث سنوات في بيت الأرقم بن ابي الأرق و كان يصلي مع علي عند الكعبة سرا ذلك أن الصلاة فرضت عليه صلى الله عليه و سلم منذ بداية الدعوة صباحا و مساء و قيام الليل. الدعوة الجهرية: بدأ النبي صلى الله عليه و سلم دعوته الجهرية بأن جمع بني هاشم و أخبرهم انه رسول الله كما كان إبراهيم أبوهم و النبيون من بعده و أن هناك موت و بعث و حساب و جنة و نار فعاهده عمه أبو طالب على أن يحموه ما كان فيهم لكنه أخبره أنه لا يستطيع أن يؤمن به و يترك دين الآباء و الأجداد.
قصه سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم
فأنزل الله قوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]. رحم الله ثوبان! حيث إن حال ثوبان مع رسول الله كما قال الشاعر:
الحـزن يحرقـه والليل يقلقه *** والصبر يسكتـه والحـب ينطقه
ويستر الحال عمـن ليـس *** يعذره وكيف يستره والدمع يسبقه
محمد صلى الله عليه ويلم الرحمة المهداة
قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]. لولا أن الله أرسل محمدًا لنزل العذاب بالأمة.. لولا محمد صلى الله عليه وسلم لاستحققنا الخلود في النار.. لولا محمد صلى الله عليه وسلم لضعنا. قال ابن القيم في جلاء الأفهام: إنَّ عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته. أما أتباعه: فنالوا بها كرامة الدنيا والآخرة. وأما أعداؤه المحاربون له: فالذين عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم؛ لأن حياتهم زيادة في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة، وهم قد كتب الله عليهم الشقاء فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم. نبي الرحمة - محمد صلى الله عليه وسلم| قصة الإسلام. وأما المعاهدون له: فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته، وهم أقل شرًّا بذلك العهد من المحاربين له.
قصه حياه سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم
بعد أذى أهل الطائف لنبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وتحمله للإيذاء منهم، دعا الله أن يكون راضٍ عنه وأن يوفقه في رسالته. لم يترك الله نبيه الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وطمأن قلبه بأنه راضٍ عنه ويحبه، لذلك جعله يرى أشياء ومعجزات لم يرها أحد قبله حتى يثبت على دين الحق وهو الإسلام، ولا يحزن بما يلقى من أذى الكفار وحربهم له بشتى السبل، وليعرف بأن الله معه وسينصره، ولِيعلم أن الله قد اختاره وميّزه عن العالمين. رحلة الإسراء والمعراج
وحدث أنه في يوم جاء جبريل عليه السلام إلى النبي وكان نائما، فأيقظه جبريل وأخذه عند الباب، فشاهد سيدنا محمد حيوانا غريبا أبيض اللون لم يرى مثله أبدا، قال جبريل إنه البُراق، وقد كان حيوانا غريبا ليس بحيوانات الدنيا المعروفة، فحينما ركبه النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرك بسرعة فائقة لايمكن تخيلها، فجرى بسرعة كبيرة جدا من مكة إلى مدينة القدس وهذا ماسُمي بالإسراء وهي رحلة النبي ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كما قال الله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى). قصة محمد صلى الله عليه وسلم للاطفال. وفي الطريق شاهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم الناس مسافرةً إلى مكة وهم يركبون الجِمال ويمشون ببطء، وأمامهم جمل لونه قريب من الأسود وعلى رأسه شرائط سوداء وملونة، كما شاهد جمل آخر ضائع منهم وهو يبحثون عنه، فدلّهم النبي على مكانه فهم لم يروه ولكن سمعوا صوته، ومرّ النبي بأناس نائمون وبجانبهم ماء مغطى فشرب منه ثم غطاه ومضى في طريقه.
قصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الجزء الأول
وكانت عظمته الحقيقية في أنه اتَّصف بكل هذه الصفات الحميدة، وغيرها، في كل مواقف حياته.. لقد رأينا هذه الصفات في مكة، ورأيناها في المدينة، رأيناها في سلْمِه، ورأيناها في حربه، رأيناها وهو مُطارَد ومُضطَهَد، ورأيناها وهو حاكم مُمَكَّن، رأيناها وهو يتعامل مع أَحَبِّ أصحابه، وكذلك رأيناها وهو يتعامل مع أَلَدِّ أعدائه. كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها على هذه الصورة البهية النقية، حتى انبهر به أعداؤه قبل أصحابه، وحتى عظَّمه وبَجَّله وقدَّره من سمع عنه، ولم يره، بل من لم يعاصره أصلاً، بل فعل ذلك الكثير من غير المسلمين!. يقول "لا مارتان" الشاعر الفرنسي المتميز: "من ذا الذي يجرؤ من الناحية البشرية على تشبيه رجل من رجال التاريخ بمحمد؟!! ومن هو الرجل الذي ظهر أعظم منه، عند النظر إلى جميع المقاييس التي تقاس بها عظمة الإنسان؟ إن أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياة رسول الله محمد دراسة وافية، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود" [3]. ويقول "جوته" الشاعر الألماني الشهير: "بحثت في التاريخ عن مثلٍ أعلى لهذا الإنسان، فوجدته في النبي العربي محمد" [4]. [1] نقلًا عن: كاترينا مومزن: جوته والعالم العربي 181. لماذا نحب الرسول صلى لله عليه وسلم| قصة الإسلام. [2] ابن ماجة (43)، وأحمد (17182)، والحاكم (331) عن العرباض بن سارية، وقال الألباني: صحيح.
لم يستطع أعداؤه حفظ زلة عليه مع شدة عداوتهم وعظيم مكرهم وضراوة حقدهم، بل لم يعثروا في ملف خلقه الكريم على ما يعيب، بل وجدوا -والحمد لله- كل ما غاظهم من نبل الهمة، ونظافة السجل، وطهرٍ في السيرة، وجدوا الصدق الذي يباهي سناء الشمس، ووجدوا الطهر الذي يتطهر به ماء الغمام، فهو بنفس الغاية في كل خلق شريف، وفي كل مذهب عفيف، فكان في عنفوان شبابه مستودع الأمانات، ومردّ الآراء، ومرجع المحاكمات، ومضرب المثل في البرّ والسموّ والرشد والفصاحة {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٌٍ} [القلم: 4].