وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) يحذر تعالى عباده المؤمنين) فتنة) أي: اختبارا ومحنة ، يعم بها المسيء وغيره ، لا يخص بها أهل المعاصي ولا من باشر الذنب ، بل يعمهما ، حيث لم تدفع وترفع. كما قال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا شداد بن سعيد ، حدثنا غيلان بن جرير ، عن مطرف قال: قلنا للزبير: يا أبا عبد الله ، ما جاء بكم ؟ ضيعتم الخليفة الذي قتل ، ثم جئتم تطلبون بدمه ؟ فقال الزبير - رضي الله عنه -: إنا قرأنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -: ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت. الشيخ احمد الوائلي - واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة - YouTube. وقد رواه البزار من حديث مطرف ، عن الزبير ، وقال: لا نعرف مطرفا روى عن الزبير غير هذا الحديث. وقد روى النسائي من حديث جرير بن حازم ، عن الحسن ، عن الزبير نحو هذا. وروى ابن جرير: حدثني الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن قال: قال الزبير: لقد خوفنا بها ، يعني قوله [ تعالى] ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما ظننا أنا خصصنا بها خاصة.
الشيخ احمد الوائلي - واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة - Youtube
والمصدر المؤوّل (أنّ اللّه يحول... ) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي اعلموا. الواو عاطفة (أنّ) مثل الأول والهاء ضمير يعود إلى اللّه تعالى في محلّ نصب اسم أنّ (الى) حرف جرّ والهاء ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تحشرون) وهو مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع.. والواو نائب الفاعل. والمصدر المؤوّل (أنّه إليه تحشرون) في محلّ نصب معطوف على المصدر المؤوّل الأوّل. جملة النداء: (يأيها الذين... ) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (آمنوا... ) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين). وجملة: (استجيبوا... ) لا محلّ لها جواب النداء. وجملة: (دعاكم) في محلّ جرّ مضاف إليه.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: فاستجيبوا له. وجملة: (يحييكم) لا محلّ لها صلة الموصول (ما). وجملة: (اعلموا... ) لا محلّ لها معطوفة على جملة استجيبوا. وجملة: (يحول... ) في محلّ رفع خبر أنّ. وجملة: (تحشرون) في محلّ رفع خبر أنّ (الثاني). القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأنفال - الآية 25. الواو عاطفة (اتّقوا) مثل اعلموا (فتنة) مفعول به منصوب على حذف مضاف أي سبب فتنة (لا) نافية (تصيبنّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ رفع لتجرّده عن الناصب والجازم.. والنون للتوكيد، (الذين) موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (ظلموا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (من) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من ضمير الفاعل في (ظلموا)، (خاصّة) حال منصوبة من فاعل تصيبنّ العائد على فتنة أي مختصّة بهم، أو من ضمير ظلموا أي مختصّين بهذه الإصابة، الواو عاطفة (اعلموا أنّ اللّه) مثل الأولى (شديد) خبر أنّ مرفوع (العقاب) مضاف إليه مجرور.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأنفال - الآية 25
قال تعالى: {واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً}(الأنفال 25)
فبعد عشرين شهراً من الثورة بذل فيها شعبنا الأبي كل غالٍ ورخيص ثمنا لعزته وكرامته حتى بلغ به السخاء في هذا مبلغاً دفع كثيراً من القيادات للاستهتار بتضحيات الناس وبكلفة الثورة العالية فلم يعودوا يعيرون اهتماماً بحجم الدمار والخراب الذي تسببه تحركاتهم والتي قد تكون لأمر بسيط لا يستدعي دفع كلفة باهظة. و لعل هذه الجزئية الخطيرة تظهر مدى أهمية وجود القادة الحكماء وضرورة انقياد الثوار لهم سمعاً وطاعة بغية تخفيف فاتورة الحرب على الناس ما أمكن بعيداً عن الفكر الانهزامي الذي يروج له البعض فلا ثورة بلا تضحيات قال تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" (البقرة 155)
وبعد هذه المقدمة الطويلة فإننا نوضِّح أن ما وصلت إليه معركة حلب يؤكِّد وجود ضعفٍ واضحٍ في القيادات الميدانية يضاف له في أكثر الأحيان جهلٌ مطبق وقلة فهم لطبيعة المعركة في المدينة وللفروق الجوهرية بين معركتها وبين معركة الريف.
وجملة: (أنتم تعلمون) في محلّ نصب حال. وجملة: (تعلمون) في محلّ رفع خبر المبتدأ أنتم. الواو عاطفة (اعلموا) مثل اذكروا (أنّما) كافّة ومكفوفة (أموال) مبتدأ مرفوع و(كم) ضمير مضاف إليه الواو عاطفة (أولاد) معطوف على أموال مرفوع و(كم) مثل الأول (فتنة) خبر مرفوع الواو عاطفة (أنّ اللّه) مرّ إعرابها، (عند) ظرف منصوب متعلّق بخبر مقدّم والهاء ضمير مضاف إليه (أجر) مبتدأ مؤخّر مرفوع (عظيم) نعت لأجر مرفوع مثله. والمصدر المؤوّل (أنّ اللّه عنده... ) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي اعلموا مقدّرا. ) لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء. وجملة: (أعلموا) المقدّرة) لا محلّ لها معطوفة على جملة اعلموا المذكورة. وجملة: (عنده أجر... البلاغة: الاستعارة: في قوله تعالى: (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) فمعنى الخون: النقص، كما أن معنى الوفاء التمام. ومنه تخونه، إذا تنقصه، ثم استعمل في ضدّ الأمانة والوفاء، لأنك إذا خنت الرجل في شيء فقد أدخلت عليه النقصان فيه، وقد أستعير فقيل: خان الدلو الكرب، وخان المشتار السبب، والمشتار مجتني العسل، والسّبب الحبل، وإذا انقطع الحبل فيهما فكأنه لم يقف. والاستعارة هنا تصريحية تبعية. الفوائد: 1- اختلف المفسرون في معنى الفرقان إلى أقوال، أوضحها وأرجحها هي قوة في النظر، وهداية في العقل، يفرق بها الإنسان بين الحق والباطل.
2 ـ وفي الإخبار بأنه ما من خير نفعله إلا وهو يعلمه سبحانه وتعالى، دلالة واضحة على أن هذا متضمن الإثابة على هذا، والحض عليه، وإلا فإنه سبحانه وتعالى يعلم الخير والشر، ونظير هذه القاعدة قوله سبحانه وتعالى: { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ}[البقرة: 270]. 3 ـ وفي قوله تعالى: { من خير} في سياق هذه الجملة الشرطية: { وما تفعلوا} دليل على شمول الآية لكل خير قليلاً كان أو كثيراً. 4 ـ ثم ختمت الآية بأمرين مهمين، تضمنهما قوله سبحانه وتعالى: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، ففي قوله تعالى: { وتزودوا} أي اتخذوا زاداً لغذاء أجسامكم، وغذاء قلوبكم -وهذا أفضل النوعين - لقوله تعالى: { فإن خير الزاد التقوى}، فلما رغب سبحانه وتعالى في التقوى، أمر بها طلباً لخيرها فقال تعالى: { واتقون يا أولي الألباب}، وإنما خوطب أصحاب العقول بهذا الخطاب ـ وهم أولوا الألباب ـ لأنهم هم الذين يدركون فائدة التقوى، وثمرتها؛ أما السفهاء فلا يدركونها"(3).
حلية أهل القرآن: "وما تفعلوا من خير يعلمه الله"
ومن الناس: من يحسن إلى غيره ليمن عليه، أو يرد الإحسان له بطاعته إليه، وتعظيمه أو نفع آخر، وقد يمن عليه، فيقول: أنا فعلت بك كذا، فهذا لم يعبد الله ولم يستعنه، ولا عمل لله ولا عمل بالله، فهو المرائي، وقد أبطل الله صدقة المنان وصدقة المرائي... الخ"(6). والمقصود ـ أيها القراء الكرام ـ أن من فهم ما ترشد إليه هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} أقدم على فعل الخير، وسهل عليه الصبر على تقصير الخلق وجفائهم؛ لأنه لا يرجو سوى الله، نسأل الله تعالى بمنّه وكرمه أن يرزقنا فعل الخيرات، والإخلاص لله تعالى في كل ما نأتي ونذر، والحمد لله رب العالمين. ________________
(1) تفسير السعدي (91). (2) تفسير ابن كثير (1/197). (3) ينظر: تفسير القرآن للعثيمين: (2/415). (4) بدائع الفوائد 3/847 (ط. عالم الفوائد). (5) مجموع الفتاوى (1/31). حلية أهل القرآن: "وما تفعلوا من خير يعلمه الله". (6) مجموع الفتاوى (14/329).
السؤال:
نسأل فضيلتكم عن معنى قول الله سبحانه: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ. الآية -جزاكم الله خيرًا-؟
الجواب:
يقول الله سبحانه: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة:197]. معنى الآية: أن الحج يُهَل به في أشهر معلومات، وهي: شوال وذو القعدة والعشر الأولى من ذي الحجة، هذا هو المراد بالآية، وسماها أشهرًا؛ لأن قاعدة العرب إذ ضموا بعض الثالث إلى الاثنين أطلقوا عليها اسم الجمع. وقوله سبحانه: فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ؛ يعني: أوجب الحج فيهن على نفسه بالإحرام بالحج؛ فإنه يحرم عليه الرفث والفسوق والجدال. والرفث: هو الجماع ودواعيه، فليس له أن يجامع زوجته بعدما أحرم، ولا يتكلم ولا يفعل ما يدعوه إلى الجماع. ولا يأتي الفسوق، وهي: المعاصي كلها؛ من عقوق الوالدان، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والغيبة والنميمة، وغير ذلك من المعاصي. والجدال معناه: المخاصمة والمماراة بغير حق، فلا يجوز للمحرم بالحج أو بالعمرة أو بهما أن يجادل بغير حق، وهكذا في الحق، لا ينبغي أن يجادل فيه، بل يبينه بالحكمة والكلام الطيب، فإذا طال الجدال ترك ذلك، ولكن لابد من بيان الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن.