فلنتأمل الرؤية الإنسانية النبيلة في علاقة الحاكم بالرعية وفي علاقة الآدميين بعضهم ببعض من خلال عهده (عليه السلام) إلى مالك الأشتر عندما ولاَّه على مصر: "... وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق... ولا تقولن إني مؤمر فأطاع، فإن ذلك إدغال في القلب ومنهكة للدين وتقرّب من الغير". (الكتاب 51: نهج البلاغة). ما هو الفيء. * واجب الرعية:
وحيث إن كيان الأمة ووجودها يقوم على رابطة قائمة بين الناس وارتضاء متبادل بين الحاكم والرعية، فمن البديهي أن تتصدى الرعية لقسطها من المسؤولية وتقوم بواجباتها كاملة، وأولها واجب الاستقامة، والطاعة للحاكم العادل، واحترام هذه الرابطة العقائدية فالاجتماعية والإخلاص لها، فضلاً عن كل موجبات ديمومة هذه الرابطة وأولها الحق، في وجهيه المتكاملين: حق ولاية الأمر على الناس، وحق الناس بالأمن والعدالة، هذا من دون أن ننسى واجب الكفاح والكدح باتجاه رفع المستوى الحضاري والمستوى المعيشي لكل فرد من أفراد الأمة. ذلك أن الناس معنيون مباشرة بالعمل والكدح سعياً للتقدم، على قاعدة: "من تساوى يوماه فهو مغبون"، وحفظاً لموقع الأمة في ساحة الصراع الفكري والاقتصادي بين الناس والأمم كافة.
المَبحثُ الأوَّلُ: تَعريفُ الفَيءِ - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية
وإذا غلبت الرعية واليها، أو أجحف الوالي برعيته، اختلفت هناك الكلمة، وظهرت معالم الجور، وكثر الأدغال في الدين، وتركت محاج السنن، فعُمل بالهوى وعطلت الأحكام، وكثرت علل النفوس، فلا يستوحش لعظيم حق عطل، ولا لعظيم باطل فعل، فهناك تذل الأبرار، وتعز الأشرار وتعظم تبعات الله سبحانه عند العباد" (الخطبة: 209). المَبحثُ الأوَّلُ: تَعريفُ الفَيءِ - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية. * موقع العدالة في رؤية الإمام (عليه السلام):
أما العماد والأساس الذي ينطلق منه الإمام (عليه السلام) في قيادة ورعاية الأمة والعدالة بكل ما تحمل من أوجه عمل وأداء، في القرار، في التعامل، في توزيع الحقوق، في فرض الواجبات، حتى بين المقربين، في نظم تطوير الأمة... ففي مطالعة كلامه يتبين أن للعدالة المقام الأول من بين كل الاعتبارات التي كانت تتزاحم معها، كيف لا وهي أهم وأولى سمات الحاكم التي أوجبها الله، فنراه مثلاً كان يقدمها على فكرة الجود كقيمة إنسانية عالية ومتقدمة أوردها القرآن الكريم وحثَّ على التحلي بها. فالعدالة رعاية حقوق الآخرين وعدم التجاوز فيها، بينما الجود يعني أن ينشر الإنسان بيده وطوعاً، حقوقه المفروضة له على غيره، وقد يرى البعض أن الجواد هو مضحٍّ بحقوقه للآخرين وبالتالي هو أفضل وأنبل، إلاَّ أن الإمام (عليه السلام) كان يقدم العدالة على الجود، لكونها الأساس والطابع الذي يحكم إدارة البلاد والأمة، فمن أجواء العدالة يظهر الجود وعمل القيم.
تونس.. تفاؤل حذر | تدوينات
النقابة المسماة تعسفا بالاتحاد العام التونسي للشغل، لم تكن شريكا في الثورة ولم تكن وسيلة لدعم مطالبها منذ تفكيك اعتصام القصبة 2 سنة 2011. بل نراها أداة تخريب ولم تعد كونها جزءا مكينا من منظومة الحكم التي أسقطتها الثورة. وقد كانت ولا تزال هي العنصر الرئيسي في بقاء الانقلاب قائما بعد. تونس.. تفاؤل حذر | تدوينات. ونرى مكونات جبهة الخلاص الوطني في هذه الأيام تكرر تلك الجمل الخائفة بل المرعوبة من النقابة ولا تفتأ تدعوها إلى الانحياز إلى الصف المعادي للانقلاب. وفي كل دعوة نستشعر خوفا مرضيا (لم يسع أصحابه في علاجه) كما لو أن النقابة تمسك السماء أن تقع فوق تونس. هذه الدعوات (الطيبة أو الغبية غالبا) تتبنى فكرة طفولية عن النقابة (ذات التاريخ النضالي) إذ تفرق بين القواعد النقابية الوسطى والقيادة المركزية وتحصر الخطأ في التنفيذي فتزعم أن الهياكل المتوسطة ثورية ومناضلة ولكن الحقيقة التي لم أعم عن رؤيتها يوما هي أن هذه القواعد لا سلطة فعلية لها بل إن القرار المركزي في التنفيذي هو الغالب وإليه يعود كل القرار في المنظمة. وأزعم أن النقابة كانت هي الانقلاب الحقيقي منذ اليوم الأول للثورة. وهي القاعدة التي سمحت للانقلاب بإنجاز عمله وأمسكت به أن يقع منذ الساعات الأولى وحتى اللحظة لا تزال تراه أفقا ممكنا يؤدي المهمة التي ترغب النقابة في إنجازها.
تبقى كلمة أخيرة وهي أن الإمام في حركته في الحكم، اختطَّ نهجاً وطريقاً ترجم به إرادة الله تعالى وسيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وتبقى همتنا نحن مسلمو اليوم، باستعمال هذه الإضاءات وتحويلها- وهذا الأهم- إلى معطيات تستجيب لحاجات الناس وتماشي كل المتغيرات في عالم التقنية والانفتاح والتواصل مع الآخرين. إن حضورنا الإسلامي له مستلزمات، أولها العمل والكد وعدم إضاعة الوقت، فالأمم تتقدم بسرعة وعلى مستويات متعددة، ونحن حملة الإسلام واجبنا مضاعف:
1- اللحاق بالركب واحتلال موقع متقدم في الساحة الدولية. 2- السعي لأن نكون لائقين بحمل الرسالة التي لا تتوقف عن دفعنا للعمل والإنتاج، ولا سيما أننا نبشِّر بها..
وليس ما نقول هو باتجاه الازدهار والرفاه والنعيم كهاجس، بل لأن العمل والإنتاج الاقتصادي يؤمن استقلالية القرار للمسلمين ويحفظ الموقع متحرراً من كل الضغوطات..
فساحة الإنسانية اليوم لا ترحم، ولا هدايا تقدمها أمة لأخرى، وسبل الاستقلال للأمم اليوم: تحقيق الاكتفاء الذاتي، التسلح الجيد على مستوى الساحة، وضع الخطط والبرامج الناجحة نحو مستقبل مشرق وهي سبل ليست سهلة قط، ولنا في تجربة الجمهورية الإسلامية خير نموذج وعبرة..
أضيف في:
2022-04-15
|
عدد المشاهدات:
22