تقدَّم الكلام على السُّنَن الرواتب وبيانها، وليس قبل العصر منها شيء، وورد عند أحمد، وأبي داود، والترمذي، من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ الله امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصر أَرْبَعاً" [1]. حكم سنة صلاة العصر - فقه. وهذا الحديث مروي من طرق عن أبي داود الطيالسي، عن محمد بن إبراهيم بن مسلم، عن جدِّه مسلم بن مهران عن ابن عمر به، والحديث مداره على (محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران بن المثنى) وهو متكلَّم فيه. قال الذهبي رحمه الله في الميزان: "قال الفلاس: يروي عنه أبو داود الطيالسي مناكير"، وقال عنه أبو زُرعة رحمه الله: "واهٍ، وليَّنه ابن مهدي" [2]. قال ابن القيِّم رحمه الله: "وقد اختلف في هذا الحديث، فصححه ابن حبان، وعلله غيره، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: سألت أبا الوليد الطيالسي، عن حديث محمد بن مسلم بن المثنى، عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ الله امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصر أَرْبَعاً"، فقال: "دع ذا"، فقلت: إن أبا داود قد رواه، فقال: قال أبو الوليد: كان ابن عمر رضي الله عنه يقول: "حفظت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عشر ركعات، في اليوم والليلة"، فلو كان هذا لعَدَّه، قال أبي: كان يقول: "حفظت ثنتي عشرة ركعة" [3].
- الصلاة قبل العصر الدمام
- الصلاة قبل العصر الحجري
الصلاة قبل العصر الدمام
وقد رُوي «أنَّه كان يُصلِّي قبل العصر أربعًا»، وهو ضعيف. ورُوي «أنه كان يُصلِّي ركعتينِ»، والمراد به الركعتانِ قبل الظهر). ((مجموع الفتاوى)) (23/123، 124). وينظر: ((الاختيارات الفقهية)) (ص 428). ثانيًا: أدلَّةُ كون سُنَّةَ العصرِ ليستْ من السُّننِ الرواتبِ أوَّلًا: من السُّنَّة 1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: ((حفظتُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عشرَ ركعاتٍ؛ ركعتَينِ قبل الظُّهرِ، وركعتينِ بعدَها، وركعتينِ بعدَ المغربِ في بيتِه، وركعتينِ بعدَ العِشاءِ في بيتِه، وركعتينِ قبلَ الصُّبحِ، كانتْ ساعةً لا يَدخُلُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيها، حدَّثَتْني حفصةُ، أنَّه كان إذا أذَّنَ المؤذِّنُ وطلَعَ الفجرُ صلَّى ركعتينِ)) رواه البخاري (1180)، ومسلم (729). الصلاة قبل العصر في. وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ ابنَ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما- راوي هذا الحديثِ- لم يَجعلْ سُنَّةَ العصرِ من السُّننِ الرَّواتبِ، ولو كانت منها لعدَّها ((المغني)) لابن قدامة (2/93)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (1/312). 2- قالت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عَنْها عن تطوُّعِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((كان يُصلِّي في بيتي قبلَ الظهرِ أربعًا، ثم يخرُجُ فيُصلِّي بالناسِ، ثم يَدخُلُ فيُصلِّي ركعتينِ، وكان يُصلِّي بالناسِ المغربَ، ثم يَدخُلُ فيُصلِّي ركعتينِ، ويُصلِّي بالناسِ العِشاءَ، ويدخُلُ بيتي فيُصلِّي ركعتينِ.... وكان إذا طلَعَ الفجرُ صلَّى ركعتينِ)) رواه مسلم (730).
الصلاة قبل العصر الحجري
[٤] كما أنّ دُعاء الاستفتاح من الأعمال المشروعة في بداية الصلاة، فقد ورد بصيغٍ مُتعددة منها: [٥]
(أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ- كانَ إذا قامَ يصلِّي تطوُّعًا، قالَ: اللَّهُ أكبرُ وجَّهتُ وجهيَ للَّذي فطرَ السَّماواتِ والأرضَ حنيفًا مسلمًا وما أنا منَ المشرِكينَ إنَّ صلاتي ونُسُكي ومحيايَ ومماتي للَّهِ ربِّ العالمينَ لا شريكَ لَه وبذلِك أمرتُ وأنا أوَّلُ المسلمينَ اللَّهمَّ أنتَ الملِكُ لا إلَه إلَّا أنتَ سبحانَك وبحمدِك ثمَّ يقرأُ). [٦] وغير ذلك من الصيغ المأثورة عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، فهو دُعاءٌ يشتمل على التمجيد المحض في بعض صيغه، ويشمل على الدُعاء، كما أن بعض صيغه تجمع بين التمجيد والدُّعاء، فهو دُعاءٌ لله -تعالى-، وأيضاً ثناءٌ عليه. [٥]
حكم دعاء الاستفتاح
ذهب جُمهور الفُقهاء من الحنفيّة والشافعيّة والحنابلة إلى أنّ دُعاء الاستفتاح من سُنن الصلاة؛ لما ثبت عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في بداية صلاته، كقوله: (عن رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، أنَّهُ كانَ إذَا قَامَ إلى الصَّلَاةِ، قالَ: وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ).
وإن كان سفرك بعد أداء صلاة الظهر بلا جمع, فلا يجزئك أن تؤدي صلاة العصر قبل دخول وقتها, فدخول الوقت شرط من شروط الصلاة, فمن أداها قبل وقتها فهي غير مجزئة, قال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103}, وراجع المزيد في الفتوى رقم: 162335.