أثارت زيارة محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الأخيرة إلى روسيا؛ عاصفة من التساؤلات حول أهدافها وتوقيتها، ومخاوف غربية من إمكانية أن ينتج عنها تمدد موسكو في أفريقيا وعلى سواحل البحر الأحمر تحديدا، خاصة أنها تطمح لإقامة قاعدة عسكرية شرقي السودان. وفي الثاني من مارس/آذار الجاري، اختتم حميدتي زيارة إلى روسيا بدأت في 23 فبراير/شباط الماضي، قبل يوم واحد فقط من بدء موسكو عمليتها العسكرية ضد أوكرانيا، ورافقه فيها وزراء المالية جبريل إبراهيم، والزراعة أبو بكر البشرى، والطاقة محمد عبد الله محمود، والمعادن محمد بشير أبو نمو. امام البحر قد وقف - sadu haoa. القاعدة العسكرية الروسية
ولعل أكثر ما أثير التساؤل حوله هو مصير الاتفاق السوداني الروسي على إنشاء قاعدة بحرية عسكرية لموسكو في ميناء بورتسودان على البحر الأحمر، خاصة أن الخرطوم أعلنت تجميدها العام الماضي، ومنذ ذلك الوقت لم يحدث أي تطور بخصوصها. وعقب وصوله إلى مطار الخرطوم، قال حميدتي إنه بحث مع المسؤولين في روسيا التعاون في مجال الأمن القومي وقضايا سياسية وتبادل الخبرات والتعاون المشترك ومكافحة الإرهاب والتدريب. وردا على سؤال حول الاتفاق مع روسيا على إنشاء قاعدة بحرية، أكد حميدتي أن هناك دول أفريقية فيها قواعد ولا أعرف السبب وراء الاهتمام المتزايد بهذه القاعدة.
- امام البحر قد وقف صبي
امام البحر قد وقف صبي
لاحقاً، ومع التطورات الميدانية التي تشي بتباطؤ العملية العسكرية وتأخر الحسم واستنزاف الطرفين وإن بدرجات متفاوتة، نشطت الدبلوماسية التركية بشكل ملحوظ. امام البحر قد وقفا. فتواصل أردوغان هاتفياً مرتين مع كل من بوتين وزيلينسكي، كما زار وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو روسيا وأوكرانيا على التوالي. وفي المؤتمر الصحافي الذي جمعه بنظيره الأوكراني في مدينة لفيف في الـ 17 من الشهر الجاري، قال جاووش أوغلو إن الأمل يزداد بالتوصل إلى وقف قريب لإطلاق النار، وإن كان الوقف النهائي للحرب لا يزال بعيداً على حد تعبيره. وفي الـ 18 من الشهر الجاري، قال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن تقدماً قد أحرز في مواقف الطرفين بخصوص أربع من أصل ست مواد رئيسة يتفاوضان حولها، وهي حياد أوكرانيا أي عدم انضمامها إلى الناتو، ونزع سلاحها وفق "النموذج النمساوي" وإجراءات الأمن المتبادلة، وما تسميه موسكو "تطهير أوكرانيا من النازية"، وإلغاء القيود على الاستخدام الواسع للغة الروسية في البلاد. كما أن تصريحات أردوغان بأن البت في بعض القضايا العالقة قد يحتاج قمة بين الرئيسين مُجَدِّداً استعداد بلاده لاستضافتها، تشير بشكل غير مباشر إلى تقدم ملموس قد حصل في العملية التفاوضية ومواقف الجانبين من بعض النقاط الجوهرية.
كما أن أي وساطات أخرى قد تنشأ، من قبل طرف مثل الصين مثلاً، لن تنهي الوساطة التركية بل يمكن أن تتزامن الوساطات والمبادرات وتتوازى. وبغض النظر عن النتيجة النهائية لهذه الجهود، إلا أن موقف تركيا في الأزمة حتى اللحظة يحظى برضى كل من روسيا وأوكرانيا، وكذلك بعض الدول الداعمة لأوكرانيا في الحرب من باب أنها تبقي مساراً للحديث مع موسكو والتأثير عليها، بل إن المعارضة التركية في مجملها تمتدح أداء حكومة بلادها في الأزمة منذ بدايتها حتى الآن، وهو أمر نادر الحدوث في تركيا مؤخراً.