• ﴿ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾: قال السعدي –رحمه الله- في تفسيرها:
وهذا أيضا من نعمته عليهم بعد معصيتهم إياه، فأمرهم بدخول قرية تكون لهم عزا ووطنا ومسكنا، ويحصل لهم فيها الرزق الرغد، وأن يكون دخولهم على وجه خاضعين لله فيه بالفعل، وهو دخول الباب ﴿ سجداً ﴾ أي: خاضعين ذليلين، وبالقول وهو أن يقولوا: ﴿ حِطَّةٌ ﴾ أي أن يحط عنهم خطاياهم بسؤالهم إياه مغفرته. ﴿ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ﴾ بسؤالكم المغفرة، ﴿ وَسَنزيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ بأعمالهم، أي: جزاء عاجلاً وآجلاً. اهـ [5]. تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا...}. [1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان – دمشق( 1/134)
[2] هو محمد بن بحر الأصفهاني، أبو مسلم من أهل أصفهان. معتزلي. من كبار الكتاب. كان عالما بالتفسير وبغيره من صنوف العلم، وله شعر. ولي أصفهان وبلاد فارس، للمقتدر العباسي، واستمر إلى أن دخل ابن بويه أصفهان سنة 321 هـ فعزل. من كتبه (جامع التأويل) في التفسير، أربعة عشر مجلدا، جمع سعيد الانصاري الهندي نصوصا منه وردت في (مفاتيح الغيب) المعروف بتفسير الفخر الرازي، وسماها (ملتقط جامع التأويل لمحكم التنزيل - ط) في جزء صغير.
تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا...}
تلاوة الصفحة 9 - سورة البقرة - بصوت الحصري - وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا - YouTube
وزاد ابن العثيمين في شرحه للآية بياناً شافياً فقال-رحمه الله:
أي واذكروا يا بني إسرائيل إذ قلنا ادخلوا هذه القرية؛ و﴿ ادخلوا ﴾ أمر كوني، وشرعي؛ لأنهم أُمروا بأن يدخلوها سجداً وهذا أمر شرعي؛ ثم فُتحت، فدخلوها بالأمر الكوني.. ثم قال:
واختلف المفسرون في تعيين هذه القرية؛ والصواب أن المراد بها: بيت المقدس؛ لأن موسى قال لهم: ﴿ ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ﴾ [المائدة: 21]؛ و﴿ القرية ﴾ هي البلد المسكون؛ مأخوذة من القرْي. وهو التجمع؛ وسميت البلاد المسكونة قرية لتجمع الناس بها؛ ومفهوم القرية في اللغة العربية غير مفهومها في العرف؛ لأن مفهوم القرية في العرف: البلد الصغير؛ وأما الكبير فيسمى مدينة؛ ولكنه في اللغة العربية. وهي لغة القرآن. لا فرق بين الصغير، والكبير؛ فقد سمى الله عزّ وجلّ مكة قرية، كما في قوله تعالى: ﴿ وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم ﴾ [محمد: 13]: المراد بقريته التي أخرجته: مكة، وقال تعالى: ﴿ وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها ﴾ [الشورى: 7]: فسمى مكة أم القرى وهو شامل للبلاد الصغيرة، والكبيرة..
قوله تعالى: ﴿ فكلوا منها ﴾: الأمر للإباحة أي فأبحنا لكم أن تأكلوا منها؛ ﴿ حيث شئتم ﴾ أي في أي مكان كنتم من البلد في وسطها، أو أطرافها تأكلون ما تشاءون؛ ﴿ رغداً ﴾ أي طمأنينة، وهنيئاً لا أحد يعارضكم في ذلك، ولا يمانعكم.. اهـ [4].