فالحاصل أن من كان من ذرية بني هاشم فهم من آل بيته ﷺ، ومن كان من ذرية الحسن والحسين فإنه يعتبر من ذريته ﷺ من جهة البنات، كما قال في الحسن: إن ابني هذا سيد فسماه ابنه وهو ولد بنته. فأولاد البنات ذرية، قد سمى الله عيسى من ذرية آدم وهو من ذرية مريم من ذرية بنته مريم، وليس له أب عليه الصلاة والسلام، وأدخله الله في الذرية، ذرية آدم وذرية إبراهيم. فالحاصل أن أولاد البنات من ذرية جدهم الذي هو والد أمهم، فمن عرف بالبينة الشرعية أنه من بني هاشم سواء كان من أولاد الحسن أو الحسين أو غيرهما فإنه يعتبر من أهل البيت، ولا يجوز لهم الأخذ من الزكاة بنص النبي عليه الصلاة والسلام. وأما البيعة فلا أصل لها لا يبايعون إلا من استولى على المسلمين ورضيه المسلمون وبايعوه هذا لا بأس، مثل ما بويع علي لما تولى أمر المسلمين بعد عثمان .
حقوق آل البيت
فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِه؟ِ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ. قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلُّ هَؤُلاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ [2]. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ارقبوا محمدًا r في أهل بيته [3]. قال ابن حجر رحمه الله: المراقبة للشيء المحافظة عليه، يقول: احفظوه فيهم فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم [4]. والأحاديث في فضائل آل بيت النبي r ومناقبهم كثيرة جدًّ، وهي مبسوطة في الصحيحين والسنن والمسند وغيرها من كتب الحديث [5]. وقد أفرد الإمام أحمد كتابًا في فضائل أهل البيت. وآل بيت النبي r هم الذين تحرم عليهم الصدقة كما تقدم، وقد حرم الله الصدقة على آل محمد تعظيمًا لقدرهم؛ لأن الصدقة أوساخ الناس، قال r: "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس" [6]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وآل محمد r هم الذين حرُمت عليهم الصدقة، هكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما من العلماء [7].
حكم بغض آل البيت وعداوتهم
حديث الغدير هو حديث زيد بن أرقم في الصحيح، وإن كانت الشيعة قد زادت فيه زيادات كثيرة، لكن فيه أن النبي قال: ( إني تارك فيكم الثقلين)، وجاءت الرواية: ( كتاب الله وأهل بيتي). فهل كان السياق أن الثقلين هما: الكتاب وآل البيت، أم أن قوله: (وآل بيتي) هذا كان من باب الاستئناف وليس من باب العطف؟ هذه مسألة. لكن لو فرضنا جدلاً أن الثقلين الذين قصد النبي صلى الله عليه وسلم أنه تركهما هما: كتاب الله وآل البيت، فهذا لا جديد فيه، إذا فسرناه بهذا التفسير أنه ترك فينا ثقلين: كتاب الله وآل البيت، أما كتاب الله فالمقصود من تركه فينا أن يُتدين به، فحق كتاب الله الإيمان به والعمل، وحق آل البيت محبتهم وتوقيرهم والإحسان إليهم.. وهلم جراً من المسائل المناسبة لهم. فمن يقول: إن النبي قال: تركت فيكم كتاب الله وآل بيتي، نقول: نعم، هذا وصية من الرسول عليه الصلاة والسلام بكتاب الله ووصية منه بآل البيت، ولا نعترض على هذا، فهذا صحيح، وقد قاله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة، وليس حكماً جديداً اختص بغدير خم، فحتى لو لم ينطق به الرسول عليه الصلاة والسلام فهذه الوصية حكمها ثابت في القرآن وفي السنة كثيراً.
وموسى عليه السلام حصل له أنه جاء للميقات وكلمه ربه، ولم يحصل لمحمد صلى الله عليه وسلم أنه كلمه ربه وهو في الدنيا وهو في أحد جبال مكة أو ما إلى ذلك لكن هذا الاختصاص الذي عرض لموسى لا يوجب أن يكون موسى أفضل من محمد. كذلك عيسى عليه السلام رفعه الله إليه، وليس هو أفضل من محمد عليه الصلاة والسلام. أما ما تقوله الشيعة من أنه لا ولاء إلا ببراء.. فإنه يلزم منه التكفير لآل البيت، فهم يقصدون أنه لا ولاء لـ علي إلا بالبراء من أبي بكر و عمر ، والتاريخ يحفظ حفظاً قطعياً أن هناك أعياناً من آل البيت كانوا موالين لـ أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، وهذا هو الأصل فيهم، وهكذا كان شأن أبي بكر أنه كان موالياً لـ علي ومحباً له، وكان علي بن أبي طالب موالياً لـ أبي بكر ، فإذا قيل:لا ولاء إلا ببراء؛ لزم من ذلك التكفير حتى لآل البيت؛ لأنهم ما كانوا يتبرءون من أبي بكر و عمر ، وما نقل عن إمام من أئمة آل البيت أنه تبرأ من أبي بكر.