تفسير الحديث النبوي عن العمل
يقول رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- في الحديث السابق: إنَ الله -تبارك وتعالى- يحب أن يلتزم الإنسان بصدق العمل وأمانته؛ فالأمانة من أهم الخصال الحسنة التي يجب على كلِّ مسلم أن يتحلَّى بها، وفي الحديث دعوة صريحة لإتقان العمل وربطه برضا الله تعالى، فالإتقان في العمل اليوم هو أساس بناء المؤسسات والشركات، وإنَّما الالتزام بتعاليم هذا الحديث الشريف من صالح الأمة كلِّها بشكل عام والأفراد بشكل خاص، والله أعلم.
حديث عن العمل الجماعي
ومن ناحية أخرى، فإن القعود عن العمل بحجة التفرغ للعبادة أمر لا يقره الإسلام. والقرآن الكريم يقول: فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً فالعمل للآخرة مطلوب، والتعبد لله مطلوب. ولكن العمل للدنيا مطلوب أيضاً لأنه الذي يوصل إلى ثواب الآخرة، ويندرج أيضاً تحت مفهوم العبادة. ومن هنا ينبغي أن يعيد المسلمون النظر في سلوكياتهم ونظرتهم للعمل، فالعمل قيمة دافعة للتقدم. ولن يخرج المسلمون من المأزق الحضاري الخطير الذي وصلوا إليه إلا بأمرين أساسيين: هما العلم والعمل. وكل عمل يسهم في دفع عجلة الحياة وجلب الخير للمجتمع هو عمل شريف وصاحبه إنسان شريف يستحق كل التقدير، ولذلك نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً عاطلاً قدم إليه يطلب صدقة أن يحتطب أي يجمع عيدان الحطب ويبيعها ليأكل منها، والرسول كان نفسه يرعى الغنم وكان كل أنبياء الله يعملون في مهن بسيطة ومتواضعة وكانوا سعداء بها. ولذلك لا يجوز لنا كما يقول د. زقزوق أن نستهين بأي مهنة أو حرفة مهما بدت لنا ضئيلة القيمة فإنها في النهاية لها أهميتها في حركة الحياة ككل ولا تستقيم الحياة من دونها، والتوجيه النبوي يقول: اعملوا فكل ميسر لما خلق له. أفضل الأعمال وعن أنواع العمل المطلوبة شرعا والتي أوصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ السنة النبوية بجامعة الأزهر: يشمل العمل أنواعا كثيرة حث عليها الرسول منها العمل الزراعي حيث جاء في الحديث الصحيح ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة.
حديث عن العمل التطوعي
ووردَ حديث نبوي آخر يشجع فيه الرسول الكريم على إتقان العمل، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم-: "إنَّ اللهَ يحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكم عملًا أنْ يُتقِنَه" [٧] [٨]
تفسير حديث نبوي عن العمل
كما وردَ سابقًا، فإنَّ كثيرًا من الأحاديث النبوية التي تحثُّ على العمل وردت في السنة النبوية الشريفة ، وقد وردَ حديث في صحيح البخاري، قال فيه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "لَأَنْ يأخذَ أحدكم حَبْلَهُ، فيَأْتِي بحِزْمَةِ الحطبِ على ظهرِهِ فيَبيعها، فيَكُفَّ اللهُ بها وجهَهُ، خيرٌ لهُ من أن يسألَ الناسَ، أعطوهُ أو منعوهُ" [٩] ، وفيما يأتي شرح للحديث ومرور على مناسبته وتفسيره. مناسبة حديث الرسول عليه الصلاة والسلام عن فضل العمل
إنَّ مناسبة أي حديث نبويّ هي السبب أو الحادثة التي قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فيها هذا الحديث، ولعلَّ مناسبة هذا الحديث تحديدًا هي حادثة من حوادث السؤال من أحد المتسولين، فقال رسول الله هذا الحديث ليبين للصحابة الكرام قيمة العمل في الإسلام، مهما كانَ هذا العمل صعبًا أو شاقًّا، فهو خير من التسوُّلِ وسؤال الناس، والله أعلم.
1179 ج 24 ص 298 صحيح و ضعيف الجامع الصغير. ،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ". سنن ابن ماجه ج 7 ص 294. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (لاَ يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا وَلاَ
يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ وَلاَ دَابَّةٌ وَلاَ شيء إِلاَّ كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ) رواه مسلم
صافح رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلاً فوجد يد الرجل خشنة من آثار العمل اليدوي فقال عليه السلام:
"هذه يد يحبها الله ورسوله". عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة, فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها
فليغرسها ". قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 11
عن أبي عبد الله الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لأن يأخذ أحدثكم أحبُلةُ ثم يأتي الجبل ، فيأتي يحُزمة من حطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجههُ، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه)) رواه البخاري. 2/540- وعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لأن يحتطب أحدكم حُزمة على ظهره، خير له من أن يسأل أحداً، فليعطيه أو يمنعهُ")) متفق عليه.