[ (اعملوا فكل ميسر لما خلق له)] [السُّؤَالُ] ـ [السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سئلت: لماذا خلق الله عز وجل الدنيا ومن عليها والآخرة وهو تعالى يعرف من سيكون كافراً ومن سيكون مسلماً وقد خلقنا تعالى وهو كذلك؟. اعملوا فكل ميسر لما خلق له | فضيلة الشيخ أبي اسحاق الحويني - YouTube. ]ـ [الفَتْوَى] الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فقد خلق الله الحياة الدنيا لحكمة ذكرها في كتابه حيث قال: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور) [الملك:٢]. فهذه الحياة هي دار ابتلاء حيث يبتلي الله عباده بإرسال الرسل وإنزال الكتب، فمن صدق بالرسل وعمل بما في الكتب كان من أهل الجنة ومن أهل السعادة ومن كذب كان من أهل الشقاء وأهل النار. وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عما يعمله الناس أهو أمر قد قضي وفرغ منه أم أمر مستأنف، فقال بل أمر قد قضي وفرغ منه، فقالوا: ففيم العمل يا رسول الله؟ فقال: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له ". وقد قال الله تعالى: (إنَّ سعيكم لشتّى، فأمّا من أعطى واتّقى وصدَّق بالحُسنى فسنيسّره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذّب بالحسنى فسنيسّره للعُسرى) [الليل: ٤-١٠]. فعلى كل أحد أن يعمل ويبحث عن مواطن الهداية ويدعو الله أن يرزقه الثبات على الدين، وأن يعلم أن الله تعالى قد خلق الخلق وهو يعلم أرزاقهم وآجالهم وماهم عاملون، ونحن نرى أكثر الناس يستشكلون أمر السعادة والشقاوة، ولايستشكلون أمر الرزق ونحوه، وهي من باب واحد من جهة خفائها عن الخلق وأن علم الله قد سبق فيها.
اعملوا فكل ميسر لما خلق له - إسلام ويب - مركز الفتوى
فالشبهة تبقى شبهة! ولا تبلغ أن تكون عقدية تزعزع اعتقادا راسخا، أو تزلزل أصل الإيمان الذي هو محبة الله تعالى! ولذلك فإن المؤمن إن شوش عليه شيء من الشبهات، دفعه أولا بإيمانه الراسخ، ثم بعد ذلك بالتعلم والسؤال. وما دقَّ من مسائل القضاء والقدر هي من هذا الباب، لها أصل محكم، وفروع مشتبهة. فالأصل هو الإيمان بتمام علم الله وحكمته، وعدله ورحمته، ولطفه وقدرته. ومن المشتبه ما أشكل على السائلة، وهو الجمع بين إثبات قدر الله ونفوذ مشيئته، وبين إثبات اختيار العبد وكسبه لفعله. اعملوا فكل ميسر لما خلق له - YouTube. وهذا شيء لا تحتمله أكثر العقول، ولذلك كان موضع ابتلاء وتمحيص وتمييز بين الناس، فمنهم من يتمسك بالأصل المحكم فيسلم، ومنهم من يتيه مع الفرع ويضيع الأصل فيهلك. وذلك أن في القدر سراً لله تعالى، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يكفي العاقل أن يعلم أن الله عز وجل عليم حكيم رحيم، بهرت الألباب حكمته، ووسعت كل شيء رحمته، وأحاط بكل شيء علمه، وأحصاه لوحه وقلمه، وأن لله تعالى في قدره سرا مصونا، وعلما مخزونا، احترز به دون جميع خلقه، واستأثر به على جميع بريته... وفي هذا المقام تاهت عقول كثير من الخلائق. وخلاصة الأمر أن أننا مع إثباتنا لقدر الله تعالى، فإننا نثبت للعبد اختيارا يصح معه تكليفه ومجازاته، ولا يخرج عن قضاء الله تعالى وقدره!
اعملوا فكل ميسر لما خلق له | فضيلة الشيخ أبي اسحاق الحويني - Youtube
ويشتمل على أمور تعتبر دلائل هذا التدبير الغيبي لهذا الكون ومافيه من الكائنات، وتمثل أركان الإيمان بالقدر لأنه لا يكتمل إيمان المسلم بدونها، وهي:
الأول: علم الله الشامل المحيط بكل الكائنات. الثاني: كتابة الله في اللوح المحفوظ لكل ما هو كائن إلى يوم القيامة. الثالث: مشيئة الله النافذة وقدرته التامة، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. الرابع: خلقه تبارك وتعالى لكل موجود، لا شريك لله في خلقه. رابعا – الاحتجاج بالقدر في المصائب دون المعايب
وفي إطار الحديث عن القدر فإن الإيمان به يقتضي الاحتجاج بالقدر، فإن الإنسان في جميع حركاته وسكناته، وتصرفاته وقراراته يتقلب في أقدار الله تعالى التي تشمل علمه الأزلي، وكتابته السابقة، ومشيئته النافذة في جميع الخلق، غير أن شبهة تقع في بعض الأفهام حين يظن أن القدر قوة سالبة لحريته واختياره ، فإذا وقعت منه زلة أو هفوة أو مخالفة يلجأ إلى القدر ليبرر خطأه ليفلت عن المساءلة وتحمل تبعات تصرفاته، والغريب أن يظهر ذلك بين المسلمين. شرح حديث: اعملوا فكل ميسر لما خلق له - العلامة الفوزان - YouTube. لكن الحديث النبوي الذي أشير إليه في العنوان يبين لنا عدة معان يجب أن تكرس في أذهاننا ونحن نتعامل مع هذا المفهوم وهي:
1- أن الحديث حجة في أن أفعال العباد خلق لله تعالى، والإنسان مخير في جميع أفعاله، وهو دليل على إبطال قول أهل الجبر؛ لأن التيسير غير الجبر.
شرح حديث: اعملوا فكل ميسر لما خلق له - العلامة الفوزان - Youtube
قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن زياد بن إسماعيل السَّهمي, عن محمد بن عباد بن جعفر المخزوميّ, عن أبي هريرة, قال: جاء مشركو قريش إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يخاصمونه في القدر, فنـزلت ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ). قال: ثنا مهران, عن حازم, عن أسامة, عن محمد بن كعب القُرَظِيّ مثله. حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) قال: خلق الله الخلق كلهم بقدر, وخلق لهم الخير والشرّ بقدر, فخير الخير السعادة, وشرّ الشرّ الشقاء, بئس الشرّ الشقاء. واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله ( كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) فقال بعض نحويي البصرة: نصب كلّ شيء في لغة من قال: عبد الله ضربته; قال: وهي في كلام العرب كثير. قال: وقد رفعت كلّ في لغة من رفع, ورفعت على وجه آخر. قال ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) فجعل خلقناه من صفة الشيء; وقال غيره: إنما نصب كل لأن قوله خلقناه فعل, لقوله (إِنَّا), وهو أولى بالتقديم إليه من المفعول, فلذلك اختير النصب, وليس قيل عبد الله في قوله: عبد الله ضربته شيء هو أولى بالفعل, وكذلك إنا طعامك, أكلناه الاختيارُ النصب لأنك تريد: إنا أكلنا طعامك الأكل, أولى بأنا من الطعام.
اعملوا فكل ميسر لما خلق له - Youtube
6- الاحتجاج بالقدر على الذنب والمعصية التي يرتكبها الإنسان ينفع في موضع ويضر في موضع، أما الموضع الذي ينفع فيه الاحتجاج بالقدر على الذنب فهو إذا احتج به بعد وقوعه والتوبة منه وترك معاودته، فيكون في ذكر القدر إذ ذاك من التوحيد ومعرفة أسماء الرب وصفاته؛ لأنه لا يدفع بالقدر أمرا ولا نهيا ولا يبطل به شريعة بل يخبر بالحق المحض على وجه التوحيد والبراءة من الحول والقوة. 7- أما الموضع الذي يضر الاحتجاج بالقدر ففي الحال والمستقبل بأن يرتكب فعلا محرما أو يترك واجبا، فيلومه عليه لائم، فيحتج بالقدر على إقامته عليه وإصراره، فيبطل بالاحتجاج به حقا، ويرتكب باطلا كما احتج به المصرون على شركهم وعبادتهم غير الله فقالوا: [لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا]، وقالوا: [لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ] [4]
[1] شرح العقيدة الطحاوية، أبو العز الحنفي، مؤسسة الرسالة، تحقيق التركي والأرناؤوط، (1/320). [2] مقالات الإسلاميين، أبو الحسن الأشعري، تحقيق نعيم زرزور، المكتبة العصرية، لبنان، الطبعة: الأولى، 1426هـ – 2005م، (1/299). [3] القضاء والقدر، عمر بن سليمان الأشقر، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة: الثالثة عشر، 1425 هـ – 2005 م، صفحة (90).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال " من صام رمضان وقامه ، إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري ومسلم. شهر رمضان شهر الصيام.. والصيام ترك وكسر للعادات فهو تخلي والتخلية هنا ليس من باب العقوبة بل من العطاءات الربانية.. "تخلى لكي تتحلى". وأيضًا شهر تلاوة القرآن.. والقرآن هو الحبل الممدود من الله لنا فكلما تمسكنا به كنا في العناية والرعاية المشددة والمعية، فمن كان مع الله أُلقيت عليه مواد التوفيق والسداد وكل ما هو جميل وأخذ من النور سبحانه وتعالى لأنه متصل بكلام الله وشهر العتق والرحمة والمغفرة.. فهو شهر أعمال الخير كل حسب جهده وطاقته ولينفق كل ذي سعة من سعته فما بالك بإنفاق الله عليك. كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أجود من الريح المرسلة في العشر الأواخر من الشهر الفضيل. لكن علينا أن ننظر ونتأمل في سلفنا الصالح وفي العارفين بالله كيف يتهيأ كل منهم باستقبال تلك المعاني حتي تسري فيهم وفيمن حولهم.. فهم عاشوا هذه الأيام كأن شهر رمضان المبارك شهر في ذاته فضل والعشر الاواخر من الشهر فضل آخر ولها خصيصة أخرى، فكان الإمام يحي بن كثير رحمه الله يوصي باستحضار النية ويقول "تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل".