نلاحظ في حياتنا العامة أن بعض الأشخاص يتصرفون بغباءٍ في موقفٍ ما مع أنهم معروفون بشدة الذكاء، ما يثير الفضول للتساؤل حول هذا الموضوع، ولماذا لا يستعمل هؤلاء ذكائهم في حل المشكلة أو تلافي الضرر؟، وهنا يأتي دور الذكاء العاطفي وهو مفهومٌ جاء به الباحثون بين عامي1980 و1990 لشرح سبب تصرفات هؤلاء الأشخاص. فالبعض يمتلك مستوى عال من الذكاء العام مقابل مستوى منخفض من الذكاء العاطفي، بينما يمتلك آخرون مستوى عال من الذكاء العاطفي وينخفض لديهم مستوى الذكاء العام. ويرى علماء النفس الذين يدرسون الذكاء العاطفي أنه أكثر أهميةً من الذكاء العام، لكن حالته مثيرةٌ للجدل؛ فهناك صعوبةٌ في قياس الذكاء العاطفي عند بعض الأشخاص إن لم يكن مستحيلًا، لأنه حالةٌ ذاتيةٌ. 1
تعريف الذكاء العاطفي
الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence) هو قدرة الشخص على تحديد عواطف الآخرين والتحكم بها بالإضافة إلى عواطفه. وعند الحديث عن التحكم بالعواطف لا يعني فقط فهمها لكن إدراك تأثيرها على الناس من حولنا أيضًا. والشخص المتمتع بذكاءٍ عاطفيٍّ عاليٍّ هو شخصٌ لا يترك لمزاجه عنان السيطرة. فهو يملك ثقةً كبيرةً وسلاسةً في التحدث والنقد، وله سمعةٌ طيبةٌ باتخاذ القرارات بعد الاصغاء جيدًا إلى فريقه أو الآخرين.
مفهوم الذكاء العاطفي - موسوعة المحيط
عرَّف الباحث أبراهام الذكاء العاطفيّ على أنّه قدرة الإنسان على استخدام المعرفة الانفعاليّة؛ من أجل حلّ المشاكل، وذلك باستخدام الانفعالات الإيجابيّة، وقد قال أبراهام إنّ الذكاء العاطفيّ هو مجموعة من المهارات التي تتميَّز بالدقة في تصحيح المشاعر الشخصيّة وتدقيقها، واكتشاف المشاعر الانفعاليّة لدى الأشخاص الآخرين؛ ليتمّ استخدامها من أجل الإنجاز، والدافعيّة في حياة الإنسان. عرَّف الباحثان فاروق السيد عثمان ومحمد عبد السميع رزق الذكاء العاطفيّ على أنّه امتلاك الإنسان القدرة على الإدراك والانتباه بشكل جيّد، ثم فَهْم المشاعر الذاتيّة بشكل واضح، وتنظيمها؛ من أجل مُراقَبة الانفعالات والمشاعر الخاصة بالآخرين بشكل دقيق؛ كي تكون العلاقات معهم انفعاليّة؛ حتى تساعد الفرد على الرُّقي الانفعاليّ، والعقليّ، والمهنيّ، مع تعلُّم المهارات الإيجابيّة في الحياة. عرَّف كامبر الذكاء العاطفيّ على أنّه مجموعة قدرات مُختلِفة عن الذكاء الأكاديميّ، بحيث يتضمّن القدرات المعرفيّة الخاصة بالعقل، إلّا أنَّها تُعَدُّ مُكمِّلةً لذلك النوع من الذكاء. علامات الذكاء العاطفيّ يتميَّز الذكاء العاطفيّ بعدّة علامات، من أهمّها ما يأتي: التفكير بالمشاعر: يبدأ الذكاء العاطفيّ بالوعي الذاتيّ والاجتماعيّ، مع امتلاك قدرات التعرُّف على العواطف، وإدراك تأثيرها في الشخص نفسه، وعلى من حوله.
تعريف الذكاء العاطفي - موضوع
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة" حديث حسن صحيح رواه الترمذي. فإن الحدس مرتبط بعمل هذه المنطقة من الدماغ المختصة بحفظ المشاعر والتي تسمى باللوزة أو Amygdala. ويؤكد القرآن على أهمية الاعتقاد والصورة المتشكلة في العقل الباطن في عملية النصر فقد قال تعالى: " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ " سورة آل عمران الآية 173 و174.
" لكل عاطفة توجد هناك رسالة خلفها كما يقول توني روبنز، فعلينا أن نفهم هذه الرسالة التي تشير بها العاطفة لنا، وألا نقمعها أو نكبتها فذلك يضر بنا ويؤدي إلى احتقان هذه المشاعر "
وكما ذكر دانيال جولمان في كتابه الذكاء العاطفي أنهم أجروا اختباراً على مجموعة من الأطفال وذلك بعرض قطعة من الحلوى "المارشميلو" فإن صبروا ولم يأكلوها حتى انقضاء فترة من الوقت فسيتم مكافأتهم بقطعة أخرى، أما إن تناولوها فلن يحصلوا على أخرى، ووجدوا بأن الأطفال الذين صبروا وحصلوا على القطعة الثانية أنهم عندما كبروا أصبحوا أكثر سعادة في حياتهم، وأكثر نجاحاً في حياتهم المهنية، وأكثر استقراراً في حياتهم الأسرية والعاطفية.
التأني: فعلٌ بسيطٌ، وهو توقفك للحظة والتفكير قبل التحدث أو التصرف، ما يساعدك في حماية نفسك من مواقفَ حرجةٍ أو إلقاء تعليقاتٍ سريعةٍ جدًا. بكلماتٍ أخرى هو مساعدتك في الإحجام عن اتخاذ قرار دائم تبعًا لمشاعرَ مؤقتةٍ. السعي للتحكم بالأفكار: قد لا تستطيع السيطرة على المشاعر التي تجتاحك في لحظةٍ معينةٍ، لكنك قادرٌ على التحكم بردود أفعالك تجاه هذه المشاعر، بالتركيز على أفكارك، وكما يقول المثل: "لن تستطيع منع طائرٍ من الوقوف على رأسك لكن باستطاعتك منعه من بناء عشٍ"، وبذلك أن تمنع نفسك من الانسياق وراء مشاعرك ما يسمح لك بالعيش متناغمًا مع أهدافك وقيمك. الاستفادة من النقد: لا أحد يستمتع برجع صدى سلبي، لكن هذا الانتقاد يشكل فرصةً لتتعلم وتصبح أفضل، حتى لو لم تتلقاه بالطريقة الأمثل، على الأقل سيفتح لك نافذةٌ لتتعرف على طرق تفكير الآخرين. إظهار الأصالة: ولا تعني الأصالة مشاركة كل شيءٍ عن نفسك مع أي شخصٍ، وطوال الوقت، بل تعني قول ما تقصده وقصد ما تقوله، والاستناد إلى قيمك ومبادئك قبل أي شيءٍ آخر. فليس كل شخصٍ سيقدر مشاركته أفكارك ومشاعرك، سيقدر ذلك من يهتم بك فقط. إثبات التعاطف: القدرة على إظهار التعاطف والتي تتضمن فهم مشاعر الآخرين، وأفكارهم تساعدك على التواصل معهم بدلًا من الحكم عليهم أو غيره، والعمل بجهدٍ لتفهمهم من عيونهم، والتعاطف لا يعني موافقة الآخر على وجهة نظره هو فقط السعي لفهم ما يسمح لك ببناء علاقات تواصلٍ أعمق معه.