• وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذم الدهر وسبه في أكثر من حديث، منها:
ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تعالى: يؤذيني [1] ابن آدم؛ يسب الدهر، وأنا الدهر [2] ، أقلب الليل والنهار [3])). • وفي رواية: ((لا تسبوا الدهر ؛ فإن الله هو الدهر)) (صحيح الجامع: 7313). • وعند مسلم بلفظ: ((لا يقولن أحدكم: يا خيبة الدهر [4] ؛ فإني أنا الدهر، أقلب ليله ونهاره، فإذا شئت قبضتهما)). • وعند البخاري: ((لا تسموا العنب: الكَرْم، ولا تقولوا: خيبة الدهر؛ فإن الله هو الدهر)). • وفي رواية في "الصحيح": ((يسب بنو آدم الدهر، وأنا الدهر، بيدي الليل والنهار)). • وعند الحاكم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله عز وجل: استقرضت [5] عبدي، فلم يقرضني [6] ، وشتمني عبدي، وهو لا يدري، يقول: وادهراه وادهراه [7] ، وأنا الدهر)). • وعن الإمام أحمد بلفظ: ((لا تسبوا الدهر؛ فإن الله عز وجل قال: أنا الدهر، الأيام والليالي لي، أجددها وأبليها، وآتي بملوك بعد ملوك))؛ (السلسلة الصحيحة: 532). حديث لا تسبوا الدهر فاني انا الدهر. كلام أهل العلم في شرح الأحاديث السابقة:
• يقول الخطابي - رحمه الله تعالى -: "ومعنى "أنا الدهر"؛ أي: أنا صاحب الدهر، ومدبر الأمور التي ينسبونها إلى الدهر، وإنما الدهر زمان جعل ظرفًا لمواقع الأمور، وكانت عادة العرب إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر، فقالوا: "بؤسًا للدهر، وتبًّا للدهر"؛ اهـ.
شرح حديث لا تَسُبُّوا أصحابي، فلو أنَّ أحدَكم أَنْفَقَ مثل أُحُد، ذهَبًا ما بَلَغَ مُدَّ أحدهم، ولا نَصِيفَه
القسم الثالث: أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة: فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر ؛ لأنه ما سب الله مباشرة ، ولو سب الله مباشرة لكان كافراً. حديث لا تسبوا الدهر. " فتاوى العقيدة " ( 1 / 197). ومن منكرات الألفاظ عند بعض الناس أنه يلعن الساعة أو اليوم الذي حدث فيه الشيء الفلاني ( مما يكرهه) ونحو ذلك من ألفاظ السّباب فهو يأثم على اللعن والكلام القبيح وثانيا يأثم على لعن ما لا يستحقّ اللعن فما ذنب اليوم والسّاعة ؟ إنْ هي إلا ظروف تقع فيها الحوادث وهي مخلوقة ليس لها تدبير ولا ذنب ، وكذلك فإنّ سبّ الزمن يعود على خالق الزّمن ، فينبغي على المسلم أن ينزّه لسانه عن هذا الفحش والمنكر. والله المستعان. الشيخ محمد صالح المنجد
شرح حديث لا تسبوا الدهر.. - إسلام ويب - مركز الفتوى
ثم إنّ في النهي عن سب الدهر دعوة إلى اشتغال الإنسان بما يفيد ويجدي، والاهتمام بالأمور العملية، فما الذي سيستفيده الإنسان ويجنيه إذا ظل يلعن الدهر ويسبه صباح مساء، هل سيغير ذلك من حاله؟ هل سيرفع الألم والمعاناة التي يجدها؟ هل سيحصل ما كان يطمح إليه؟، إنّ ذلك لن يغير من الواقع شيئاً، ولا بد أن يبدأ التغيير من النفس وأن نشتغل بالعمل المثمر بدل أن نلقي التبعة واللوم على الدهر والزمان الذي لا يملك من أمره شيئاً. نعيب زماننا والعيب فينا *** وما لزماننا عيب سوانا وقد نهجوا الزمان بغير جرم *** ولو نطق الزمان بنا هجانا هل الدهر من أسماء الله؟ والدَّهر ليس من أسماء الله، وذلك لأنّ أسماءه سبحانه كلها حسنى، أي بالغة في الحسن أكمله، فلابد أن تشتمل على وصف ومعنى هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني في دلالة هذه الكلمة، ولهذا لا يوجد في أسماء الله تعالى اسمٌ جامدٌ لا يدل على معنى، والدَّهرُ اسم جامد لا يحمل معنى سوى أنّه اسم للوقت والزمن. ثم إنّ سياق الحديث أيضاً يأبى أن يكون الدَّهر من أسماء الله لأنّه قال: «وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار»، والليل والنهار هما الدهر، فكيف يمكن أن يكون المقلَّب بفتح اللام هو المقلِّب بكسر اللام؟!
وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى. ومعنى فإن الله هو الدهر أي فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات. اهـ
والله أعلم.