واعْلم أنَّ الشَّبَع لا يتوقَّف استيفاءً على الثُلُث، بل يحصل بدُونه، وعلى ذلك يُحمَل ما يجيء في الأحاديث والآثار في أكل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وأصحابه حتى شبعوا ( البخاري (6452)). ومع هذا كلّه فما في الشَّريعة من كراهية الإفراط في الأكل حكمٌ مستمرٌّ، لا يختصُّ بوقتٍ دون وقتٍ، والجوع الرِّياضي إنَّما يأمرون به زمن الرِّياضة، فأمَّا من فُتِح له عندهم فلا يحجرون عليه شيئًا، ولا يكاد يحجر على نفسه، وهذا أمرٌ لا [أصل له] في الشريعة ألبتَّة. رسالة ما وقع لبعص المسلمين من الرياضة الصوفية
ضمن مجموعة اثار العلامة المعلمي رحمه الله ج6 /284
شرح حديث بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه | فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - Youtube
[٤]
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (طَعَامُ الوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الأرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ). [٥]
التزم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- والصحابة -رضي الله عنهم- بالتقليل من الطعام. حثّ الحديث السابق على الاعتدال في الطعام والشراب وعدم الإسراف والتبذير فيهما عملاً بوصيّة الله -تعالى- القائل: (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ). [٦]
رغّب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في الحديث على الصبر والتحمّل وعدم السعي في تحقيق رغبات وشهوات النفس بل الانتصار عليها. بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ما يتعلّق بطعام المسلم وشرابه ليضيف بذلك لمسةً جماليةً على حياته الاجتماعية، وقد وردت عدّة أقوالٍ للعلماء في شرح الحديث يُذكر من أبرزها: [٧]
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: (مراتب الغذاء ثلاثة: أحدها مرتبة الحاجة، والثانية مرتبة الكفاية، الثالث مرتبة الفضيلة، فأخبر -صلّى الله عليه وسلّم- أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه فلا تسقط قوته ولا تضعف، فإن تجاوزها فليأكل بثُلث بطنه، وهذا من أنفع ما للبدن وما للقلب، فإنّ البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا أورد عليه الشراب ضاق عن النَّفس، وعرض عليه الكرب والتعب).
[4] جامع العلوم والحكم ص 504 - 506. [5] انظر: الطب النبوي ص 105. [6] ص 854 برقم 2062 ، وصحيح البخاري ص 1067 برقم 5393. [7] ص 853 برقم 2059 ، وصحيح البخاري ص 1067 برقم 5392 واللفظ لمسلم. [8] ص 404 برقم ( 2478)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.