الرئيسية / دين / البلاء محاط باللفظ والقدر موكّل بالمنطق
مايو 31, 2020
دين
718 زيارة
د. عادل المراغي | أكاديمي مصري البلاء محاط باللفظ والقدر موكل بالمنطق، وقد تتكلم بكلمة فيكتبها قلم القضاء في صحيفة قدرك، وكم رأينا من أناس سيق إليهم البلاء بما سبقت به ألسنتهم. هل يوجد علاقة بين {القدر} و {المنطق}.؟. وكم من كلمة بعثت جيوش التشاؤم وجنود اليأس،وكم من كلمة حملت ألوية النصر وأرسلت كتائب الأمل. احذر لسانك أن تقول فتبتلي إن البلاء موكل بالمنطق وقال آخر: لاتنطقن بما كرهت فربما عبث اللسان بحادث فيكون ولقد جاء التحذير من النطق بالسوء، أو أن يستفتح الإنسان على نفسه بشر، أو أن يتشاءم بأمر، ويطلق ذلك في مقاله ونطقه؛ حتى لا يُبتلى به، وأن يحسن انتقاء ألفاظه، ويختار الكلمات الحسنة الجميلة التي تدعو إلي التفاؤل وتنشر عبير الأمل والتي تحمل دلالات طيبة، وتحمل روح البشرى، فربما تكلم الإنسان بكلمة كتبها قلم القضاء عليه وكانت حتماً مقضيا. ومما يدل على خطورة الكلمة في قضاء الإنسان وقدره ما روي عن امرأة فرعون أنها لما وجدت موسي عليه السلام في التابوت قالت لفرعون: ( قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) فرد فرعون: قرّة عين لك, أما لي فلا.
البلاء موكل بالمنطق
• ويروي الكاتب (مصطفى أمين) أن الممثل المصري (أنور وجدي) قال يومًا للممثلة (زينب صدقي) في إحدى الحفلات - وكان ساعتها ممثلًا صغيرًا لم يشتهر بعد -: "كم أتمنى أن يكونَ معي مليون جنيه! وإن أُصبت بأي مرض"، فقالت له زينب صدقي: "وماذا يفيدك المال وأنت حينها تكون مريضًا؟"، فأجابها: "سأنفق بعضَ هذا المال على المرض، ثم أتمتع بباقي المال". البلاء موكل بالمنطق. تقول زوجته في مذكراتها: (فكان معه المليون جنيه وأكثر؛ ولكن الله ابتلاه بمرض السرطان في الكبد، فأنفق كل ماله، ولم يذهب المرض؛ بل بقي في تعاسة). • وللباحثة د. هيفاء بنت ناصر الرشيد بحث منشور بمجلة العلوم الشرعية واللغة العربية بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز، يتعلق بالمعاني المقبولة والمردودة للمقولة المشهورة (البلاء موكل بالمنطق) من منظور عقدي، وذلك تحت عنوان "البلاء موكل بالمنطق: دراسة عقدية".
هل يوجد علاقة بين {القدر} و {المنطق}.؟
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: «قد يجعلُ الله سبحانه تطيُّر العبد وتشاؤمه سببًا لحلول المكروه به، كما يجعلُ الثِّقة به والتوكُّل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفعُ بها الشرَّ المتطيَّر به». فقل قولاً فيه تفاؤل وخير، وأبشر بالخير إن شاء الله. قال الماوردي رحمه الله: «وأما الفأل ففيه تقوية للعزم وباعث على الجد ومعونة على الظفر، فقد تفاءل رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواته وحروبه. وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته فقال: «أخذنا فألك من فيك». فينبغي للمرء أن يكون في نطقه التفاؤل وحسن الظن، ولا يتشاءم أو يتوقع الشر، بل ينتقي أجمل العبارات وأكثرها لطفاً وإيجابية. قال النخعي رحمه الله: «إني لأجد نفسي تحدثني بالشيء فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أبتلى به». فليجتنب كل منَّا أيَّ لفظ فيه تشاؤم وتوقع للشر، وحصول الضر، فتفاءل بالخير دائماً، تفاءل بالتوفيق والربح والعافية وصلاح الحال والذريَّة، وأنت أيَّها المكروب تفاءل بالفرج قال الشاعر: كلُّ كربٍ أنت لاقٍ بعد بلواه انفراجاً وقال آخر: إذا تضايق أمرٌ فانتظر فرجاً فأصعب الأمر أدناه من الفرج وأنت أيها المدين تفاءل بقضاء دينك وسداده، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله».
القدر مكلف بالمنطق هل هذه الجمله صحيحه شرعا
فما نراه من جريمة اليوم هنا أو هناك لا تَخرج أبدًا عن قوله - عز وجل - ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، ما نراه اليوم لا يخرج أبدًا عن قوله - سبحانه -: ﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [النور: 11]. وأنتم لا تعلمون. إخوة يوسف - عليه السلام - أرادوا قتله فلم يَمُت، أرادوا محوَ أثره فارتفع شأنه وعلا نجمه، أرادوا بيعَه مملوكًا فأصبح ملكًا، أرادوا أن يُزيلوا محبته من قلب أبيهم فما ازداد أبوهم إلا حبًّا وشغفًا به، وكأن الله - عز وجل - يقول: ﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [النور: 11]. يأتي موسى والخِضر - عليهما السلام - ويخرق الخضر السفينة، فالله يعلم وأنتم لا تعلمون، ويقتل الغلام فالله يعلم وأنتم لا تعلمون، ويمنَع الرزق عن الأيتام ببناء الجدار، والله يعلم وأنتم لا تعلمون؛ لأن ما أخفاه الله من لطفه بعباده أعظم وأعظم. ثمامة بن أثال - رضي الله عنه - يقع أسيرًا بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فيَمكث في أسره ثلاث ليال هي خير ليال كانت سبب إسلامه، فكان أسرُه خيرًا له، والمرأة السوداء التي قصَّ لنا البخاري قصتها يوم اتَّهمها قومها بالسرقة فخرجَت مُهاجِرة لتدخل المدينة فترى النبي - صلى الله عليه وسلم - فتُسلم على يدَيه، فكانت تلك المظلمة لهذه المسكينة السبب في دخولها الإسلام.
وأنتم لا تعلمون
وعندها اندهَش السلطان وقال له: فهِمتُ أن قطْع إصبَعي كان لي خيرًا، ولكن كيف يكون سجنك خيرًا لك؟
قال: يا جلالة السلطان، تعلم أنني مرافِقك الخاص أينما ذهبت، فلو لم تَحبسني لربما كنت أنا الذي أمَسك به القوم وقدَّموني قربانًا، وأنا صالِح لشروطهم، فليس بي عَطَب يَمنعهم من التقرُّب بي. الله يعلم وانتم لا تعلمون. أعود فأقول: هذه قصة تَستأنِس بها النفوس، وتعلَم أنَّ ما قضاه الله للعبد خيرٌ كله، سواء علِم ذلك الخير أو لم يَعلَمه؛ لذا:
تَجري الأمورُ على وَفْقِ القضاءِ وفي
طَيِّ الحوادِثِ مَحبوبٌ ومَكرُوهُ
فربما سرَّني ما كنتُ أَحذرُهُ
وربما ساءَني ما بِتُّ أَرجُوهُ
(في حال النقل من المادة، نأمل الإشارة إلى كتاب " ولكن سعداء.. " للكاتب أ. محمد بن سعد الفصّام، والمتوفّر في مؤسسة الجريسي للتوزيع).
القرطبى: فلا تضربوا لله الأمثال أي لا تشبهوا به هذه الجمادات; لأنه واحد قادر لا مثل له. وقد تقدم الطبرى: وقوله ( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثَالَ) يقول: فلا تمثلوا لِلهِ الأمثال، ولا تشبِّهوا له الأشباه، فإنه لا مِثْل له ولا شِبْه. وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: الأمثال الأشباه. وحدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثَالَ) يعني اتخاذهم الأصنام، يقول: لا تجعلوا معي إلهًا غيري، فإنه لا إله غيري. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ شَيْئًا وَلا يَسْتَطِيعُونَ) قال: هذه الأوثان التي تُعْبد من دون الله لا تملك لمن يعبدها رزقا ولا ضرّا ولا نفعا، ولا حياة ولا نشورا. وقوله ( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثَالَ) فإنه أحَد صَمَد لم يَلِد ولم يُولَد ولم يكن له كُفُوًا أحد ( إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) يقول: والله أيها الناس يعلم خطأ ما تمثلون وتضربون من الأمثال وصوابه، وغير ذلك من سائر الأشياء، وأنتم لا تعلمون صواب ذلك من خطئه.