السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أُحيّيك أخي الكريم، وأسأله -تعالى- أن يجعلَنا من السعداء المُتّعظين، وألّا يجعلَنا من الأشقياء الغافلين، وأن يفتحَ بصيرتنا في تلاوة آياته، وشهود معجزاته. ولا ريبَ أنّ الله -تعالى- قد تحدّى المعاندين أن يأتوا بسورة مُعجزة تشابه ما أتى به القرآن، قال -تعالى-: ( قُل فَأتوا بِسورَةٍ مِثلِهِ). "سورة يونس: 38" ومن هذه المُعجزات ما اشتملت عليه قصّة أصحاب الكهف من الآيات والبيّنات، والتي أكرم الله بها أولئك الفِتية الصالحين، ويبدو ذلك جلياً في جوانب كثيرة أهمها: المدّ في الأعمار والحماية من الأغيار ضرب الله -سبحانه- النّوم على آذان أصحاب الكهف ثلاثمئة مئة وتسع سنين هجرية، فكانوا أحياءً، حَجَبَ خلالها بينهم وبين أن يسمعوا أصواتاً توقِظهم، فتعاقبت على المدينة أجيال كثيرة وهم في رقودهم [١]. وقيل: إنّ شَعرهم وأظفارهم كانت في نموّ مستمر، وكانت عيونهم مفتوحةً شاخصة، حماية لهم من أن يقربهم الناس، فيحسبهم الناظر لهم أيقاظاً، ولا يجرُؤ على الاقتراب منهم، قال -تعالى-: ( وَتَحسَبُهُم أَيقاظًا وَهُم رُقودٌ). "سورة الكهف: 18" حفظ أجسام الفِتية حفظ الله -تعالى- أجسامهم حتى لا تَبلى، وذك بالتّقليب المستمر، قال -تعالى-: (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ) ، "سورة الكهف: 18" و هذه تُشبه العناية السريرية لأصحاب الأمراض المُزمنة؛ وقايةً لهم من قرحة الفراش، كما حَجب عنهم أشعة الشمس، مع أنّهم في فتحة متّسعة من الكهف.
صور عن سورة الكهف بصوت
الأحاديث الصحيحة الواردة في فضل سورة الكهف
حديث: من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورًا يوم القيامة
متن الحديث
عن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ قرأَ سورةَ الكهفِ كما أُنْزِلَتْ كانَتْ لهُ نُورًا يومَ القيامةِ، من مَقَامِهِ إلى مكةَ، و مَنْ قرأَ عشرَ آياتٍ من آخِرِها ثُمَّ خرجَ الدَّجَّالُ لمْ يَضُرَّهُ، و مَنْ تَوَضَّأَ فقال: سبحانَكَ اللهمَّ و بحمدِكَ أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا أنتَ، أستغفرُكَ و أتوبُ إليكَ، كُتِبَ في رَقٍّ، ثُمَّ جُعِلَ في طابعٍ، فلمْ يُكْسَرْ إلى يومِ القيامةِ". [١]
شرح الحديث
يبين الحديث الشريف فضائل قراءة سورة الكهف، فمن أراد أن يكتسب نورًا من الله تبارك وتعالى فعليه بقراءتها، كما أن قراءة الآيات العشر الأخيرة من هذه السورة تحمي المسلم من فتنة المسيح الدجال التي كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يستعيذ منها، وقد حثّ أمته على الاستعاذة من هذه الفتنة، وعليه فإنه يجب على المسلم الحفاظ على قراءة سورة الكهف لفضلها العظيم. [٢]
حديث: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له النور
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قرأ سورةَ الكهفِ يومَ الجمعةِ أضاء له النُّورُ ما بينَه و بين البيتِ العتيقِ".
صور عن سوره الكهف مكتوبه
وفيها العبرة أيضاً لكلّ من يغترُّ بالترتيبات العقليّة، ويُعلّق الأحداث عليها، قال -تعالى-: ( ذلِكَ مِن آياتِ اللَّـهِ مَن يَهدِ اللَّـهُ فَهُوَ المُهتَدِ وَمَن يُضلِل فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرشِدًا). "سورة الكهف: 17"
صور عن سورة الكهف مكتوبه
وقد وَرَدَ عن العلماء السابقين أقوال عن وقت استحباب قراءة سورة الكهف، منها ما ورد في كتاب الترغيب والترهيب: "وتُقرَأ السورة في ليلة الجمعة أو في يومها، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس"؛ وممّا وَرَدَ أيضًا قول المناوي: "فيندُب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نصَّ عليه الشافعي -رضي اللّه عنه-"، وقد استحبَّ بعض أهل العلم قراءة الكهف قبل صلاة الجمعة، كما أنَّ من قرأها في الصلاة يحظى بالأجر الموعود به إلى جانب ثواب التلاوة في الصلاة بإذن الله تعالى [٣] [٤].
تشغيل
35- باب حق الزوج عَلَى المرأة
قَالَ الله تَعَالَى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء:34]. وأما الأحاديث: فمنها حديث عمرو بن الأحوص السابق في الباب قبله. هل المعاشرة حقٌّ للزوج مطلقًا | مركز الهدى للدراسات الإسلامية. 1/281- وعن أبي هريرةَ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: إِذَا دعَا الرَّجُلُ امْرأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَات غَضْبانَ عَلَيْهَا؛ لَعَنتهَا الملائكَةُ حَتَّى تُصْبحَ متفقٌ عَلَيهِ. وفي روايةٍ لهما: إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجهَا لَعنتْهَا المَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ. وفي روايةٍ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِن رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذي في السَّماءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْها. 2/282- وعن أَبي هريرة أَيضًا: أَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: لا يَحلُّ لامْرَأَةٍ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ، وَلا تَأْذَنْ في بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذنِهِ متفقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ البخاري.
هل المعاشرة حقٌّ للزوج مطلقًا | مركز الهدى للدراسات الإسلامية
يحمل الأزواج أحاديث كالسياط يجلدون بها ضعف الزوجة، ويستدرجونها إلى ما يريدون لتكون طيعة، هينة لينة بين أيدهم. كلما تململت ذكَّروها بحديثٍ يُحَمِّلُها مسؤولية هذا التململ، ويخوفونها عذاب الله ـ عزَّ وَجَلَّ ـ وسخطه ، ولعنة الملائكة، وعدم قبول الصلاة، ومن ذلك: حديث أبي هريرة ، عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله سلّم ـ أنه قال: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت ، فبات غضبانَ عليها ، لعنتها الملائكةُ حتى تُصبِحَ)). وفي رواية: ((إذا باتت المرأةُ مهاجرةً فراشَ زوجِها لعنتْها الملائكةُ حتى تَرجِعَ))، متفق عليه. وقريب من هذا قوله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ: ((ثلاثةٌ لا تُرفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرًا:... وامرأةٌ باتت وزوجها عليها ساخط)). الحديث رُوِيَ عن أكثر من صحابي ، وكلُّ الأسانيد فيها مقال ، لكن يبدو أن للحديث أصلاً. ومثلهما حديث طَلْق بن عليٍّ ، أن الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ قال: ((إذا الرجل دعا زوجته لحاجته فلتأته ، وإن كانت على التنور)). الحديث في سنده مقال ، لكن حسنَّه بعض المحدثين. والحديث الأول يشهد له. وقوله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ: ((ما ينبغي لأحدٍ أن يسجد لأحد ، ولو كان أحد ينبغي له أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، لما عظّم الله عليها من حقِّه)).
وقال العلامة ابن القيم رحمة الله عليه: أقسم سبحانه بنفسه المقدسة قسما مؤكداً بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول والفروع، وأحكام الشرع المعاد، ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج، وهو ضيق الصدر، وتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح، وتقبله كل القبول، ولم يثبت لهم الإيمان بذلك حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضى والتسليم وعدم المنازعة، وانتفاء المعارضة والاعتراض.