فلما اصطف الناس, أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضةً من التراب فرمى بها في وجوه المشركين, فولَّوا مدبرين. وأقبل جبريل إلى إبليس, فلما رآه, وكانت يده في يد رجل من المشركين, انتزع. إبليس يده فولَّى مدبرًا هو وشيعته, فقال الرجل: يا سراقة، تزعم أنك لنا جار؟ قال: ( إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب) ، وذلك حين رأى الملائكة. 16184- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا، أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي قال: أتى المشركين إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكنانيّ الشاعر، ثم المدلجي, فجاء على فرس، فقال للمشركين: (لا غالب لكم اليوم من الناس)! فقالوا: ومن أنت؟ قال: أنا جاركم سراقة, وهؤلاء كنانة قد أتوكم! 16185- حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة قال، قال ابن إسحاق, حدثني يزيد بن رومان, عن عروة بن الزبير قال: لما أجمعت قريش المسير، ذكرت الذي بينها وبين بني بكر =يعني من الحرب= فكاد ذلك أن يثنيهم, (23) فتبدّى لهم إبليس في صورة سراقة [بن مالك] بن جعشم المدلجيّ, وكان من أشراف بني كنانة, فقال: " أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة [من خلفكم بشيء] تكرهونه "! فخرجوا سراعا. ص177 - كتاب النهاية في اتصال الرواية - اتصال روايتنا بأبي غالب الماوردي - المكتبة الشاملة. (24) 16186- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة قال، قال ابن إسحاق في قوله: (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم) ، فذكر استدراج إبليس إياهم، وتشبهه بسراقة بن مالك بن جعشم لهم، (25) حين ذكروا ما بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة في الحرب التي كانت بينهم، (26) يقول الله: (فلما تراءت الفئتان) ، ونظر عدوّ الله إلى جنود الله من الملائكة قد أيَّد الله بهم رسوله والمؤمنين على عدوهم = (نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون) ، وصدق عدوّ الله، إنه رأى ما لا يرون= وقال: (إني أخاف الله والله شديد العقاب), فأوردهم ثم أسلمهم.
- ص177 - كتاب النهاية في اتصال الرواية - اتصال روايتنا بأبي غالب الماوردي - المكتبة الشاملة
- يحتج بالقدر عند المعصية ويقول : " الله غالب " - الإسلام سؤال وجواب
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الأنفال - الآية 48
- أبو تمام وعروبة اليوم بث مباشر
- أبو تمام وعروبة اليوم … إليكم كم
- أبو تمام وعروبة اليوم المملكة ضمن المراكز
ص177 - كتاب النهاية في اتصال الرواية - اتصال روايتنا بأبي غالب الماوردي - المكتبة الشاملة
آية عظيمة ينبغي على المؤمن أن يستحضرها في أوقاته كلها، وشؤونه كافة، وخاصة إبان نزول الشدائد العظام، ووقوع المصائب الكبار، وهي قوله تعالى: { والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (يوسف:21)، إنها آية مفتاحية تفيد أن مرجع الأمور إلى الله تعالى، ومبدأها من الله سبحانه. جاءت هذه الآية في سياق الحديث عن كيد إخوة يوسف عليه السلام له، فأبطل سبحانه كيدهم، وأرادوا شيئاً، وأراد الله شيئاً آخر، { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} (الأنفال:30). القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الأنفال - الآية 48. والذي ينبغي تقريره بداية، أن الضمير (الهاء) في قوله سبحانه: { أمره} يحتمل أن يعود إلى الله -وهو الأرجح- ويحتمل أن يعود إلى يوسف عليه السلام-والسياق يؤيده-، والمراد على كلا الاحتمالين تقريرُ حقيقة كونية، مفادها: أن الأمر كله لله، كما قال سبحانه: { بل لله الأمر جميعا} (الرعد:31)، وقال سبحانه: { إن الأمر كله لله} (آل عمران:154)، فهو سبحانه صاحب الأمر والنهي، { وإليه يرجع الأمر كله} (هود:123)، لا رادَّ لمراده في أرضه وسمائه، ولا دافع لقضائه في ليله ونهاره. ثم نقول: إن يوسف عليه السلام أراد له إخوته أمراً، وأراد الله له أمراً، ولما كان الله غالباً على أمره، فقد نفذ أمره سبحانه، أما إخوة يوسف فلا يملكون من الأمر شيئاً، فأفلت من أيديهم، وخرج على ما أرادوا؛ إذ إن { أمر الله} (النحل:1) هو ما قدره سبحانه وأراده، فمن سعى إلى عمل يخالف ما أراده الله، فحاله كحال المنازِع شخصاً في حق يملكه، فيغالبه ذلك الشخص، ويمنعه من تحقيق مراده، وكذلك حال من يريد أن يمنع حصول مراد الله تعالى، فهو مغلوب لا محالة، ولا يكون إلا ما أراده الله تعالى.
يحتج بالقدر عند المعصية ويقول : &Quot; الله غالب &Quot; - الإسلام سؤال وجواب
آراء العلماء [ عدل]
يقول الشيخ الطوسي: «هو شخصية بارزة وجليلة وله روايات عديده وهو من مشايخ الشيعة في حياته كما كان ثقة لفقهاء الشيعة. »
وللعلامة المجلسي والسيد بحر العلوم أقوال مماثلة للطوسي بشأنه. الأساتذة [ عدل]
لقد أفاد من جلسات درس العديد من الشخصيات الشيعية كجده محمد بن سليمان، على بن حسين السعد آبادي، عبد الله بن جعفر الحميرى، محمد بن حسن بن علي بن مهزيار الأهوازي، محمد بن همام الإسكافي، ومحمد بن يعقوب الكليني. يحتج بالقدر عند المعصية ويقول : " الله غالب " - الإسلام سؤال وجواب. تلامذته:
وقد تلمذ له العديد من وجوه الشيعة ومنهم الشيخ المفيد ، هارون بن موسى، التلعكبرى، حسين بن عبد الله الغضائري، احمد بن عبد الواحد المشهور بابن عبدون وأبو العباس احمد بن علي بن عباس السيرافي. المؤلفات:
وله مؤلفات قيمة في مختلف المواضيع مثل:
رسالة ابي غالب الزراري
كتاب الادعية
الإفضال
التاريخ
دعاء السفر
دعاء السر
مناسك الحج
جزء في خطبة الغدير
أخبار تهامة
أخبار مجموعة
الوفاة [ عدل]
توفي أبو غالب الزراري في عام 368 ه في الثالثة والثمانين من العمر في مدينة بغداد ودفن في جوار مرقد الكاظمين. المصادر [ عدل]
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الأنفال - الآية 48
محمدُ بن زكريا القلابي: ثنا إبراهيمُ بن عمرَ، قال: خرج أبو نُوَاس في أيّام العشر يريدُ شراءَ أضحية، فلمّا صار في المِرْبَد، إذا هو بأعرابي قد أخذَ شاةً له يقدُمُها كبشٌ فارِهٌ. قال: لأُجَرِّبَنَّ هذا الأعرابي، فأنظر ما عندَه؛ فإني أظنُّه عاقلًا، فقال أبو نواسٍ: أَيَا صَاحِبَ الشَّاةِ الَّتي قَدْ يَسُوقُهَا... بِكَمْ ذَاكُمُ الكَبْشُ الَّذِي قَدْ تَقَدَّمَا فقالَ الأعرابي، ونظرَ إليه وضحكَ: أبيعُكَهُ إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ يُرِيدُهُ... لا غالب الا الله بالكوفي. وَلَمْ تَكُ مَزَّاحًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمَا فقال أبو نواسٍ: أَجَدْتَ هَدَاكَ الله رَدَّ جَوَابِنَا... فَأَحْسِنْ إِلَيْنَا إِنْ أَرَدْتَ التَّكرُّمَا فقال الأعرابي: أَحُطُّ مِنَ العِشْرِينَ خَمْسًا فَإِنَّنِي... أَرَاكَ ظَرِيفًا فَاقْبِضَنْهُ مُسَلِّمَا قال: فدفعَ إليه خمسةَ عشرَ درهمًا، وأخذَ كبشًا يساوي ثلاثين درهما.
16189- حدثنا أحمد بن الفرج قال، حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون قال، حدثنا مالك, عن إبراهيم بن أبي عبلة, عن طلحة بن عبيد الله بن كريز: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما رؤي إبليس يومًا هو فيه أصغرُ، ولا أحقرُ، ولا أدحرُ، ولا أغيظُ من يوم عرفة, وذلك مما يرى من تنـزيل الرحمة والعفو عن الذنوب, إلا ما رأى يوم بدر! قالوا: يا رسول الله، وما رأى يوم بدر؟ قال: " أما إنه رأى جبريل يَزَعُ الملائكة ". (31) 16190- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سليمان بن المغيرة, عن حميد بن هلال, عن الحسن في قوله: (إني أرى ما لا ترون) قال: رأى جبريل معتجرًا ببُرْدٍ، (32) يمشي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم, وفي يده اللجام, ما رَكبَ. 16191- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا هاشم بن القاسم قال، حدثنا سليمان بن المغيرة, عن حميد بن هلال قال: قال الحسن، وتلا هذه الآية: (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم) الآية, قال: سار إبليس مع المشركين ببدر برايته وجنوده, وألقى في قلوب المشركين أن أحدًا لن يغلبكم وأنتم تقاتلون على دين آبائكم, (33) ولن تغلبوا كثرةً! فلما التقوا نكص على عقبيه =يقول: رجع مدبرًا= وقال: (إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون) ، يعني الملائكة.
و " استقاد له " ، انقاد له وأطاعه. (30) " مسلم " ( بضم فسكون ففتح) مصدر ميمي ، بمعنى " الإسلام ". (31) الأثر: 16189 - رواه مالك في الموطأ: 422 ، بنحو هذا اللفظ ، وانظر التقصي لابن عبد البر: 12 ، 13. " أحمد بن الفرج بن سليمان الحمصي " ، شيخ الطبري ، مضى برقم: 6899 ، 15377. و " عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون التيمي " ، فقيه المدينة ومفتيها في زمانه ، وهو فقيه ابن فقيه ، وهو ضعيف الحديث. مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 2 358. و " إبراهيم بن أبي عبلة الرملي " ، مضى برقم: 11014. و " طلحة بن عبيد الله بن كريز بن جابر الكعبي " ، كان قليل الحديث ، مضى برقم: 15585. هذا خبر مرسل. وقوله: " يزع الملائكة " ، أي: يرتبهم ويسويهم ، ويصفهم للحرب ، فكأنه يكفهم عن التفرق والانتشار ، و " الوازع " ، هو المقدم على الجيش ، الموكل بالصفوف وتدبير أمرهم ، وترتيبهم في قتال العدو. من قولهم: " وزعه " ، أي: كفه وحبسه عن فعل أو غيره. (32) " الاعتجار " ، هو لف العمامة على استدارة الرأس ، من غير إدارة تحت الحنك. وإدارتها تحت الحنك هو " التلحي " ( بتشديد الحاء). (33) في المطبوعة: " لن يغلبكم " ، وأثبت ما في المخطوطة.
أضافها في 19-03-2011 عند 07:22 PM (25318 المشاهدات)
بين البردوني وأبي تمام
حين يجد المتلقي نفسه أمام لغة احتمالية ، قادرة على عكس معان شتى بتقليبها ، عندما يجد نفسه أمام توظيف بارع للمعطيات التراثية والأسطورية والأسماء التاريخية ،عندما يجد نفسه أمام لغة رصينة تؤدي غرضه وتتكئ قليلا على مفردات عصرية، حين يجد المتلقي قصيدة تتوافر فيها كل هذه المعطيات يحس انه أمام شاعر فحل خبر اللغة وغاص في دروبها، وهضم في داخله التراث والتاريخ. نحن أمام قصيدة عظيمة لشاعر عظيم، أما القصيدة فهي (أبو تمام وعروبة اليوم) التي كتبت في ديسمبر1971 ،أما الشاعر فهو عبد الله البردوني. تبدأ القصيدة بامتياح لقصيدة حبيب بن أوس (أبو تمام) في وقعة عمورية والتي مطلعها:
الـســيـف أصـدق أنـبـاء مـن الكـتــب فـي حـده الحــد بـيــن الجـد واللــعب
بيض الصفائح لاســود الصحــائـــف في متــونهــن جـلاء الشـك والريــب
ويقول البردوني:
ما أصدق السيف إن لم ينضه الكذب وأكذب السيف إن لم يصدق الغضب
بيض الصـفائـح أهدى حـيـن تحملهـا أيـد إذا غـلبـت يـعـلـــو بـهـا الـغـلـب
لا نستطيع القول إن هذه من المعارضات الشعرية التي زخر بها الشعر العربي على يد أحمد شوقي وغيره، ولكن هذا فتح شعري جديد.
أبو تمام وعروبة اليوم بث مباشر
أعتقد أنهم الآن تخلو عن شموخ " المُثني " و أصبح ظاهرهم كباطنهُم في الهوي إلي " بابك الخزمي ". :56:
#4
السلام عليكم في البدء مشكور أخي الحبيب جلال علي تفضلك بإضافة رابط الموضوع الجميل الذي يستحق المشاهدة و التعليق عليه معاً.
تأثر كثيرٌ من شعراء الحداثة ببائية أبو تمام في وصف ملحمة عمورية. و بألنظر للفترة التي إلقي فيها الشاعر عبد الله البردوني قصيدتهُ عقب نكسة 1967 يُمكن القول أن القصيدة تُمثل أشواق الشاعر لأيام العز التي خلدها أبو تمام برائعته.
و يظهر تأثُر الشاعر السوداني محمدعمر البناء بأسلوب أبي تمام في قصيدته " الحربُ صبرٌ " التي ألقاها بعد إنتصارات " محمد أحمد المهدي " في كردفان و يحث الخليفة فيها علي غزو الخرطوم و إستردادها من المُستعمر. أبو تمام وعروبة اليوم بث مباشر. و يقولُ مُبتدئاً:
و الإقتحامُ إلي العدو مزيةٌ... لا يُستطاع لنيها غاياتُ
و يقولُ في وصفِ الجيش المُنتصر:
و الأرضُ سالت بألدماء و ما بها... غير الجماجم و الشُعورِ نباتُ
هَـوَىً إِلَـى «بَابَـك الخَرْمِـيّ» يُنْتَسَـبُ " هو وصف لحال حكوماتنا مع " واشنطن "... :56:
وعليكم السلام ورحمة الله
حياك الله أخي الحبيب سمندل. بارك الله بك وحفظك بخير وعافية على مشاركتك الطيبة بالموضوع وإثراءه بجميل التدخل المفيد من شرح ومقاربة فنية بين شاعرين تأثرا بحدثين متناقضين في تاريخ امتنا الحديث (عصر المتناقضات).
أبو تمام وعروبة اليوم … إليكم كم
نلمح في القصيدة بعدا دراميا حواريا جميلاً يقلب شاعرنا أبياته بين قائل ومستمع ، وبين سائل ومجيب ، مما يطرد الملل الذي لا يجد سبيلا للتسرب إلى القارئ من هذه القصيدة. في القصيدة بُعدان: بُعد سطحي يفهمه القارئ من القراءة الأولى. وبُعد عميق آخر يفهمه القارئ بعد القراءة المتأنية.. فكما ذكرت في مطلع حديثي إن اللغة عند عبد الله البردوني احتمالية ، فكل كلمة تحمل أكثر من معنى ، يمكن حملها على المعنى البسيط ويمكن حملها على المعنى الداخلي ، وهذا ما قصده شاعرنا. في القصيدة توظيف جيد للتراث والتاريخ والأساطير ؛ مما منح القصيدة القوة والتنويع والجودة ،فقد عاد شاعرنا إلى (المعتصم) كمثال للقائد الشجاع الذي لبى نداء امرأة انتهكت كرامتها ، وكمثال للإقدام وعدم التراجع ،حينما لم يحفل بتحذير المنجمين ، ثم يذكر (حيدر الأفشين) ذلك الخائن الذي أسلمه المعتصم قيادة الجيش فخان خليفته ،ثم يذكر (المثنى) و (بابك الخرمي).. أبو تمام وعروبة اليوم … إليكم كم. ثم توظيف الأسطورة في قصة (وضاح) اليمن وهي حقيقة بها جزء من الأسطورة.. ثم قحطان وكرب تمثيلا للشعر يذكر ديوان الحماسة لأبي تمام. السمة الغالية في هذه القصيدة هي الرفض والتمرد - كما أسلفنا- على الأوضاع المتردية والهوة السحيقة التي زلت فيها همم العرب.
أبو تمام وعروبة اليوم المملكة ضمن المراكز
وماذا فعل الرجال ؟ لاشيء ، سوى الغضب المفتعل ، والخطب الجوفاء المضللة ، وإنابة الأبواق لتقاتل عنهم ، ومنهم من ماتوا كالبعير ومنهم من هربوا: اليومَ عادتْ عُلُوجُ (الرومِ) فاتحةً وموطنُ العربِ المسلوبِ والسلبُ ماذا فعلنا؟ غضبنا كالرجالِ ولمْ نَصْدُقْ…وقدْ صدقَ التنجيمُ والكتبُ فأطفأتْ شُهُبُ (الميراج)أنجمَنَا وشمْسَنَا… وَتَحَّدتْ نارَها الخطبُ وقاتلتْ دوننا الأَبواقُ صامدةً أما الرجالُ فماتوا…ثمّ أو هربُوا والحكام ماذا فعلوا ؟ يفرشون لجيش الغزو أعينهم ، ويخدعون شعوبهم بالكلام الكاذب وبالشعارات الزائفة وبالبيانات المخدرة ، ويدّعون البطولة وهم قعودٌ يرفلون في عجزهم. هم حكام ولكن مرجعية حكمهم هناك في " واشنطن" ، أليس هم الذين أتوا بالأجنبي ، بل توسلوا إليه أن يأتي ، واقتطعوا له أجزاءًا من الأرض والبحر والسماء ، ليقيم قواعده العسكرية ، والثمن هو: حمايتهم من شعوبهم ، والحفاظ على عروشهم وكراسيهم: همْ يَفْرشُونَ لجيشِ الغزوِ أعينَهم ويدّ عون وثوباً قبل أن يَثِبُوا الحاكمونَ و " واشنطن " حكومتُهمْ واللّامعونَ …وما شعّوا و ما غربُوا القاتلونَ نبوغَ الشعبِ ترضيةً للمعتدين وما أجْدَتهم القربُ لهم شموخُ (المثنى) ظاهراً ولهمْ هوىً إلى (بابك الخرمي) ينتسبُ ويسأل البردوني أبا تمام عن أنساب وأحساب العرب ، هل هي كاذبة ؟ أم أن العرب نسوا أو تناسوا عرقهم الأصيل …….
السمة الغالية في هذه القصيدة التي تمتد إلى خمسين بيتا هي سمة الرفض ، فتجد الرفض غالبا على كل المعطيات في القصيدة من رفض للنصر الخالي من الفهم الصحيح الممتلئ بالفهم التجاري بالبيع والمكسب (كم باعوا وكم كسبوا) من الرفض التام للعلم الذي استغله أهله في الطغيان والاغتصاب للحقوق.
كان البردوني الضرير الأعمى الذي أصيب في طفولته بالجدري قد اعترف مرة وقال إن ذاكرة عينيه لا تحتفظ بأي صور رآها في طفولته قبل أن يصاب بالعمى باستثناء صورة واحدة هي صورة خروف العيد الذي رآه يذبح ويعلَّق.. وكان هذا الخروف المعلق - على حد تعبيره - أول معلقة يحفظها قبل أن يلتحق بالكتّاب ويحفظ المعلقات. بل إن صورة هذا الخروف المذبوح والمعلق بقيت مرسومة في عينيه. عالقة بذاكرته، يراها دائماً بوضوح إلى درجة أنه كلما استعاد هذه الصورة سال لعابه. غير أن البردوني عندما أصبح شاعراً مشهوراً يشار إليه بالخرفان. وعندما بدأ يشوف اللحمة بأصابعه، ويعرفها بأسنانه ويدركها ببطنه وبدأ يبصر العالم من خلالها. إذ بالأطباء يحدثون الشاعر الضرير عن أضرار اللحمة ومخاطرها على شخص في سنه. ولقد فُجِعَ البردوني وكاد يجهش في البكاء عندما طلبوا منه الإقلاع عن تناول اللحوم. ويحكى أنه رفض نصيحة الأطباء وقال ساخراً: (هؤلاء الأطباء مجانين. نتيجة مباراة الفيصلي والوحدات الأردني اليوم 23-4-2022 في دوري أبطال آسيا كورة اون لاين. يطلبون مني المستحيل وكيف أقلع عن تناول اللحوم وأنا بالكاد بدأت أكتشف اللحمة وأتعرف على أسرارها)، لكن الأطباء كانوا على حق: ذلك لأن البردوني الذي عاش طفولته وصباه وشبابه محروماً من اللحمة لم يرحم نفسه.