فقد فهم مما حدث –كما أخرج البخاري– أن الآية رخصة في إتيان النساء في أدبارهن. ولكن لو تأملنا القصة كما أخرجها الدارقطني، وكما أخرجها النسائي وابن جرير، لوجدنا أن الآية نزلت بعدما أتى الأنصاري امرأته في دبرها، فتأسف، فسأل رسول الله r عن ذلك فنزلت الآية. ففهم ابن عمر t أن معنى الآية الجواز لقوله تعالى]أنى شئتم[. والذي يبدو لي أنه ليس فيها جواز، بل لعله إرشاد للرجل أن يؤتي امرأته من موضع الحرث (وهو الفرج) من أي جهة كانت، ولم تتكلم عن الدبر. فدل ذلك على تحريمه، أو كراهته في أقل تقدير. إتيان المرأة من الدبر بين التحريم والإباحة ..مجمع البحوث يحسم الجدل. ويستدل البعض لهذا بما أخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار: حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريج أن محمد بن المنكدر حدثه، عن جابر بن عبد الله t: أن اليهود قالوا للمسلمين: «من أتى امرأته وهي مدبرة، جاء ولدها أحول». فأنزل الله عز وجل {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} فقال رسول الله r: «مقبلة ومدبرة، ما كان في الفرج». قال الطحاوي: «ففي توقيف النبي r إياهم في ذلك على الفرج، إعلامٌ منه إياهم أن الدبر بخلاف ذلك». أقول: «ولو صحت هذه الزيادة لأخرجها البخاري ومسلم وأصحاب السنن، إذ أن الإسناد صحيح على شرط الشيخين.
- آراء أهل السنه في نكاح الدبر - شبكة الدفاع عن السنة
- إتيان المرأة من الدبر بين التحريم والإباحة ..مجمع البحوث يحسم الجدل
- هل أحاديث ( إتيان الدبر ) جميعها معلولة ؟!
آراء أهل السنه في نكاح الدبر - شبكة الدفاع عن السنة
وكذا قال الآجري عن أبى داود. وقال النسائي: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في ( الثقات) ( 2 / 61) وسماه حكيم بن حكيم. ونقل المناوي عن الحافظ العراقي أنه قال في ( أماليه): ( حديث صحيح لما وعن الذهبي أنه قال: ( إسناده قوي). وله طريق ثان: يرويه إسماعيل بن عياش عن سهيل عن الحارث بن مخلد عن أبى هريرة به. أخرجه الطحاوي ( 2 / 25 - 26). قلت: وهذا إسناد ضعيف الحارث هذا مجهول الحال وابن عياش ضعيف في الحجازين وهذا منه فإن سهيلا هو ابن أبى صالح المدنى. طريق ثالث: قال الأمام أحمد ( 2 / 429): ثنا يحيى بن سعيد عن عوف قال: ثنا خلاس عن أبى هريرة والحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره دون قوله ( حائضا). ورواه الحارث بن أبى أسامة في ( مسنده) ( 2 / 187 / 2): حدثنا روح قال: حدثنا عوف به. دون ذكر الحسن. ومن طريق الحارث رواه أبو بكر بن خلاد في ( الفوائد) ( 1 / 221 / 1) وكذا الحاكم ( 1 / 8) وقال: عن ( خلاس ومحمد). ثم قال: ( صحيح على شرط الشيخين). ووافقه الذهبي. وهو كما قالا وأخرجه الحافظ عبدالغنى المقدسي في ( العلم) ( ق 55 / 1) عن أحمد منيع ثنا روح به. مثل رواية الحارث ثم قال: ( وهو إسناد صحيح). هل أحاديث ( إتيان الدبر ) جميعها معلولة ؟!. وفيما قاله نظر فإن خلاسا لم يسمع من أبي هريرة كما قال أحمد لكن بعة: متابعة محمد له عند الحاكم وهو محمد بن سيرين تجعل حديثه صحيحا زد على ذلك متابعة أبى تميمة الهجيمى من الوجه الاول.
إتيان المرأة من الدبر بين التحريم والإباحة ..مجمع البحوث يحسم الجدل
أما إتيان النساء في الدبر فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية، كما في الفتاوى المجلد الثاني والثلاثين، عن رجل ينكح زوجته في دبرها أحلال هو أم حرام؟ فأجاب: وطء المرأة في دبرها حرام بالكتاب والسنة وهو قول جماهير السلف والخلف، بل هو اللوطية الصغرى وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن..... " وقد قال تعالى: "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" والحرث هو موضع الولد فإن الحرث هو محل الغرس والزرع ومتى وطئها في الدبر وطاوعته عزرا جميعا فإن لم ينتهيا فرق بينهما كما يفرق بين الرجل الفاجر ومن يفجر به" أ. هـ. آراء أهل السنه في نكاح الدبر - شبكة الدفاع عن السنة. وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال، قال رسول الله: "ملعون من أتى امرأة في دبرها" ـ رواه أحمد وأبو داود، وفي لفظ لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها ـ رواه أحمد وابن ماجة، قال الشوكاني، رحمه الله، في النيل: وقد حرم الله الوطء في الفرج لأجل الأذى فما الظن بالحش الذي هو موضع الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل وقد ذكر ابن القيم لذلك مفاسد دينية ودنيوية.
هل أحاديث ( إتيان الدبر ) جميعها معلولة ؟!
وهذا فهم خاطئ للآية ، فإن قوله تعالى: ( فأتوا حرثكم أنى شئتم) يعني إباحة أحوال وأوضاع الجماع المختلفة ، إذا كانت في موضع الحرث: وهو الفرج ، وليس الدبر ، فيجوز أن يأتي الرجل زوجته من الخلف أو الأمام أو على جنب إذا كان ذلك في موضع الحرث ، وليس الدبر. ودليل ذلك أن رواية مسلم برقم (1435) لحديث جابر السابق في سبب نزول الآية فيها: (إِنْ شَاءَ مُجَبِّيَةً ، وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مُجَبِّيَةٍ ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ). (مُجَبِّيَةً): أي: منكبة على وجهها ، كهيئة السجود. (في صمام واحد): هو القبل. وفي رواية أبي داود للحديث نفسه برقم (2163): عن محمد بن المنكدر قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: إِنَّ الْيَهُودَ يَقُولُونَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ فِي فَرْجِهَا مِنْ وَرَائِهَا كَانَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ). وفي سنن الترمذي (2980) وحسنه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلَكْتُ.
هذا وبالله التوفيق.