تفسير السعدي تفسير الصفحة 282 من المصحف
تفسير سورة بني إسرائيل وهي مكية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ( 1). ينزه تعالى نفسه المقدسة ويعظمها لأن له الأفعال العظيمة والمنن الجسيمة التي من جملتها أن ( أَسْرَى بِعَبْدِهِ) ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ( مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) الذي هو أجل المساجد على الإطلاق ( إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى) الذي هو من المساجد الفاضلة وهو محل الأنبياء. فأسري به في ليلة واحدة إلى مسافة بعيدة جدا ورجع في ليلته، وأراه الله من آياته ما ازداد به هدى وبصيرة وثباتا وفرقانا، وهذا من اعتنائه تعالى به ولطفه حيث يسره لليسرى في جميع أموره وخوله نعما فاق بها الأولين والآخرين، وظاهر الآية أن الإسراء كان في أول الليل وأنه من نفس المسجد الحرام، لكن ثبت في الصحيح أنه أسري به من بيت أم هانئ، فعلى هذا تكون الفضيلة في المسجد الحرام لسائر الحرم، فكله تضاعف فيه العبادة كتضاعفها في نفس المسجد، وأن الإسراء بروحه وجسده معا وإلا لم يكن في ذلك آية كبرى ومنقبة عظيمة.
- سورة الإسراء تفسير السعدي الآية 111
- تفسير سورة الإسراء تفسير السعدي
- تفسير سورة الإسراء الآية 3 تفسير السعدي - القران للجميع
- زكاة الذهب والفضة
سورة الإسراء تفسير السعدي الآية 111
والمقسم عليه، قوله: ( إِنَّ
الإنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) أي: لمنوع للخير الذي عليه
لربه. فطبيعة [ الإنسان] وجبلته، أن نفسه لا تسمح بما عليه من
الحقوق، فتؤديها كاملة موفرة، بل طبيعتها الكسل والمنع لما عليه من الحقوق المالية
والبدنية، إلا من هداه الله وخرج عن هذا الوصف إلى وصف السماح بأداء الحقوق، (
وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ) أي: إن
الإنسان على ما يعرف من نفسه من المنع والكند لشاهد بذلك، لا يجحده ولا ينكره، لأن
ذلك أمر بين واضح. ويحتمل أن الضمير عائد إلى الله تعالى أي: إن العبد لربه لكنود،
والله شهيد على ذلك، ففيه الوعيد، والتهديد الشديد، لمن هو لربه كنود، بأن الله
عليه شهيد. ( وَإِنَّهُ) أي:
الإنسان ( لِحُبِّ الْخَيْرِ) أي:
المال ( لَشَدِيدٌ) أي:
كثير الحب للمال. تفسير سورة الإسراء تفسير السعدي. وحبه لذلك، هو الذي أوجب له ترك الحقوق الواجبة عليه، قدم
شهوة نفسه على حق ربه، وكل هذا لأنه قصر نظره على هذه الدار، وغفل عن الآخرة،
ولهذا قال حاثًا له على خوف يوم الوعيد:
( أَفَلا يَعْلَمُ) أي:
هلا يعلم هذا المغتر ( إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي
الْقُبُورِ) أي: أخرج الله الأموات من قبورهم، لحشرهم ونشورهم. وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ
( 10)
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ( 11).
يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/179). ، وهُنَّ مِن تِلادي [4] تِلادي: أي: مِن أوَّلِ ما أخَذْتُه وتعلَّمْتُه بمكَّةَ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (1/194). [5] رواه البخاري (4739).. وتُسَمَّى أيضًا سورةَ (الإسراء) كما في كثيرٍ مِن المصاحِفِ [6] سُمِّيَت بذلك؛ لذِكْرِها الإسراءَ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أوَّلِها، واختُصَّت بذِكرِه. يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (15/5). وتُسمَّى أيضًا سورةَ (سبحان)؛ لافتتاحِها به. يُنظر: ((تفسير ابن أبي زمنين)) (3/5)، ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/288)..
فضائل السورة وخصائصها:
1- كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرؤُها كُلَّ لَيلةٍ: فقد كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَنامُ على فِراشِه، حتى يقرأَها كُلَّ لَيلةٍ، كما في حديثِ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها المتقدِّمِ قريبًا. تفسير سورة الإسراء الآية 3 تفسير السعدي - القران للجميع. 2- أنَّها مِن السُّوَرِ العَتيقةِ، ومِن قَديمِ ما حُفِظَ عند الصَّحابةِ: كما في أثر عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه المتقدم قريبًا. بيان المكي والمدني:
سورةُ الإسراءِ مَكِّيَّةٌ [7] وقيل: مَكِّيَّةٌ إلَّا الآياتِ (26، 32، 33، 57)، ومِن آية (73) إلى آية (80) فمَدنيَّةٌ.
تفسير سورة الإسراء تفسير السعدي
كثيرا ما يقرن الباري بين نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوة موسى صلى الله عليه وسلم وبين كتابيهما وشريعتيهما لأن كتابيهما أفضل الكتب وشريعتيهما أكمل الشرائع ونبوتيهما أعلى النبوات وأتباعهما أكثر المؤمنين، ولهذا قال هنا: ( وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ) الذي هو التوراة ( وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ) يهتدون به في ظلمات الجهل إلى العلم بالحق. ( أَلا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا) أي: وقلنا لهم ذلك وأنزلنا إليهم الكتاب لذلك ليعبدوا الله وحده وينيبوا إليه ويتخذوه وحده وكيلا ومدبرا لهم في أمر دينهم ودنياهم ولا يتعلقوا بغيره من المخلوقين الذين لا يملكون شيئا ولا ينفعونهم بشيء. ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ) أي: يا ذرية من مننا عليهم وحملناهم مع نوح، ( إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) ففيه التنويه بالثناء على نوح عليه السلام بقيامه بشكر الله واتصافه بذلك والحث لذريته أن يقتدوا به في شكره ويتابعوه عليه، وأن يتذكروا نعمة الله عليهم إذ أبقاهم واستخلفهم في الأرض وأغرق غيرهم. ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ) أي: تقدمنا وعهدنا إليهم وأخبرناهم في كتابهم أنهم لا بد أن يقع منهم إفساد في الأرض مرتين بعمل المعاصي والبطر لنعم الله والعلو في الأرض والتكبر فيها وأنه إذا وقع واحدة منهما سلط الله عليهم الأعداء وانتقم منهم وهذا تحذير لهم وإنذار لعلهم يرجعون فيتذكرون.
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ) أي: ظهر وبان [ ما فيها و]
ما استتر في الصدور من كمائن الخير والشر، فصار السر علانية، والباطن ظاهرًا، وبان
على وجوه الخلق نتيجة أعمالهم. ( إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ
يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) أي مطلع على أعمالهم الظاهرة
والباطنة، الخفية والجلية، ومجازيهم عليها. وخص خبره بذلك اليوم، مع أنه خبير بهم
في كل وقت، لأن المراد بذلك، الجزاء بالأعمال الناشئ عن علم الله واطلاعه.
تفسير سورة الإسراء الآية 3 تفسير السعدي - القران للجميع
والقول الحسن داع لكل خلق جميل وعمل صالح فإن من ملك لسانه ملك جميع أمره. وقوله: ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزغُ بَيْنَهُمْ) أي: يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم. فدواء هذا أن لا يطيعوه في الأقوال غير الحسنة التي يدعوهم إليها، وأن يلينوا فيما بينهم لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم فإنه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم أن يحاربوه فإنه يدعوهم لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ وأما إخوانهم فإنهم وإن نزغ الشيطان فيما بينهم وسعى في العداوة فإن الحزم كل الحزم السعي في ضد عدوهم وأن يقمعوا أنفسهم الأمارة بالسوء التي يدخل الشيطان من قبلها فبذلك يطيعون ربهم ويستقيم أمرهم ويهدون لرشدهم. ( رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) من أنفسكم فلذلك لا يريد لكم إلا ما هو الخير ولا يأمركم إلا بما فيه مصلحة لكم وقد تريدون شيئا والخير في عكسه. ( إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) فيوفق من شاء لأسباب الرحمة ويخذل من شاء فيضل عنها فيستحق العذاب. ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلا) تدبر أمرهم وتقوم بمجازاتهم وإنما الله هو الوكيل وأنت مبلغ هاد إلى صراط مستقيم. ( وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) من جميع أصناف الخلائق فيعطي كلا منهم ما يستحقه تقتضيه حكمته ويفضل بعضهم على بعض في جميع الخصال الحسية والمعنوية كما فضل بعض النبيين المشتركين بوحيه على بعض بالفضائل والخصائص الراجعة إلى ما من به عليهم من الأوصاف الممدوحة والأخلاق المرضية والأعمال الصالحة وكثرة الأتباع ونزول الكتب على بعضهم المشتملة على الأحكام الشرعية والعقائد المرضية، كما أنزل على داود زبورا وهو الكتاب المعروف.
وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ( 58). أي: ما من قرية من القرى المكذبة للرسل إلا لا بد أن يصيبهم هلاك قبل يوم القيامة أو عذاب شديد. كتاب كتبه الله وقضاء أبرمه، لا بد من وقوعه، فليبادر المكذبون بالإنابة إلى الله وتصديق رسله قبل أن تتم عليهم كلمة العذاب، ويحق عليهم القول.
– أن يقوم بتحديد مقدار عيار الذهب الذي يمتلكه الفرد، وسعر البيع الخاص به في يوم إخراج الزكاة. زكاة الذهب والفضة. – في حالة زيادة وزن الذهب عن مقدار النصاب يتم حساب قيمة الزكاة على كمية الذهب النهائية
مصارف الزكاة
– إن مصارف الزكاة حددها الشرع ثمانية أصناف وبينها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم حيث قال: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ)
– الفقراء وهم الذين لا يجدون ما يكفيهم من طعام وشراب وضرورات الحياة هم وعائلاتهم. – المساكين وهم حالهم مثل حال الفقراء ولكن حاجة الفقراء أشد من حاجتهم. – العاملون على الزكاة وهم الذين يقوموا بتقسيم الزكاة ويجمعونها من أصحاب الأموال ويكتبونها بأمر من ولي أمر المسلمين. – المؤلفة قلوبهم وهم الذين يتم إعطائهم مال الزكاة حتى تتألف قلوبهم للإسلام، فإما أن يكونوا كفاراً ويرجى بإعطائهم الزكاة أن يعلنوا إسلامهم، وإما أن يكونوا مسلمين يقصد بإعطائهم من الزكاة أن يقوى إيمانهم، أو أشرار فيدفع أذاهم عن المسملين بالزكاة، ووقتها يكون المقصود من إعطائهم مال الزكاة هو مصلحة الإسلام والمسلمين.
زكاة الذهب والفضة
اعتُرِض على الاستدلال من السنة بما يلي:
بأن حديث ( المَسَكتين) قد ضعَّفه أكثر من واحد من أهل الدراية بالحديث، منهم الترمذي؛ فلا يصح الاحتجاج به [9]. أجيب على ذلك:
بأن هذا الحديث قد صحَّحه كثيرٌ من أهل المعرفة بالحديث، منهم ابن القطان، فقد قال فيه: إسناده صحيح، وقال فيه المنذري: إسنادُه لا مقال فيه، وقد وثَّق رجالَ هذا الحديث ابنُ المديني وابنُ مَعِين [10]. ومن المعقول:
القياس على التِّبْر بجامعِ أن كلاًّ منهما جنس الأثمان غالبًا، والتِّبْر تجب فيه الزكاة، فكذلك تجب في الحلي المباح [11]. اعترض على الدليل بإبداءِ الفَرْق بين الأصل وبين الفرع، فلا يصح القياس؛ ووجه الفرق: أن التِّبْر لم يستعمل استعمالاً يُخرِجه عن وجه النماء، فإذا لم يترك كان كنزًا، بخلاف الحلي. نصاب زكاة الذهب والفضة. وأجيب عن هذا: بأن استعمال الحلي لم يُخرِجه عن وجهِ النماء حكمًا، وهذا كافٍ في وجوب الزكاة، وعلى هذا فالفرق إن وجد فغير مؤثِّر [12]. أدلة مَن قال بعدم وجوب الزكاة:
استدلوا بالسنة والمعقول:
ما رواه الدارقطني بسنده إلى جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس في الحلي زكاة)) [13] ، فقد نفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة عن الحلي، وعدم وجوبها فيه [14].
وأحاديث خاصة رويت في الباب أيضًا، قد روى أبو داود، والنسائي بسند جيد، عن عبدالله بن عمرو -رضي الله تعالى عنهما-: أن امرأة دخلت على النبي ﷺ وفي يدها مسكتان من ذهب، وفي رواية: أسوارين من ذهب، فقال: أتعطين هذا؟ قالت: لا، قال: يسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة بسوارين من نار، فألقتهما قالت: هما لله ورسوله وسنده لا بأس به، وهو مؤيد للعام، ودال على ما دل عليه العام. وهكذا ما روته أم سلمة أنها قالت يا رسول الله،... أوضاح من ذهب، فقالت: يا رسول الله أكنز هذا؟ فقال لها النبي ﷺ: ما بلغ يزكى، فزكي؛ فليس بكنز ولم يقل إن الحلي ما فيها زكاة، فقال: ما بلغ يزكى، فزكي؛ فليس بكنز ، فدل على أن ما لم يزكى؛ فهو كنز في أدلة أخرى، وهذا هو الأرجح -إن شاء الله- والأقرب: أن فيها زكاة في الحلي إذا بلغت النصاب. ونصاب الذهب عشرون مثقالًا، مقداره من الجنيه السعودي الآن، إحدى عشر جنيهًا، وثلاثة أسباع، جنيه يعني حول النصف، فإذا كان الذهب عندها يبلغ هذا المقدار، إحدى عشر جنيه وثلاثة أسباع جنيه من الذهب، زكته، وما كان أقل من هذا؛ فليس فيه شيء. زكاة الذهب والفضة وعروض التجارة. والفضة مائة، وأربعون مثقالًا، فإذا كان لديها ما يبلغ من الفضة مائة، وأربعين مثقالًا، ستة وخمسين ريالاً فضة؛ يزكى وإن كان أقل من هذا، فليس بشيء، والواجب أن يزكى هذا... وما فوقه، هذا بيان الأقل إحدى عشر جنيه، ونصف، وست وخمسون من الفضة، هذا الأقل، فما زاد؛ فهو بحساب ذلك إلى الملايين، وآلاف الملايين.