خاتمة
نقلت الدولة الصفوية المذهب الشيعي الاثني عشري من فضائه الحر إلى المُقَوْلَبِ في مؤسسات حكومية يدين لها بالولاء، وساهمت في إبعاده عن جوهره التوحيدي حين ابتدعت سبّ الصحابة وتشريع الشهادة الثالثة (أن عَلِيّاً وَلِيُّ اللهِ)، مع ما أصابه من وراء التماهي بين الفقيه والسلطان من انزلاق عن مفهوم الإمامة الإلهية نتيجة تقاسُم السلطتين الروحية والزمنية.
تطوُّر الفكر السياسي الشيعي - 3 - نداء بوست
المهدي المنتظر عند الشيعة الإثني عشرية ـ جواد علي
المهدي المنتظر عند الشيعة الإثني عشرية
ـ
جواد علي
أصل هذا الكتاب أطروحة دكتوراه نال فيها جواد علي (1907ـ1987م) درجته العلمية من جامعة هامبورغ الألمانية في العام (1939م)، بإشراف المستشرق الألماني المتخصص في الدراسات الشيعية (شتروتمان) وغدت هذه الدراسة منذ إجازتها مرجعاً مهماً للدراسات الإسلامية في اللغة الألمانية بعد طباعتها ككتاب. واد%20علي
بمعنى آخر، يقرّر الفقيه (نيابة عن الإمام الغائب) كيفية تطبيق الشريعة وفقاً للظروف التي تحيط به. وترافق ظهور التيّار الأصولي في الاثني عشريّة، مع إستخدام مفهوم "النيابة العامّة المطلقة" التي لا تحتاج إلى تفويض من الإمام الغائب من أجل نقل السلطة الدينيّة كاملةّ إلى الفقيه؛ وهو أمر رفضه الأخباريون الاثناعشريون الذين أصرّوا على أنه في فترة الغيبة، يجب التقيّد بأخبار وسنّة الأئمة السابقين. وأوّل من أُطلق عليه لقب "نائب الإمام" كان العلامة علي الكركي (ت. 1534) في أوائل حكم الدولة الصفويّة. وأصبح هذا المفهوم شائعاً في القرن السادس عشر مع زين الدين العاملي (ت. تطوُّر الفكر السياسي الشيعي - 3 - نداء بوست. 16 رمضان 965) – المعروف بالشهيد الثاني – إذ يقول: "لا يتحقّق قصد النيابة عن الإمام عليه السلام مع عدم اتّصاف النائب بصفات الفتوى"، وهو يشير بذلك إلى أنّ النائب يجب أن يكون عالماً بالأحكام الشرعية وله القدرة فرديّاً على الاجتهاد والافتاء. وفي القرن الثامن عشر عُمّمَ مفهوم نيابة الإمام ليشمل أمور الحكم والسياسة، وهو الأساس الذي بنى عليه الإمام الخميني في ما بعد نظرية ولاية الفقيه. في كلا الحالتين، انتهى دور مؤسسة الخلافة عند الشيعة الاثني عشرية في بعده التنفيذي (إن كان دينياً أم سياسيّاً)، وبقي فقط في بعده العقائدي.