وبيان آخر شديد يبدوا أنه انتشر في سابق العصور وهو استحواذ الشيطان على قلوب العباد فجعلهم يذكرون الله بألسنتهم فقط وكأن ذلك القلب لم يُخلق لأجل تلك العبادة، فأوضحت كم الحقد وحب النفس والهوى حينما انصرف القلب عن ذكر الله وحب الدنيا. والأشد خطورة تزايد الموضوع فصار ذكر الله كأنه شيء ثانوي فلم يعد يُذكر باللسان ولا حتى القلب فنسوا الله والسّورة توضح كم الحزن والكرب التي وقع بالمؤمنين. ذكر الله أمر الصدقة وما يعود على المسلم من نفع بسبب ذلك الأمر ونجد أن الصدقة ذُكرت في معظم آيات القرآن الكريم، وإن دل فإنه يدل على مدى أهمية ذلك الأمر للمسلمين وما تفعله هذه الصدقة من لين القلب وإطفاء غضب الرب. وتوضح أهمية الهدوء والسكون أثناء المناقشة وإيجاد حلول للمشاكل بشكل سليم بعيدًا عن الانفعال الذي قد يؤدي لما لا يحمد عقباه. نص سبب نزول سورة المجادلة في كثير من المواضع على استفادة كبيرة وتم ذكر العديد من الأوامر والضوابط الخاص بالمسلمين وغير المسلمين، ولكن في المجمل كان السبب الأهم هو قصة خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن صامت. لذلك سُميت السورة بالمجادلة نسبة لتوضيح السبب الرئيسي لنزول الآية واقُتبست الكلمة من مجادّلة الزوجة لزوجها علاوة على أنها توضح وجود الرب بجانب العباد فهو يسمعهم ويشعر بانكسار قلوبهم.
- أسباب نزول سورة المجادلة - Layalina
أسباب نزول سورة المجادلة - Layalina
[١٠] ورد في سبب النزول أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان في الصُّفة، وكان المكان لا يتّسع لكثيرٍ من النّاس، فأراد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يُكّرم البدريّين، وهم كلّ من شهد غزوة بدر من المهاجرين والأنصار. [٩] فلمّا جاء أُناس منهم قاموا أمام رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولم يجدوا مكانًا ليجلسوا فيه؛ فبدأ يأمر الجالسين بالقيام لإكرام أهل بدر، فشقّ عليهم ذلك. ورأى رسول الله ذلك في وجوههم، فبدأ المنافقون يثيرون الفتنة بين المسلمين بسبب ما فعل رسول الله حين أمرهم بالقيام لأهل بدر، فأنزل الله -تعالى- هذه الآية. [٩]
المنافق الذي كان يجالس الرسول وينقل كلامه لليهود
جاء في سبب نزول قوله -تعالى-: (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ ۚ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُون) ، [١١] أنّها نزلت في عبد الله بن نبتل؛ وهو أحد المنافقين الذين كانوا يجالسون رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وكان ينقل كلّ ما يسمعه في مجلسه إلى اليهود. [٩] وسأله رسول الله ذات مرةٍ عن سبب إيصال كلامه لليهود، فحلف بالله أنّه لم يفعل ذلك، وذهب فأحضر أصحابه فشهدوا معه، فأنزل الله -تعالى- هذه الآية. [٩]
المراجع
مقاصد سورة المجادلة من الآية 12 حتَّى 22
أمَّا الآيات الأخيرة من سورة المجادلة فقد تناولتِ الحديث عن المنافقين الذين صاحبوا اليهود ونقلوا إليه أخبار المسلمين، فنزلتْ هذه الآيات تعرِّي خبث نفوسهم وتبيِّن مصيرهم المشؤوم يوم القيامة ، ثمَّ اختتمت الآيات بالحديث عن حقيقة حب المسلمين بعضهم بعضًا في الله تعالى، والبغض أيضًا في الله تعالى، وأمرت الآيات المسلمين بعدم مناصرة أعداء الإسلام والمسلمين تحت أي ظرف، والله تعالى أعلم.