محمد سعيد
هناك كتابات عديدة إسلامية تعلن بكل بساطة ووضوح أن الذبيح الإبراهيمي هو إسحاق وليس إسماعيل، بناء على ما أتت به التوراة قبل الإسلام بآلاف السنين. فقد جاء بسورة الصافات (37: 101 – 107): "فبشرناه بغلام حليم، فلما بلغ السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك، فانظر ماذا ترى، قال يا أبت افعل ما تؤمر به ستجدني إن شاء الله من الصابرين.. من هو الذبيح: إسماعيل أم إسحاق عليهما السلام؟ - الشيخ صالح المغامسي - YouTube. وفديناهُ بذبح عظيم". وهذا دليل قرأني على أن الغلام المُبشر به هو إسحاق، ابن إبراهيم الذبيح، بناء على ما جاء في سورة "الصافات"(37: 112): "وبشْرناه بإسحاق نبياً من الصالحين"، وكذلك في سورة "هود(11: 71) ": "فبشْرنا بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب"، وكذلك في سورة "الأنعام(6: 84) ": "ووهبنا إسحاق ويعقوب كلا هدينا". وقد تكررت هذه الآية في عدة مواضع قرآنية، منها سورة مريم (19: 49) وسورة العنكبوت (29: 27) وسورة الأنبياء (21: 71). وقد ذكرت دائرة المعارف الإسلامية ما قاله ابن خلدون في تاريخه أن "الذبيح هو إسحاق ابن إبراهيم لأن النص القرآني يقتضي أن الذبيح هو المُبشًر به، ولم يُبشًر إبراهيم بولد إلاً من زوجته سارة. ويعدد ابن خلدون أشهر القائلين بالذبيح إسحاق بقوله: "والقول بإسحاق للعباس وعمر وعلي وابن مسعود، وكعب الأحبار وزيد بن أسلم ومسروق، وعكرمة وسعيد بن جبير وعطا والزهري ومكحول، والسدي وقتادة"، ويختم موافقا الطبري في أن الذبيح هو "إسحاق المبشر به"، إذ يستطرد قائلاً: "فالمبشر به قبل ذلك كله، إنما هو ابن سارة، فهو الذبيح بهذه الدلالة القاطعة، وبشارة الملائكة لسارة بعد ذلك حين كانوا ضيوفا عند إبراهيم، إنما كان تحديا للبشارة المتقدمة.
- من هو الذبيح اسماعيل ام اسحاق
- من هو الذبيح ابن باز
من هو الذبيح اسماعيل ام اسحاق
ثم قال بعد ذلك عاطفاً على البشارة الأولى: وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ. من هو الذبيح اسماعيل ام اسحاق؟. فدل ذلك على أن البشارة الأولى شيء غير المبشر به في الثانية، لأنه لا يجوز حمل كتاب الله على أن معناه: فبشرناه بإسحاق، ثم بعد انتهاء قصة ذبحه يقول أيضاً: وبشرناه بإسحاق، فهو تكرار لا فائدة فيه ينزه عنه كلام الله، وهو واضح في أن الغلام المبشر به أولاً الذي فدي بالذبح العظيم هو إسماعيل، وأن البشارة بإسحاق نص الله عليها مستقلة بعد ذلك. وقد أوضحنا في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً. أن المقرر في الأصول: أن النص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إذا احتمل التأسيس والتأكيد معاً وجب حمله على التأسيس ولا يجوز حمله على التأكيد إلا لدليل يجب الرجوع إليه، ومعلوم في اللغة العربية أن العطف يقتضي المغايرة، فآية الصافات هذه دليل واضح للمنصف على أن الذبيح إسماعيل لا إسحاق، ويستأنس لهذا بأن المواضع التي ذكر فيها إسحاق يقينا عبر عنه في كلها بالعلم لا الحلم، وهذا الغلام الذبيح وصفه بالحلم لا العلم. وأما الموضع الثاني الدال على ذلك الذي ذكرنا أنه في سورة هود، فهو قوله تعالى: وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ.
الذي حدث أن إبراهيم أخذ هاجر وإسماعيل، وسار بهما إلى الحجاز وتركهما بمكة، حيث تزوج إسماعيل امرأة من قبيلة جُرْهم. لما ماتت هاجر، عاد إبراهيم إلى ابنه إسماعيل، وبنيا الكعبة، ثم… أُمر إبراهيم بأن يذبح ابنه! وهنا اختلف الناس في الابن الذي أُمر إبراهيم بذبحه، هل هو إسحاق أم إسماعيل؟
اقرأ أيضا: الحنيفية: عن دين إبراهيم في "الجاهلية"! من هو الذبيح اسماعيل ام اسحاق. 3/1
المؤكد أن الله أو إيل في الأخير… قد فدى ابن إبراهيم بكبش. … إنه اختلاف يتعلق باختيار الشعب الموعود! وحتى القرآن حين ذكر قصة الذبح هذه، لم يذكر الذبيح بالاسم. "الظاهر من القرآن… أن الذبيح هو إسماعيل؛ لأنه ذكر قصة الذبيح، ثم قال بعده: "وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين". الواقع أن هذه المشكلة، قبل أن تصادف فقهاء الإسلام، صادفت رجال الدين في المسيحية… كيف يُؤمر إبراهيم بذبح إسحاق وهو ابنه الموعود الذي يخرج منه شعب الله المختار؟
ويبدو أن إحدى رسائل العهد الجديد (الرسالة إلى العبرانيين) [1] ، قد وجدت حلا لهذه المشكلة: "إن إبراهيم بالإيمان قدم إسحاق وحيده الذي قيل له: إنه بإسحاق يدعى لك نسل؛ إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات". هنا يقع التناقض… كيف يكون إسحاق وحيد إبراهيم، وقد ولد بعد إسماعيل؟ فإسحاق لم يكن وحيدا مع وجود إسماعيل، بينما كان إسماعيل وحيدا… قبل مولد إسحاق.
من هو الذبيح ابن باز
لأن رسل الله من الملائكة بشرتها بإسحاق، وأن إسحاق يلد يعقوب، فكيف يعقل أن يؤمر إبراهيم بذبحه وهو صغير وهو عنده علم يقين بأنه يعيش حتى يلد يعقوب. فهذه الآية أيضاً دليل واضح على ما ذكرنا، فلا ينبغي للمنصف الخلاف في ذلك بعد دلالة هذه الأدلة القرآنية على ذلك، والعلم عند الله تعالى. انتهى...
وراجع للمزيد من البسط والأدلة وبيان تفنيد القول الآخر زاد المعاد وتفسير ابن كثير. والله أعلم.
الواقع أن مصادر اليهود عن حالة العرب الدينية سكتت كل السكوت، حتى تلك التي ترجع إلى القرن السابع قبل الميلاد. اقرأ أيضا: الإسرائيليات في الثقافة الإسلامية: أصل الحكاية
وللسكوت لسان أحيانا! هذه المصادر، كما أسلفنا، تعمدت إخراج أبناء إسماعيل من حقوق الوعد الذي تلقاه إبراهيم من ربه، وقالت: إن هذا الوعد، إنما هو حق لأبناء إبراهيم من سلالة إسحاق. ومن ثم، في أبناء يعقوب وأبناء داود. انتساب العرب إلى إسماعيل إذن، يقول العقاد، كان تاريخا مقررا لا سبيل إلى إنكاره! هكذا، يؤكد أن العرب، لو أرادوا أن يخترعوا، لما اخترعوا نسبا ينتمون به إلى جارية، فيما خُص غيرهم بالانتماء إلى سيدة مختارة. ظلت هاجر تطارد العرب، فكانوا يسمون بالهاجريين، وأيضا بالإسماعيليين، نسبة إلى إسماعيل…
ومن ثم، فالانتساب إلى إبراهيم لم يكن مسألة اختراع… ولكنه مسألة تاريخ مقرر، يرى العقاد أنه… لا بد من إعادة البحث فيه. من هو الذبيح: إسماعيل أم إسحاق عليهما السلام؟ - الصفحة 5 - هوامير البورصة السعودية. في كتابه "الفتوحات العربية في روايات المغلوبين"، يشير الباحث اللبناني حسام عيتاني، إلى أن المؤرخ أوسابيوس (أبو التاريخ الكنسي)، كان أول من اعتبر العرب شعبا من الشعوب التي تحدثت عنها التوراة. أي أنهم أبناء إسماعيل؛ أو بالأحرى الأمّة التي حرمت من الوعد الإلهي.
يعرض الأمر عليه كالذي يعرض المألوف من الأمر، فالأمر في حسِّه هكذا، ربُّه يريد؛ فليكن ما يريد! على العين والرأس! وابنه ينبغي أن يعرف، وأن يأخذ الأمر طاعة وإسلامًا، لا قهرًا واضطرارًا؛ لينال أجر الطاعة، وليسلّم ويتذوق حلاوة التسليم! أجل؛ أراد لابنه أن يتذوق لذة التطوع التي ذاقها؛ وأن ينال الخير الذي يراه أبقى من الحياة وأقنى. أيها الإخوة: ماذا كان رأي الابن الذي يعرض عليه أبوه الذبح؟! إنه يرتقي إلى الأفق الذي ارتقى إليه من قبلُ أبوه؛ فيتلقى الأمر بكل رضًا وتسليم ويقين: ( قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات:102]. ( يَا أَبَتِ)، في مودة وقربى، فشبح الذبح لا يزعجه ولا يفزعه ولا يفقده رشده؛ بل ولم يفقده أدبه ومودته، ( افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ)! إسحاق الذبيح وليس إسماعيل. فكما أن الأب اعتبر الإشارة أمرًا فكذلك يفعل الابن، يلبي وينفذ بغير لجلجة ولا تمحل ولا ارتياب، وطّن نفسه على الصبر، وقرن ذلك بمشيئة اللّه -تعالى-، لأنه لا يكون شيء بدون مشيئة الله -تعالى-، وأرجع الفضل كله لله، فهو الذي أعانه على ما يُطْلَبُ إليه، وصبَّره على ما يراد به: ( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).