وحين أدركت الفئة الحاكمة أنّها ليست المؤهّلة للحكم وأنّها قاصرة علميا ؛ اتّخذت عدّة إجراءات لمعالجة هذه المثالب منها:
1 - منع نشر أحاديث رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله) لما فيها من التوجيه العلمي والبعث نحو الوعي والفاعلية في الحياة ، إضافة إلى أنّ أحاديث الرسول تعلن بوضوح أنّ أهل البيت هم المعنيّون بالخلافة وشؤون الرسالة دون من عداهم ، ومن هنا نعلم السرّ في رفع شعار « حسبنا كتاب اللّه » الذي تحدّى قائله به رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله) في مرضه عندما أراد أن يدوّن كتابا لن تضلّ الامّة من بعده. ويبدو أنّ ظاهرة تحديد أو منع نشر أحاديث النبيّ بدأت قبل هذا التأريخ ، وذلك عندما منعت قريش عبد اللّه بن عمرو بن العاص من كتابة الأحاديث [2] ، كما قامت السلطة الحاكمة بحرق الكتب التي تضمّنت نصوصا من أحاديث الرسول [3]. 2 - إنّ ظاهرة النهي عن السؤال عمّا لا يعلم من معاني الآيات القرآنية تعني تجريد الامّة من سلاح البحث والتحقيق والتعلّم للقرآن نفسه بعد عزل السنّة عن القرآن ، والاهتمام بظواهر القرآن من دون فسح المجال للتدبّر والتفقّه في آياته وأحكامه حتى أوصى عمر عمّاله قائلا: « جرّدوا القرآن وأقلّوا الرواية عن محمّد وأنا شريككم ».
- مولد الإمام الكاظم الربيعي
مولد الإمام الكاظم الربيعي
وببركة ارشاده ووعظه لهم تركوا ماهم فيه من الغيّ والضلال وصاروا من عيون المؤمنين. مولد الإمام الكاظم عزاء. لقد كان عليه السلام يدعو الناس إلى فعل الخير ويدلهم على العمل الصالح ويحذرهم لقاء الله واليوم الآخر، فقد سمع رجلا يتمنى الموت فانبرى عليه السلام له قائلا: هل بينك وبين الله قرابة يحابيك بها؟ فقال:لا، قال له عليه السلام: "فأنت إذن تتمنّى هلاك الابد". سابعا- إحسانه إلى الناس: وكان الإمام عليه السلام بارّا بالمسلمين محسنا إليهم، فما قصده أحد في حاجة إلا قام بقضائها، فلا ينصرف منه إلا وهو ناعم الفكر مثلوج القلب، وكان عليه السلام يرى أن ادخال الغبطة على الناس وقضاء حوائجهم من أهم أفعال الخير فلذا لم يتوان فقط في إجابة المضطر ورفع الظلم عن المظلوم وقد اباح لعلي بن يقطين الدخول في حكومة هارون الرشيد وجعل كفارة عمل السلطان الاحسان إلى الاخوان مبرّرا له، وقد فزع اليه جماعة من المنكوبين فكشف آلامهم وملأ قلوبهم رجاءا ورحمة. إن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام هو من العترة الطاهرة ومن شجرة النبوة الباسقة والدوحة العلوية اليانعة ومحط علم الرسول وباب من ابواب الوحي والايمان ومعدن من معادن علم الله وبيت أهل النبوة الطاهرة الزكية.
وانبرى بريهة إلى الإمام الصادق ( عليه السلام) قائلاً: جعلت فداك ، أنّى لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء ؟! قال ( عليه السلام): ( هي عندنا وراثة من عندهم ، نقرؤها كما قرأوها ، ونقولها كما قالوها ، إنّ الله لا يجعل حجّة في أرضه يسأل عن شيء ، فيقول: لا أدري). وبعدها لزم بريهة الإمام الصادق ( عليه السلام) ، وصار من أخلص أصحابه ، ولما انتقل الإمام إلى دار الخلود اتصل بالإمام الكاظم ( عليه السلام) حتّى توفّي في عهده. 5ـ مناظرته ( عليه السلام) مع راهب نصراني: كان في الشام راهب معروف تقدّسه النصارى وتعظّمه ، وتسمع منه ، وكان يخرج لهم في كل يوم يوماً يعظهم ، التقى به الإمام الكاظم ( عليه السلام) في ذلك اليوم الذي يعظ به ، وقد طافت به الرهبان ، فلمّا استقر المجلس بالإمام التفت إليه الراهب قائلاً: يا هذا ، أنت غريب ؟ قال ( عليه السلام): ( نعم). فقال: منّا أو علينا ؟ قال ( عليه السلام): ( لست منكم). فقال: أنت من الأمّة المرحومة ؟ قال ( عليه السلام): ( نعم). فقال: أمن علمائها أمن جهّالها ؟ قال ( عليه السلام): ( لست من جهّالها). ولادة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام). فاضطرب الراهب ، وتقدّم إلى الإمام ( عليه السلام) يسأله عن أعقد المسائل عنده ، قائلاً: كيف طوبى أصلها في دار عيسى عندنا ، وعندكم في دار محمّد ، وأغصانها في كل دار ؟ قال ( عليه السلام): ( إنّها كالشمس يصل ضوؤها إلى كل مكان وموضع ، وهي في السماء).