وأجمع المسلمون على هذه الكلمة العظيمة: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. أما المرتبة الرابعة فهي الخلق: أن تؤمن بأن الله تبارك وتعالى خالق كل شيء، كما قال الله تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ، وقال تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾. وقد ذكر الله تعالى الخلق عاماً كما في هاتين الآيتين، وذكره خاصاً مثل قوله: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ ، وقوله: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُون﴾. فكل شيء سوى الله فهو مخلوق، خلقه الله عز وجل، سواء في الأعيان أو في الأفعال أو في الأوصاف. فالآدمي له جثة، له جسد، من خلق هذا؟ الله عز وجل، الآدمي طويل وقصير، وأبيض وأسود، من قدر هذا؟ الله عز وجل، الآدمي له عمل و حركة، صالح أو غير صالح، من خلق هذا العمل؟ الله عز وجل؛ لأن عمل الإنسان من صفات الإنسان، والإنسان مخلوق فصفاته مخلوقة. ما حكم الإيمان بالقضاء والقدر؟ - محمد بن صالح العثيمين - طريق الإسلام. ودليل ذلك ما ذكرته الآن: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾ ، ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾. فيجب علينا أن نؤمن بالقدر على هذه المراتب الأربع: علم الله، كتابته في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء، مشيئة الله لكل موجود ومعدوم وحركة وسكون، خَلْقُ الله لكل موجود ومعدوم وحركة وسكون.
ما حكم الإيمان بالقضاء والقدر؟ - محمد بن صالح العثيمين - طريق الإسلام
قال الله تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ العالمين﴾[التكوير: 28- 29]. وقال -تبارك وتعالى-: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾[البقرة: 253]. الأمر الرابع: أن تؤمن بأن الله تعالى خالق كل شيءٍ في السماوات والأرض، كما قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾[الزمر: 62] حتى أعمال العبد مخلوقة لله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾[الصافات: 96]. ووجه كون فعل العبد مخلوقاً لله: أن فعل العبد واقعٌ بإرادة العبد وقدرة العبد، وإرادة العبد وقدرة العبد مخلوقتان لله -عز وجل- ، وخالق السبب التام خالقٌ للمسبب، فإذا كان فعل الإنسان ناتجاً عن إرادةٍ وقدرة وهما مخلوقتان لله؛ صار فعل العبد مخلوقاً لله -عز وجل- ، فلا بد في الإيمان بالقدر من الإيمان بهذه الأمور الأربعة: علم الله، كتابة كل شيء كائن إلى يوم القيامة في لوحٍ محفوظ، مشيئة الله، خلق الله.
أمراً من عندنا إنا كنا
مرسلين}.