ولا يذكر فيم كان البغي ، ليدعه مجهلا يشمل شتى الصور. فربما بغى عليهم بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشياءهم - كما يصنع طغاة المال في كثير من الأحيان - وربما بغى عليهم بحرمانهم حقهم في ذلك المال. حق الفقراء في أموال الأغنياء ، كي لا يكون دولة بين الأغنياء وحدهم ومن حولهم محاويج إلى شيء منه ، فتفسد القلوب ، وتفسد الحياة. وربما بغى عليهم بهذه وبغيرها من الأسباب. وعلى أية حال فقد وجد من قومه من يحاول رده عن هذا البغي ، ورجعه إلى النهج القويم ، الذي يرضاه الله في التصرف بهذا الثراء ؛ وهو نهج لا يحرم الأثرياء ثراءهم ؛ ولا يحرمهم المتاع المعتدل بما وهبهم الله من مال ؛ ولكنه يفرض عليهم القصد والاعتدال ؛ وقبل ذلك يفرض عليهم مراقبة الله الذي أنعم عليهم ، ومراعاة الآخرة وما فيها من حساب: إذ قال له قومه: لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين. وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ، ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ، ولا تبغ الفساد في الأرض. إن الله لايحب المفسدين. وفي هذا القول جماع ما في المنهج الإلهي القويم من قيم وخصائص تفرده بين سائر مناهج الحياة. ( لا تفرح).. الله لا يحب الفرحين. فرح الزهو المنبعث من الاعتزاز بالمال ، والاحتفال بالثراء ، والتعلق بالكنوز ، والابتهاج بالملك والاستحواذ.. لا تفرح فرح البطر الذي ينسي المنعم بالمال ؛ وينسي نعمته ، وما يجب لها من الحمد والشكران.
ما هو تفسير الآية &Quot; إن الله لا يحب الفرحين &Quot; ؟
لا تفرح فرح الذي يستخفه المال ، فيشغل به قلبه ، ويطير له لبه ، ويتطاول به على العباد.. ( إن الله لا يحب الفرحين).. فهم يردونه بذلك إلى الله ، الذي لا يحب الفرحين المأخوذين بالمال ، المتباهين ، المتطاولين بسلطانه على الناس.
لا تفرح كهؤلاء فتشقي.. إن الله لا يحب الفرحين!
أما تسميته بقصر قارون، يؤكد أحمد عبد العال أنها تعود إلى أنه قديما كان يطلق على الجزء اليابس من البحيرة قرن، ولتعدد الأجزاء اليابسة فى بحيرة قارون سميت بحيرة (قرون) وقصر (قرون)، ثم تحرف الاسم وأصبح بحيرة وقصر (قارون).
تفسير قوله تعالى ..إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِين - إسلام ويب - مركز الفتوى
لا تكن مِن هؤلاء:
حبيبي الغالي، إياك أنْ تقفَ هذا الموقف في: ظلم، وخداع، ونفاق، وغش، وشهادة زور ثم تفرح. تفسير قوله تعالى ..إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِين - إسلام ويب - مركز الفتوى. حبيبي الغالي، لا تكن مِن هؤلاء: ﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 188]. ولا تكن من هؤلاء: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44]. وإيَّاك أن تكن من هؤلاء: ﴿ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴾ [التوبة: 81]. ولا تكن من هؤلاء: ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾ [الرعد: 26]؛ لأنَّ مصير الفرح الزائف، الفرح غير الشرعي، الفرح بغير الحق - هو المقت واللعن في الدنيا، والعذاب والانتقام في الآخرة؛ ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 81] لماذا؟ ﴿ ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ ﴾ [غافر: 75].
الله لا يحب الفرحين
ولقد كان فرح قارون من النوع السلبي المذموم، وسار به الفرحُ لمنزلقٍ خطير، هو منزلق الكبر والفخر والعجب، فوقع في براثن هذه الآفات فخسر محبة الله - جل جلاله - التي معها الفوز والنجاة، ولم تسعفه قرابته من موسى عليه السلام، ولم يسعفه كثرة تلاوته للتوراة، لقد ذهب كل ذلك هباءً عندما فرح قارون فرح المغرور المخدوع، فخرج من نطاق محبة الله - جل جلاله - فخسر كل شيء. [1] المحكم والمحيط الأعظم؛ ابن سيده (3 / 311). [2] انظر: تفسير الكشف والبيان؛ للنيسابوري (7 / 269). [3] تفسير القرآن العظيم؛ ابن كثير (6 / 253). [4] الدر المنثور؛ جلال الدين السيوطي (6 / 479). [5] جامع البيان في تأويل القرآن؛ ابن جرير الطبري (15 / 105). [6] سنن ابن ماجه، باب فضل الشهادة في سبيل الله (2 / 935)، حديث: 2799. [7] تفسير البحر المحيط؛ أبو حيان الأندلسي (3 / 32). [8] أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير؛ أبو بكر الجزائري (3 / 26). [9] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن؛ محمد الأمين الشنقيطي (7 / 549). [10] أيسر التفاسير؛ أسعد حومد ( 1 / 481). لا تفرح كهؤلاء فتشقي.. إن الله لا يحب الفرحين!. [11] صحيح البخاري، باب: ﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا ﴾ (4 / 1664، حديث: 4291).
اللهم فرِّحنا بالإسلام، وفرحنا بالقرآن، وفرحنا بالإيمان، وشَفِّع فينا الصيام والقرآن، واجعلنا من المخلصين لك، العاملين لدينك، الفَرِحين بلقائك، التَّوَّاقين للقاء حبيبك وصفيك في الجنة، اللهم ارزقنا الإخلاصَ في القول والعمل، ولا تَجعل الدُّنيا أكبر هَمِّنا ولا مبلغ علمنا، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلِّم، والحمد لله رب العالمين.