وتأمل معي كلمة (حِجْراً مَّحْجُوراً) في الآية كيف تعبر عن جدار منيع وقوي وهذا ما نجده فعلاً، فهذه القوى الناشئة بين النهر والبحر في منطقة البرزخ هي جدار لا يمكن اختراقه. ومن علم ميكانيك السوائل نعلم بأن أي جدار يتم بناؤه يقوم على أساس دراسة القوى التي ستقع على هذا الجدار. من آيات الله في البحار 2. لذلك نجد أن التعبير القرآني عن الحاجز بين النهر والبحر بأنه (حِجْر) تعبير دقيق من الناحية العلمية. كما أن هنالك فارقاً في قوى الضغط التي يسببها النهر على البحر والقوة المعاكسة التي يسببها البحر على النهر، وتكون النتيجة أن هنالك منطقة متوسطة هي البرزخ وعلى جانبيه ضغوط مختلفة يتحملها وكأنه جدار محصَّن وقوي. لذلك قال تعالى في آية أخرى: (أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [النمل:61]. إن الغوص في الماء ومعرفة أسرار البحار كان من رغبات الإنسان منذ وجوده على الأرض. ولكن الإنسان في الحالة الطبيعية لا يمكنه الغوص لأكثر من أمتار معدودة وذلك بسبب الضغط الكبير المتولد من وزن الماء فوقه.
- من آيات الله في البحار تاروت
- من آيات الله في البحار كامل
- من آيات الله في البحار 2
من آيات الله في البحار تاروت
إن البحر آية عظيمة من آيات الله ومخلوقا كبيراً من مخلوقاته ضرب الله به المثل في التوسع والتعمق والامتداد فقال: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴾ [الكهف: 109] وقال: ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [لقمان: 27]. ومن رحمة الله أنه وزع البحار والأنهار بين البشرية جمعاء حتى يجد سكان كل بلد ما يكفيهم ويكون مصدراً من مصادر رزقهم وغذائهم يقول الله ﴿ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [النمل: 61]. البحر فيه أسرار كثيرة وعجائب غريبة وثروات دفينة ومخلوقات عجيبة يبهر الإنسان بجماله ويحير العقل بسعته وامتداده فهو آية من آيات الله العظمى وخلقاً من مخلوقاته الكبرى ونعمة من نعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الجاثية: 12].
من آيات الله في البحار كامل
كان يقول: إذا تقدم العلم، فلا بد أن يتراجع الدين!! لكنه عندما سمع معاني آيات القرآن بهت! وقال: إن هذا لا يمكن أن يكون كلام بشر!! ويأتي البروفيسور (دورجاروا) أستاذ علم جيولوجيا البحار ليعطينا ما وصل إليه العلم في قوله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) [سورة النور: 40]. فيقول لقد كان الإنسان في الماضي لا يستطيع أن يغوص بدون استخدام الآلات أكثر من عشرين متراً، ولكننا نغوص الآن في أعماق البحار بواسطة المعدات الحديثة، فنجد ظلاماً شديداً على عمق مائتي متر.. من آيات الله في البحار كامل. الآية الكريمة تقول: (بَحْرٍ لُّجِّيٍّ). كما أعطتنا اكتشافات أعماق البحار صورة لمعنى قوله تعالى: (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) فالمعر وف أن ألوان الطيف سبعة منها: الأحمر والأصفر والأزرق والأخضر والبرتقالي... إلى آخره، فإذا غصنا في أعماق البحر تختفي هذه الألوان واحدا بعد الآخر، واختفاء كل لون يعطي ظلمة، فالأحمر يختفي أولا ثم البرتقالي ثم الأصفر، وآخر الألوان اختفاء هو اللون الأزرق على عمق مائتي متر، كل لون يختفي يعطي جزءا من الظلمة حتى تصل إلى الظلمة الكاملة.
من آيات الله في البحار 2
وهذا ما تظهره صور الأقمار الاصطناعية. هذه السحب الكثيفة تحجب جزءاً كبيراً من نور الشمس ويبقى جزء صغير ليخترق أمواج البحر السطحية وبعد ألف متر تقريباً ينعدم الضوء تماماً عند مستوى الأمواج العميقة. لذلك يقول تعالى: (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) ، فالأمواج تساهم في حجب قسم كبير من الأشعة الضوئية أيضاً. من آيات الله في البحار تاروت. فيكون لدينا ظلام في قاع البحر، ومن فوقه طبقة من الأمواج الداخلية التي تضيف طبقة ثانية من الظلام، ثم يأتي الماء الموجود فوق هذه الأمواج والذي يضيف طبقة ثالثة من الظلام، ثم تأتي الأمواج على سطح البحر والتي تضيف طبقة رابعة من الظلام ثم تأتي طبقة الغلاف الجوي فوق سطح البحر لتشكل طبقة خامسة من الظلام ثم السحاب والغيوم الركامية التي تشكل طبقة سادسة وهكذا (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ)، فهل يمكن لإنسان يعيش تحت هذه الظلمات أن يرى يده؟ كذلك الذي ضل عن سبيل الله ونسي لقاءه أنَّى له أن يرى نور الإيمان! إذا كان الإنسان قبل مجيء القرن العشرين لا يستطيع الغوص في الماء إلا لعدد من الأمتار، كيف علم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلّم بهذه الأمواج في أعماق البحار؟ هل درس رسول الله عليه الصلاة والسلام قوانين انكسار الضوء، وكيف يفقد الضوء جزءاً من طاقته عندما يخترق الماء أو الأمواج؟ إن الضوء الذي يخترق ماء البحر على عمق مائة متر لا يبقى منه إلا أقل من واحد بالمئة على مثل هذا العمق، فكيف على أعماق آلاف الأمتار؟
إن الأمواج العمقية في البحر لم يتم كشفها إلا منذ أقل من مائة سنة، ولم يتم دراستها وتصويرها إلا منذ سنوات قليلة فقط.
واسمعوا يا عباد الله كيف صور القرآن الكريم هيجان البحر واضطراباته وظلمة أمواجه التي يغطي بعضها بعضاً فقال ﴿ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40]. إنه موقف رهيب يبعث في النفس الرهبة والخوف من الله ويذكر الإنسان بعظمة الله حينما تتلاطم الأمواج بالإنسان ويرى الموت والهلاك بأم عينه فهنا يخفق القلب ويتجمد العقل وترتعد الفرائص وتشتد الأطراف من هول الموقف وشدة المنظر يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾ [هود: 42] كَالْجِبَالِ. آيات الله في البحار – موسوعة الكحيل للاعجاز العلمي. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح (ومن ركب البحر عند ارتجاجه فمات؛ فقد برئت منه الذمة] السلسلة الصحية (828). إن البحر جندي من جنود الله إذا أمره الله أن يثور فإن ثورانه عظيم وغليانه شديد وتحركاته الداخلية رهيبة جداً لا يقدر على ردها أحد ولن يستطيع الوقوف أمام مدها أي شيء لأن في قشرة أرضه براكين شديدة الحرارة تؤثر في قشرة الأرض تحت البحر فتنصهر منها نيران حارقة يضطرم البحر فوقها ويفور يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ [التكوير: 6] أي أوقدت فصارت ناراً مشتعلة وتأملوا في قوله " سُجِّرَتْ " بتشديد الجيم أي أنها من كثرة الوقود عليها في قاع البحر سُجِّرَتْ أي أحمرت حتى صارت ناراً حمراء كالدم.